رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

طارق توفيق: عدد سكان مصر يصل إلى ما بين 160 و180 مليون نسمة بحلول 2050

طارق توفيق مع محررة
طارق توفيق مع محررة الدستور

كشف الدكتور طارق توفيق، نائب وزيرة الصحة لشئون السكان، عن وجود ٣ سيناريوهات بشأن الزيادة السكانية المتوقعة فى مصر حتى عام ٢٠٥٠، من بينها وصول عدد سكان الجمهورية إلى ١٨٠ مليون نسمة، وذلك حال ثبات معدل الإنجاب الكلى المسجل فى ٢٠١٤، وهو ٣٥٠ طفلًا لكل ١٠٠ سيدة.
وقال «توفيق»، فى حواره مع «الدستور»، إنه لا يمكن الجزم بتأثير فترة جائحة فيروس «كورونا المستجد» والحجر المنزلى على معدل الزيادة السكانية، خلال الفترة الحالية، مبينًا أن التأثير سيظهر خلال العامين المقبلين، أو خلال العام المقبل على الأقل.
وتحدث عن خطط المجلس القومى للسكان لكبح معدل الزيادة السكانية، وأبرز الصعوبات التى تواجههم فى تنفيذها، بالإضافة إلى الحلول المقترحة للأزمة.

■ بداية.. ما سيناريوهات الزيادة السكانية المتوقعة فى مصر حتى عام ٢٠٥٠؟
- هناك ٣ سيناريوهات مرتبطة بتنبؤات السكان فى مصر، الأول هو الوصول إلى عدد سكان ١٧٨.٠٣ مليون فى عام ٢٠٥٠، وذلك فى حالة ثبات معدل الإنجاب لكل سيدة ٣.٣٣ طفل «٣٣٣ طفلًا لكل ١٠٠ سيدة».
والثانى هو وصول عدد السكان إلى ١٥٩.٩ مليون نسمة فى ٢٠٥٠، حال وجود معدل إنجاب متوسط، أى ٣١٣ طفلًا لكل ١٠٠ سيدة، أما السيناريو الثالث فيصل بنا إلى أكثر من ١٨٠ مليون نسمة عام ٢٠٥٠، حال ثبات معدل الإنجاب الكلى المسجل، وفقًا لبيانات المسح الصحى الديموجرافى فى ٢٠١٤، وهو ٣٥٠ طفلًا لكل ١٠٠ سيدة.
كما أن النمو الحضرى سيزيد من ٤٢٪ حاليًا إلى ٥٥٪ فى عام ٢٠٥٠، وذلك من ٤٢ لـ٩٠ أو١٠٠ مليون نسمة يسكنون المدن.
■ ما المحافظات التى تتصدر قائمة الأعلى إنجابًا؟
- لم يتغير ترتيب تلك المحافظات منذ ٤ سنوات، وتشمل المنيا، تليها سوهاج وأسيوط، ثم بنى سويف والفيوم والإسكندرية، وأخيرًا بورسعيد فى ذيل القائمة.
■ وماذا عن تأثير جائحة فيروس «كورونا» على الزيادة السكانية؟
- لا يمكن الجزم بتأثير فترة جائحة فيروس «كورونا» والحجر المنزلى خلال الفترة الحالية، وإنما سيظهر تأثيرها خلال العامين المقبلين، لكن المعدلات لم تتغير حتى الآن، وسيبدأ تأثيرها فى الظهور خلال العام المقبل على الأقل.
■ كيف تؤثر الزيادة السكانية على موارد الدولة؟
- سنكون بحاجة لاستثمار مستمر فى محورى التعليم والصحة، وتوفير فرص عمل بمعدلات المواليد الحالية التى تقدر بنحو ٢ مليون مولود سنويًا، إضافة إلى ٩٠٠ ألف خريج سنويًا.
وبنظرة مستقبلية إلى عام ٢٠٥٠، سيكون هناك عدد هائل من الشباب بحاجة إلى فرص عمل فى مقابل موارد أقل، ومنها نصيب الفرد من المياه والأراضى الزراعية.
فوفقًا لإحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء هناك تآكل كبير فى الأراضى الزراعية بلغ أكثر من ٣٠٠ ألف فدان من أراضى الدلتا والوادى الخصبة، ضاعت خلال آخر ١٥ عامًا، أما نصيب الفرد من المياه سنويًا فبلغ عام ١٩٦٠ نحو ١٨٩٠ مترًا مكعبًا، وفى عام ٢٠٢٠ وصل نصيب الفرد إلى ٥٥٥ مترًا مكعبًا، وفى عام ٢٠٣٠ سيكون نصيب الفرد ٥٣٠ مترًا مكعبًا، وفى عام ٢٠٥٠ سيكون نصيب الفرد أقل من ٣٠٠ متر مكعب، وهو ما سيؤثر على جودة الحياة والصحة العامة للمواطن.
وتبذل الدولة مجهودًا للنهوض بالبنية التحتية وتوفير الأمن الغذائى المطلوب، واحتواء آثار التغير المناخى، وتطوير التعليم وتوفير الخدمات الصحية، لكن سيكون مردود كل هذا ضعيفًا فى ظل هذه الزيادة السكانية غير المنضبطة.
■ لماذا تأخرنا فى حل القضية السكانية كل هذا الوقت؟
- لأسباب ترجع إلى ضعف أو عدم وجود تنسيق بين الجهات وبعضها بعضًا، كما أنه لا يوجد إلزام للوزارات بالمشاركة فى استراتيجية السكان والمجلس القومى للسكان أو وزارة الصحة بأى شىء، لذلك أقترح تشكيل مجلس أعلى للسكان، لمباشرة عمله بخصوص المتابعة والتقويم وتنفيذ الخطط الاستراتيجية على أرض الواقع. وهناك أسباب أخرى ترجع لعدم وجود موارد كافية، فالأزمة السكانية ليست مرتبطة فقط بتوفير وسائل تنظيم الأسرة فهى مجرد أداة، وإنما ترتبط بقضايا تنموية عديدة لخدمة القضايا السكانية.
■ كيف نتغلب على الأزمة إذن؟
- نستطيع التغلب عليها من خلال ٤ محاور، الأول خاص بتوفير خدمات تنظيم الأسرة، وهى متاحة ومتوافرة بفاعلية فى كل المحافظات، مع توعية المواطنين لتصحيح المفاهيم الخاصة بتنظيم الأسرة، والثانى خاص بالتعليم، وتحديدًا تعليم الفتيات حتى الانتهاء من المرحلة الثانوية على الأقل، ومنع التسرب من التعليم.
ويتضمن المحور الثالث تشغيل المرأة، على أن تكون الأولوية للفئة العمرية من ١٨ حتى ٢٥ عامًا، وهى الفترة الأعلى بالنسبة للإنجاب، مع ضرورة أن يكون الشغل بأجر وخارج المنزل. أما الرابع فيعنى بتوعية الشباب بأهمية تبنى مفهوم الأسرة الصغيرة، خاصة أن هناك طفرة فى المواليد منذ عام ٢٠١١ وحتى الآن، يجب أن يتم وضعها فى الاعتبار.
ونحتاج لبرامج توعية موجهة ومختلفة خاصة للمقبلين على الزواج، لشرح مزايا الأسرة الصغيرة والصحة الإنجابية، إضافة إلى إعداد منهج دراسى موجه للأجيال الصغيرة والشباب.
ونعكف فى المجلس القومى للسكان على إعداد مجموعة من الأبحاث لمساعدة متخذى القرار على تنفيذ خطط محددة، التى بدورها ستعود بمردود إيجابى على معدل الإنجاب الموجود فى مصر، وأعددنا فى هذا السياق أوراقًا معرفية لها علاقة بالبحوث، ووضعنا «خطة خمسية» للسكان لم تكن موجودة من قبل، ويوجد تنسيق مع الوزارات المعنية أكثر من ذى قبل، وهناك مجموعة من المشروعات فى طور الإعداد لها علاقة بالسكان والتنمية.
■ هل يمكن حرمان الأسر غير الملتزمة بتنظيم الأسرة من بعض المزايا الاجتماعية؟
- لا، هذا أمر مرفوض وفق نصوص الدستور والقوانين ومبادئ حقوق الإنسان، لا يجوز حرمان أى شخص من التعليم أو الحصول على الخدمات الصحية لأى سبب، فى المقابل هناك مقترحات لحوافز لتشجيع الأسر الملتزمة.
■ لماذا لا يتبنى المجلس حملة إعلامية للتوعية بخطورة الزيادة السكانية؟
- نحتاج لتسويق جيد للحملات الإعلانية على مواقع التواصل الاجتماعى، لتوصيل رسائل مخصصة لكل فئة من فئات المجتمع باختلاف الفئات العمرية والمناطق الجغرافية، وهو ما نسعى لتنفيذه مع إحدى الجهات، ومن المقرر توقيع البروتوكول خلال الشهرين المقبلين.
■ هل يستعين المجلس بتجارب بعض الدول التى تغلبت على الزيادة السكانية؟
- بشكل عام هناك ٥ دول استطاعت خلال الأعوام السابقة التغلب على الزيادة السكانية بعدة طرق لتحقيق الانضباط السكانى، فدولة مثل إيران اهتمت بالتعليم والصحة ووضعت قوانين إجبارية لتنظيم الأسرة ومنها تعقيم الرجال فى فترة من الفترات.
فى تركيا وضعت السلطات قانون تخطيط سكانى له علاقة مباشرة بتعليم وتشغيل وتمكين المرأة، إضافة إلى قانون ملزم بطفلين فقط، ووفرت كل وسائل تنظيم الأسرة وفتحت الباب للإجهاض والتعقيم، وفى إندونيسيا ركزت الدولة على تعليم الفتيات لفترة ما بعد الثانوى العام، إضافة إلى رفع سن الزواج إلى ٢١ سنة للجنسين.
وفى تونس، بالإضافة إلى ما سبق، أباحت الحكومة الإجهاض كوسيلة ضمن وسائل تنظيم الأسرة، أما الصين فحددت للأسرة إنجاب طفل واحد فقط، أما دولة بنجلاديش وهى الأولى على مستوى العالم فى براندات الملابس، عمدت الدولة إلى بناء مصنع فى كل قرية وكانت أولوية العمل للفئات العمرية من ١٨ حتى ٣٥ عامًا، وعليه فمصر تحتاج للتنمية مع محورى التعليم والتشغيل.
■ يعد زواج القاصرات أحد أسباب الزيادة السكانية، وسبق لكم المشاركة فى وضع مقترح بقانون للقضاء على تلك الظاهرة، إلى أى مرحلة وصل؟
- تم الانتهاء من مقترح بقانون بشكل كامل منذ فترة ودراسته من كل الجهات، ومن المقرر أن يعتمده البرلمان الجديد فى دور الانعقاد الأول، لكن حل زواج القاصرات لا يقتصر على تغليظ القوانين وحسب، وإنما يجب أن يكون هناك رفض مجتمعى لزواج القاصرات، إضافة إلى الفحوصات الطبية وورش التثقيف للمقبلين على الزواج، لتفادى المشاكل الوراثية، ولا مانع من إنشاء قاعدة بيانات خاصة بالمتزوجين حديثًا، وإرسال رسائل على الهواتف سواء كانت خاصة بالسكان أو الإنجاب أو الصحة والتطعيمات.
■ ما الدور الرسمى للمجلس القومى للسكان فى حل الأزمة؟
- تغطية الجانب الفنى للسياسات والدراسات والخطط الاستراتيجية القومية للسكان، فنحن لسنا جهة تنفيذية، ودورنا هو توجيه الجهات الحكومية للعمل على الخطط والمشروعات، التى بدورها تنفذ على أرض الواقع، وتمدنا بالمعلومات لتقييم الوضع وتعديل مسار الخطط الخاصة بالسكان إذا تطلب الأمر ذلك.
■ هل للمجلس ميزانية كافية.. وكيف تتغلبون على معوقات التمويل؟
- ليست لدينا ميزانية كافية لمشروعات المجلس، حيث لا تزيد القيمة المخصصة للبحوث على مليون جنيه، وباقى الميزانية للرواتب، لكن فى المقابل نعد مقترحات لبرامج للجهات المانحة، وهى إحدى الطرق للتغلب على قلة التمويل، من خلال التعاقد مع جهات محددة لتنفيذ بحث مطلوب أو تنفيذ مشروع تكاملى مع إحدى الجهات لخدمة القضايا السكانية، وللأسف عندما جرى وضع استراتيجية السكان لم يتم وضع موارد مالية لها ضمن البنود.
■ سبق للمجلس التعاقد مع عدد من الجهات المانحة لتغطية العجز فى الميزانية.. إلى أين وصل هذا الملف؟
- تغيير قيادات المجلس خلال السنوات الأخيرة أوحى للجهات المانحة بعدم وجود استقرار داخله، وهو ما جعلها تنسحب من المشروعات المشتركة عقب الانتهاء منها، ولذلك قدمنا ٧ مقترحات للجهات المانحة، خلال العام الجارى، وهى فى مراحل التفاوض.
أخيرًا.. كيف يمكن تحسين الخصائص السكانية؟
- من خلال محورين أساسيين هما التعليم والصحة، وبدورها تبذل الدولة مجهودًا كبيرًا لتحسين منظومة التعليم بشكل كامل، وكذلك المنظومة الصحية، وإدخال التأمين الصحى الشامل للمحافظات بشكل تدريجى.