رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

معاول الهدم والوعى المطلوب


دائمًا ما يطالب السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كل لقاء يجمعه مع أبناء وطنه بأن يكونوا على وعى تام بتلك المؤامرات التى تُحاك ضد الدولة المصرية، من الداخل والخارج، مستخدمين فى ذلك شبكات التواصل الاجتماعى والحسابات الوهمية والقنوات الفضائية التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية، التى تموّلها وتشرف عليها أجهزة استخباراتية ودول إقليمية لا تريد أن ترى بلادنا مستقرة، خاصة بعدما نجحت فى إسقاط حكم عصابة الإخوان بعد أقل من عام واحد من استيلائها على مقدرات البلاد والعباد.

لقد أصبح أى إنجاز يتحقق على أرض الواقع فى مصر مصدرًا للتوتر والحقد، بل التمادى فى بث سموم الكراهية والتشكيك لتشويه هذا الإنجاز، وهذا هو أسلوب جماعة الإخوان منذ نشأتها حتى يومنا هذا، حيث تعتمد على استراتيجية ومنهجية مدروسة دائمًا ما تتغير طبقًا لمراحل قوة أو ضعف الجماعة.

ومن هنا كان سلاح الإعلام هو أول ما لجأت إليه الجماعة عام ١٩٣٣، وذلك بعد الإعلان عن قيام الجماعة بحوالى ٥ سنوات، حيث تم انطلاق أول مجلة لها بعنوان «الإخوان المسلمين»، وفى ١٩٣٨ تم إصدار جريدة «التنوير».. المهم فى ذلك أن الحركة فى بداية نشأتها اعتمدت فى المقام الأول على الإعلام ونجحت إلى حد كبير فى اجتذاب أعداد كبيرة من الفئات البسيطة والطلبة الجامعيين، الذين تولوا بعد ذلك مواقع قيادية فى معظم الوزارات والهيئات، ومن خلالهم تم تكوين خلايا متشعبة تنشط أو تفتر، حسب قبضة الدولة الأمنية إذا ما اشتدت أو تراخت طبقًا لمعطيات التعامل مع تلك الجماعة.
وها نحن نرى الآن عشرات المحطات الفضائية تتغنى بالجماعة وقياداتها، وتعمل على إذكاء الفتن والدسائس بين الشعوب وحكامها، وتلقى بكل أسلحتها الإعلامية الفاسدة لتحقيق ذلك.. وقد نجحت بالفعل فيما سمى «ثورات الربيع العربى» التى تسببت فى إسقاط العديد من الأنظمة الحاكمة فى الدول العربية، وما زالت تمارس هذا الدور الخطير مدعومة بأجهزة استخباراتية وأنظمة إقليمية وعربية حاكمة فى المنطقة.
يأتى بعد ذلك سلاح التعليم، الذى لجأت إليه الجماعة لنشر سمومها وأفكارها الشمولية المغلوطة بين طلبة المدارس والجامعات، ونجحت بالفعل فى تكوين مراكز تأثير على صناعة الوعى ونشر فكرة الانتماء للجماعة وأهدافها السلطوية حتى لو تعارضت مع مصالح البلاد، بل إنها زرعت فى نفوس هؤلاء الشباب فكرة السمو والرفعة عن باقى العباد إلى الحد الذى وصل بهم إلى تكفير كل من هو ليس على منهج الإخوان، ومن هؤلاء خرج أساتذة الجامعات والمعلمون ورجال الدين الذين قاموا بدورهم فى تعظيم أعداد المنتمين لـ«الإخوان» بالشكل الذى جعل لهم تأثيرًا على العديد من المؤسسات التعليمية والجامعية، إلى الحد الذى وصل إلى إنشاء مدارس خاصة يملكونها وتخضع لإشرافهم الكامل، حتى ولو كانت الدولة تحاول الوقوف على ذلك والحد منه.
ولم يكن الاقتصاد وأعمال البنوك بعيدة عن فكر أعضاء الإخوان، بل إنهم مع مرور الوقت وتنامى إمكانياتهم المالية واللوجستية نجحوا فى السيطرة على مقدرات العديد من الدول، ومن خلال ذلك تمكنوا من تغيير العديد من القرارات والاتفاقات التى تتعارض مع أهدافهم وتوجهاتهم، الغريب أن من بين تلك الدول ما يمكن أن نطلق عليها دولًا كبرى، كالولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا، وكلتا الدولتين وغيرهما لم تتمكن من تصنيف تلك الجماعة بحسبانها جماعة إرهابية تحسبًا لما قد يترتب على ذلك من تأثيرات سلبية على اقتصادها أو أمنها، حيث باتت الجماعة تسيطر بشكل أو بآخر على معظم الجماعات الإرهابية، وتستطيع تحريكها بالشكل الذى يؤثر سلبًا على أمن واستقرار الدول.
ومن هذا المنطلق، فقد فطن بعض دول المنطقة إلى أهمية وخطورة جماعة الإخوان وكوادرها، وبدأت هذه الدول فى استمالتها وتقديم العديد من التسهيلات لها فى كل مجالات الحياة، بل وصل الأمر إلى منح عناصرها جنسيات بعض الدول، مثل: قطر وتركيا، وفتحت لهم مدارسها ومصانعها ووسائل إعلامها كوسيلة لهدم العديد من الدول التى تعارض سياسة تلك الأنظمة الحاكمة، أو تساعدهم لإحداث توترات أمنية وإقليمية تؤدى إلى خلخلة استقرار تلك الدول لصالح أعدائها أو السيطرة على مقدراتها، مثلما حدث فى كل من العراق وسوريا وليبيا واليمن، وهكذا أصبحت تلك الجماعة الإرهابية إحدى وسائل هدم الدول وإسقاط الأنظمة.
ومن هنا، فإن معركة الوعى التى نخوضها حاليًا يجب أن تمتد إلى كل ربوع البلاد وعلى كل الأصعدة والمستويات، من المدارس إلى الجامعات، ومن المساجد إلى الكنائس، ومن الوزارات إلى الهيئات، وأن تكون هناك استراتيجية واضحة لخوض تلك المعركة، يشارك فيها المتخصصون فى مختلف المجالات العلمية والعملية، لوضع أسس وثوابت العمل المشترك الذى يؤدى إلى مواجهة تتوازن إن لم تتفوق وتتغلب على تلك المقدرات والإمكانيات، وعلى معاول الهدم والتدمير التى تستخدمها جماعة الإخوان الإرهابية ضد البلاد والعباد.. وتحيا مصر.