أسامة علي ماهر يكتب: «محاولات لفهم مصر.. المشكلة عند الفراعنة»
مصر أقدم وأكبر حضارة في التاريخ لا جدال في ذلك، وستظل هذه الحضارة تحتوي على كثير من المجهول والألغاز التي من الممكن أن نعكف على محاولات الإلمام بأبعاد هذه الحضارة لأجيال قادمة دون أن نصل إلى المرحلة التي نستطيع أن نقول بكل ثقة نحن نعرف تماما ما دار في هذه الحقبة التي امتدت إلى ثلاثة آلاف عام حتى سقوط الإمبراطورية المصرية القديمة على يد الإسكندر الأكبر بحوالي ثلاثمائة عام قبل الميلاد. تخلل هذه الفترة منذ توحيد الملك مينا لقرى مصر، والذي نعتبره بداية واقعية للإمبراطورية حكم أو احتلال من قبل ممالك أخرى كالنوبية من حدود مصر الجنوبية والفارسية مرورا بسيناء.
كل اللي فات ده معروف وأي طفل بعد سن العاشرة هيعرفه في مصر. كتب التاريخ في المدارس والجامعات مملوءة بتاريخ مصر الفرعوني حتى أنه لا يتبقى في صفحات أي كتاب تاريخ إلا صفحات مقتضبة عن أي حضارات تانيه قبل أو مع أو بعد.
لا يوجد أي خلل أو عيب في أن تقوم أي بلد بتمجيد تاريخها، على العكس تماما ديه حاجة إلزامية للمحافظة على الهوية وخصوصا مع الحضارة المصرية لأنها هتدي نوع من الفخر والتفرد للشعب المصري اللي المفروض يكون دفعة كبيرة للأمام وحافز لاستعادة هذه الحضارة التي فقدت مقارنة بوضعنا الحالي.
قبل ما نسيب الفراعنة محتاجين نبص على واقعة مهمة جدا في علم المصريات. وهي اكتشاف مقبرة الملك الشاب توت عنخ آمون اللي خليتنا نفهم كتير عن بلدنا وعن عظمة الحضارة اللي عملها المواطن المصري اللي كان زيي وزيك بس الفرق إنه لغاية دلوقتي بيبهر العالم. عندما تم فتح المقبرة واكتشاف القناع الذهبي لهذا الملك الصغير ذو الأهمية التي تكاد تكون منعدمة على المستوى التاريخي. كانت لحية القناع متلخلخة شوية. وأثناء العمل انفصلت اللحية عن القناع، وبالتالي تم عرض القناع في المتحف المصري لمدة 20 سنة بدون لحية، منذ عام 1924 حتى عام 1944، ثم تم لصقها بمادة لصق تستخدم مع الآثار المعدنية، منذ عام 1944 حتى أغسطس 2014، أي لمدة 70 سنة. هذا ما صرح به وزير الآثار السابق الدكتور ممدوح الدماطى عندما سقطت الذقن مرة أخرى أثناء تغيير لمبة الإضاءة الخاصة بـ"فترينة" القناع.
لما سقطت الدقن راحوا لحموها بمادة "الإيبوكسى" بس زودوا العيار شوية فبقى شكل الدقن مع القناع حاجه كده ما تليقش فعلا بقطعة أثريه لا ولن تقدر بثمن.
المفروض هنا نقف شوية ونحلل الفرق ما بين واحد صنع ماسك لموميا لملك مش مهم في وقت كانت الإمبراطورية بتمر بعصر اضمحلال وفوضى ويعمل دقن يدوب تتلخلخ بعد كذا ألف سنة، وعامل بيغير لمبة يوقع الدقن وخبير يلزق الدقن ويزود المونة. نفس هذه الواقعة أخرجت للوجود بشكل منظم مصطلح ”لعنة الفراعنة" بعد عدة حالات لوفيات لعمال وزوار للمقبرة بعد اكتشافها. وسواء نتفق أم نختلف مع تفسير علمي لوجود فيروسات أو بكتيريا مدفونة في المقبرة للحماية من اللصوص أو بنؤمن فعلا بالعفاريت. بالنسبة لي لعنة الفراعنة هي ما دفعت العامل اللي وقع الدقن والأسطى اللي لحمها إنهم يكونوا أحفاد العبقري اللي عمل الماسك.
لعنة الفراعنة إنهم بيأكّلونا لغاية دلوقتي وخلونا نبص لعظمتهم أكتر من إننا نبص لقدام بدل ما نحاول نكتشف مشاكلنا ونكتشف إن فيه حضارات تانية موجودة ولازم نتعلم. لعنة الفراعنة خلتنا عاجزين عن إنتاج المعرفة وحبستنا في مقبرة توت!
عضو سابق في مجلس الشعب السويدي.