مصطفي نصر: صبية الإخوان قنبلة موقوتة
قال الروائي مصطفي نصر:"شاهدتُ لقاءً تلفزيونيًا في قسم شرطة مع مجموعة كبيرة من الصبية، تم القبض عليهم لتكرار اشتراكهم في مظاهرات الإخوان، وتفجير شماريخ وقنابل. يبتسم الأولاد للكاميرا في استفزاز واضح - يذكرك بزعمائهم المقبوض عليهم وقت محاكمتهم، فهم يفعلون مثلما يفعل هؤلاء الصبية، يبتسمون طوال الوقت، ويصطنعون الهدوء، ويستخفون بمن يحاكمهم -اقتربتْ المذيعة منهم، فازدادت ابتسامتهم اتساعا، قال صبي: قبضوا علينا ونحن نلعب الكرة.
وقال آخر: كنا نلعب الكرة. وقال ثالث: لا أعلم الذي فعلناه، فمرة يتهموننا بتجارة الحشيش، ومرة بالتظاهر ومرة بـ.. يحاول أن يموع القضية ويوحي بأن الشرطة تريد أن "تلبسهم" أي قضية والسلام.
تابع "نصر" في تصريحات خاصة للدستور: "تحدثت المذيعة مع أحدهم، فقال ما سبق أن قاله الآخرين. واضح أن محاميهم ألح عليهم وعلمهم ماذا يقولون.سألتْ المذيعة الصبي:هل اشتركت في مظاهرات من قبل؟، مرتان، أول مرة عندما قبضوا على الأستاذ "نجيب..." أستاذي في المسجد الذي أصلي فيه.
وعندما قالت المذيعة أن الانتماء لجماعة الإخوان ممنوع لأنها جماعة إرهابية بحكم القانون، قال: لا، ده قبل ما تحكم المحكمة بكده.
دارت المذيعة بينهم، كلهم يتحدثون لغة واحدة، كانوا يلعبون الكرة، والقنابل التي وجدوها معهم لا يدرون من أين جاءتهم.
أشعر بخطر أولاد الشوارع على مصر عندما يكبروا، فهم قنبلة ستنفجر يوما. فإذ بي اكتشف خطرا أكبر وأفظع، هو هؤلاء الصبية الذين تربوا في حجر الإخوان. أتذكر حفيدي الذي كان يذهب لمسجد بشارع الطوفي القريب من بيتي، يسأل كبار الإخوان عنه، ويدعونه للعب الكرة، ومساعدته في المذاكرة. ينفقون عليه بسخاء، أكل، وملابس، وأنشطة رياضية. وقد حذرت ابني من مصير ابنه لو تركه لهم، وحمدت الله أنه ابتعد عنهم، فهم يربون النشء منذ الصغر، ويتعهدونه ليتحول إلى مجرم عندما يكبر.
تذكرت الشقة التي استأجرتها لابني ليتزوج فيها، ووقع شيء من سكان الشقة التي تعلو شقتنا، في شرفتنا، فلم ينتظر ابنهم حتى نأتي ونعطيهم ما وقع منهم، وإنما ربط وسطه بحبل ونزل إلى شقتنا وأخذ ما وقع منهم، وسرق أشياء أخرى وجدها أمامه. قال إنهم في المسجد يدربونه على الصعود والهبوط باستخدام الحبال.
تذكرت المعلم الشنطوري (حسن البارودي) في فيلم جعلوني مجرما، يعلم الصبية السرقة والقفز من وسائل النقل المسرعة، دون أن يصابوا بأذى، يعد صبيانه لمهن تنتظرهم عندما يكبروا، ليصبحوا أكثر ثراءً.
الصبية الذين تحدثوا مع المذيعة، ثاروا وخرجوا للتظاهر – ربما للمرة الأولى – لأن أستاذهم في المسجد - المعلم شنطوري - قبضوا عليه، هذا المعلم حولهم إلى دمى، بث فيهم معلومات خاطئة عن الدين. السمع والطاعة.
تنفذ دون أن تسأل عن الغاية من هذا، فالغاية يعرفها شيخك وأنت يجب أن تكون في يد شيخك، كالميت في يد المغسل. صبية في منتهى البجاحة والوقاحة. لو كانوا أبرياء لبكوا وخافوا، علمهم المعلم شنطوري وجعلهم أقسى من أطفال الشوارع. وأهاليهم سعداء بهم فهم يذهبون للمسجد، وهل هناك ما هو أطهر وأشرف من المساجد؟!،هل يخطر ببال أحد أن هناك خطورة من ارتياد المساجد. ذكروني بالرجل الذي كان يخطب في مسجد بالقاهرة – أيام حكم الإخوان - فيسب في كل خطبة رجل أو امرأة ببلطجة وطريقة ذكرتني ببلطجية حديقة محطة مصر في الإسكندرية ونحن صغار.
والرجل ذو قسمات قاسية، يصلح لأدوار الشر في السينما، يتحدث بلغة البلطجية، وعندما قلده عزب شو، ركز على هذه الطريقة القاسية.
يقف في الشارع حاملا صورا عارية لامرأة، وضع فوق جسدها وجه ممثلة معروفة، هاجمها في المسجد واتهمها في شرفها دون أن تذكره بسوء، ولا ذكرت اسمه من قبل، وربما لم تكن تعرف اسمه ولم تسمع عنه من قبل لكن سيطرة الإخوان – أقاربه – على حكم مصر، شجعه، وأغراه، لأن يظهر البلطجة التي كان يخفيها.
حكم "مبارك" أضرنا في أشياء كثيرة، لكن أكثرها ضررا، تركه لهذه الجماعات المجرمة لأن تنتشر، وتستشري في البلاد، حتى تمكنت من كل شيء، سيطروا على الوزارات، خاصة التربية والتعليم والأوقاف.
سنوات طويلة وهي تكوِّن كوادرها، أطفال أبرياء، حولوهم لوحوش، ويا خوفي من مصير مصر عندما يكبر هؤلاء الصبية.