رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كاذبون.. أُجَراء.. برخصة


معتز مطر، محمد ناصر، حمزة زوبع، عبدالله الشريف وهيثم أبوخليل، و١٦ غيرهم من الهاربين فى تركيا، لندن، وقطر، وضعت «الدستور» علامة «إكس» على وجوههم فى صفحتها الأولى، أمس، تحت عنوان «إعلاميون كاذبون»، تمهيدًا لحملة تستهدف فضح أجراء الجماعة الإرهابية، تبدأ اليوم، وستجد على هذه الصفحة والصفحة المقابلة ما نعتقد أنه سيثلج صدرك.
من بين الكاذبين، الكذبة، الـ٢١، لن تجد إلا خمسة على الأكثر ينتمون للتنظيم الإرهابى، أما الباقون فاستأجرتهم الجماعة، أو رأتهم يعرضون أنفسهم فى مزاد فاسترخصتهم واشترتهم بثمن بخس، دولارات أو ريالات معدودة، ويعرف القاصى والدانى، والواقف بينهما، أن جماعة الإخوان لديها نظام خاص لاستقطاب، استئجار، تجنيد، أو تأليف قلوب وجيوب كتاب، صحفيين وإعلاميين، وأنها استخدمت كل الوسائل والأدوات الإعلامية المتاحة فى كل حقبة زمنية، لنشر أفكار التنظيم، والترويج لخطابها السياسى والأيديولوجى، إضافة إلى الحشد فى الانتخابات الطلابية، النقابية والبرلمانية، خلال فترة حكم الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك.
البنية التنظيمية لإعلام الإخوان تشكلت بعد خمس سنوات من إنشائها، مع إصدار مجلة «الإخوان المسلمون»، سنة ١٩٣٣واكتملت نسبيًا بعد ٧٠ سنة بإطلاق موقع «إخوان أونلاين»، وبينهما امتلكت «الجماعة» نوافذ إعلامية عديدة، وقامت بزرع أتباعها فى نوافذ أخرى، محلية ودولية، وتخللت السنوات السبعين، فترة توقف، فى عهد جمال عبدالناصر، قبل أن تعود عبر أبواب خلفية، أيام السادات، وتتاح لها السيطرة على صحف الجامعات ومجلات الحائط، لتعويض عدم امتلاكها وسيلة إعلام، خلال بداية مرحلة عودتها للحياة فى سبعينيات القرن الماضى.
بهدوء إلا قليلًا، فاتت الثمانينيات والتسعينيات، ومع الغزو الأمريكى للعراق، وظهور مصطلح «الشرق الأوسط الجديد»، وتصعيد الأمريكيين «أردوغان» فى تركيا، أطلقت الجماعة موقع «إخوان أونلاين» سنة ٢٠٠٣ لمخاطبة العرب، ثم «إخوان ويب»، النسخة الإنجليزية، فى ٢٠٠٥، لمخاطبة الغرب، كما أطلقت فروعها، عشرات المواقع الإلكترونية، استخدمتها فى الترويج لأفكارها والتبشير بدورها السياسى، وتطويع كل الأحداث السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية لصالحها، وسنة ٢٠١١ اعتقدت أنها جنت ثمار هذا الدور، لكن سرعان ما اتضح أن نوافذها الإعلامية عبارة عن نشرات تنظيمية، تخاطب فقط أعضاء وجمهور ومركوبى الجماعة.
عدم استيعاب متغيرات الواقع، جعل ملف الإعلام عبئًا ثقيلًا على الجماعة، ولم تستطع تطويعه لصالحها، لأن خبرات كوادرها الإعلامية، الأعضاء والأجراء، لم تؤهلهم إلا لمخاطبة الإخوان، أو الصف الإخوانى، وبسبب وقوعهم فى أسر الخطاب المتأسلم والإخوانى بشكل خاص، لم يستطيعوا مخاطبة عموم المصريين، الذين انفضوا من حولهم، ما أفقدهم فاعليتهم الإعلامية والسياسية، وجعلهم غير قادرين على مواجهة تسرب السلطة من أيديهم، بشكل تدريجى، وصولًا إلى ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وقيام المصريين بإسقاطهم وكنسهم، وعليه، قامت باستئجار أو تجنيد من طالتهم أيديها. ومنحتهم الرخصة، التى هى استثناء يجيز الكذب وكل الممنوع شرعًا.
بكنسهم من أرض مصر، اعتقدت الجماعة أن بإمكانها مواصلة معركتها عبر آلتها الدعائية، وانتقلت كوادرها، فرادى وجماعات، إلى عدة عواصم، أبرزها أنقرة، لندن، برلين، والدوحة، لقيادة وتحريك تروس عشرات النوافذ المرئية أو المقروءة التى لا هدف لها غير ترويج الخطاب الداعى للفوضى، وتصفية رافضى مشروع الإخوان معنويًا، ومحاولة استكمال مؤامرات الجماعة التى تستهدف إسقاط الأنظمة السياسية المستقرة فى كل دول المنطقة.
أخبار وتقارير لا تلتزم بالحد الأدنى من المهنية، يمررون من خلالها الشائعات فى صحف دولية تابعة لهم، ثم تنقل آلتهم الدعائية عن هذه الصحف، وتستضيف تابعين للجماعة أو قريبين منها، للتعليق عليها باعتبارها حقيقة مؤكدة، ثم يأتى دور الكتائب الإلكترونية، أو ذباب شبكات التواصل الاجتماعى، ليقوم بالترويج لهذا المحتوى، مدعومًا بحسابات نجوم الإعلام الإخوانى، ومذيعات ومذيعى الجزيرة وأخواتها، الذين انفتحت أمامهم صفحات الرأى فى الصحف الدولية والإخوانية، مع عدد من دعاة العنف والتطرف الذين مارسوا العنف لسنوات طويلة.
مثلًا، قام عزمى بشارة، عضو الكنيست الإسرائيلى السابق، عرّاب أمير قطر الحالى، بتأسيس نوافذ إعلامية إضافية أبرزها «العربى الجديد»، القناة والجريدة اليومية وموقعها الإلكترونى، التى أنفقت عليها قطر مليارات وتلقت دعمًا معنويًا كبيرًا من قناة «الجزيرة» القطرية، وكالة أنباء «الأناضول» التركية، «بى بى سى» البريطانية، «دويتشه فيله» الألمانية، «فرانس ٢٤» الفرنسية و... و... وغيرها من وسائل الإعلام التى تحركها أجهزة مخابرات دولها.
بعد نجاح نسبى، قصير الأجل، فى استمالة نسبة من المشاهدين، بدأت نوافذ الإخوان تفشل مجددًا، وأخذ عدد مشاهديها فى التناقص بعد افتضاح دورها وانكشاف أهداف الجماعة الإرهابية، واتضحت الصورة بدرجة أكبر، باكتشاف أن تلك النوافذ تنقل عن، ومن، بعضها بعضًا، وأن أيديولوجية الجماعة تلتصق بتناولها كل الأحداث، ما جعلها كلها عبارة عن نافذة واحدة، يحركها «ريموت كنترول» واحد: أوركسترا من عازفين عديمى الموهبة، تحركهم عصا المايسترو.