رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكون خير شاهد على عظمة الخالق


«بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ..»، الإبداع أن تصنع شيئًا على غير مثال سابق ومن دون أن يعلمك أحد، الإنسان يقلد ويحاكى.. الحضارة رصيد متراكم من المعرفة.. الغواصة تجربة غير مكتملة من السمك.. الطائرة تجربة غير مكتملة من الطائر.. السيارة تجربة غير مكتملة من الفرس.. الكاميرا «العين»، الكمبيوتر «المخ»، كل صنع الإنسان تقليد لما فى الطبيعة من إبداع.
أما الله فخلق الكون على غير مثال سابق، مَنْ قال إن الأرض ينبغى أن تكون كرة؟، ولماذا تدور حول نفسها؟، مَنْ خلق الضوء؟، مَنْ جعل الشمس مصدرًا للحرارة؟، مَنْ أعطى الماء خصائصه؟، مَنْ أعطى الهواء صفاته وخصائصه؟
لو أن العناصر كلها انصهرت فى درجة حرارة واحدة لرأيت الكون كله غازًا أو صلبًا أو مائعًا.. ألوان ورائحة الفاكهة.. آلاف الأنواع.. تُسقى بماء واحد، وكل نوع منه مئات الفصائل.. أوراق الأشجار وأشكالها.. لو أردت أن ترسم كل أنواع الأوراق تحتاج كل فنانين العالم ويخلص إبداعهم.. وجوه البشر.. ٦ مليارات كل له وجه مختلف وبصمة مختلفة وضحكة مختلفة وصوت مختلف ورائحة خاصة.. الطيور.. الأسماك.. النمل.. الأزهار والورود.. جسم الإنسان.
فى أول سورة الرعد يقول الله تعالى: «اللَّهُ الَّذِى رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِى لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (٢) وَهُوَ الَّذِى مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِى اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٣) وَفِى الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِى الْأُكُلِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٤) وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِى أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٥)».
البديع هو بديع فى ذاته.. ليس كمثله شىء.. بديع فى خلقه.. خَلق الخلق على غير مثال سابق.. بديع فى أفعاله.. تسيير شئون الكون.. بديع فى شرعه.. بديع فى إعداد الجنة: «أعددت لعبادى الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر».
ألوان الدنيا سبعة فقط «الطيف»، شكّل منها مئات الألوان، فما بالك بالجنة لو جعلها ألفًا لا نعرفها.. خلق القمر وضوءه والنجوم.. «فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ».. من تكريم الله للإنسان أن ألهمه حب الإبداع ليتصف بصفات الله.. الإحسان.. إبداعه لا يمل ولا يقوم.
عش بهذا الاسم.. كأنك تراه.. وستشعر من كثرة تعلقك وإحساسك بهذا الاسم أنك تعبد الله كأنك تراه.. أسماء الله الحسنى.. طريق الإحساس العميق بالله.. تفاعل مع الكون وأنت تذكر الله.. فلا بد أن يكون الذكر مصاحبًا للفكر.. الذكر يصل بك إلى الإحسان.