رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وائل خورشيد يكتب: الأنتيكات تترك بيوتها أحيانا


نظن أحيانا - وهو ظن آثم بالطبع - أن أشياء معنا، أننا نملكها، إلى الأبد. وهذا شيء غير صحيح. والغريب أننا نفاجأ حينما تذهب! يا للعجب.. لم يكن هذا الأمر في مخيلتي.. تقول لنفسك.

أحيانا تأخذنا الأنا إلى منحنى لا نفهمه، حيث يكون ما اعتدنا عليه ليس هنا، نلومه، طبعا، فهو قطعة أنتيكة في حياتنا، لحم ودم بالطبع، ولكنه معنا مهما كان.

الاتكال على هذا أمر غير سليم، الكون بالأساس تربطه ببعضه طاقة، نحن تحركنا طاقة، وهي موزعة على معيشتنا، وكلما أخذت منها أكثر في جانب، تنقص في منطقة أخرى، ولأننا نشبه مثلا البطاريات المتجددة، فإن لنا طاقة محددة، تنفذ وتمتلئ، ولكن أحيانا بعضهم يأخذ أكثر مما يستحق، وبالتالي نحتاج طاقة أكبر لنوزعها على البقية، وهذا أمر غير ممكن، وعندما نفعل، ننفجر، ولحظة الانفجار، تتفتت الأشياء، الذكريات والصور، الماضي يتجزأ، وبالتالي لن يكون هناك رابط واحد مكتمل، ليشفع، فتكون النهاية.

الاستنزاف، هو اسمه الاستنزاف، أن يبتلعك أحدهم، كأنما هو قرش وأنت أسماك صغيرة، غذاء له، القطيع ينفذ وينفذ، حتى يفنى، لم يعد لدى الأسماك سوى الشوك لتقدمه، فهنيئا للقرش الشوكة في حلقه.

الأنتيكات جميلة، نشتريها غالية، ونضعها في الركن لنجمل بها المكان، مع الوقت لا نلحظ وجودها، لو كان بإمكانها أن تتحرك، لرحلت، والإنسان يملك تلك الميزة التي ليست للجماد.. القدرة على الرحيل.

الرحيل نفسه حكاية، كلنا نقدر، ولكن متى وكيف هو ما يُفرِق بيننا، والفرق هذا هو معيار الأثر، إذا كان رحيلك متوازنا فأنت في منطقة آمنة، وإن كان متأخرا فأنت في منطقة خطرة، وإن كان سريعا فأنت نذل.

الذي اعتاد أن يرحل سريعا لا يؤتمن، والذي يرحل متأخرا، مخلص لا تفرط فيه، ولكن لا تؤذيه، وأما الذي في المنتصف، فهو أهل لك.