كيف مول المركز الإسلامي في هامبورج «حزب الله»
توجهت أنظار النظام الإيرانى إلى ابتكار استراتيجيات جديدة لتمديد أذرعها الإرهابية خاصة عقب الحصار الأمريكى والعقوبات الدولية عليها، وذلك من خلال أسلوب الدعاية والتجنيد في صفوف الجالية الشيعية المرتبطة بها في أوروبا، إلى جانب آليات أخرى في عمليات تبييض الأموال.
وبات التعاون وثيقًا بين الاستخبارات والبعثات الدبلوماسية الإيرانية في أوروبا من جهة، والمساجد والجمعيات التي تتبع إيران بشكل أو بآخر.
وتستغل إيران نقطة دعم الأنظمة الأوروبية للجمعيات الثقافية وحرية المعتقد، لتقوم باللعب على هذه الثغرة في الأنظمة الغربية.
ويصعب التفريق بين الجمعيات والمساجد التي تدعم الجماعات المتطرفة وأجندات استخباراتية معادية، وبين حرية المعتقد التي من المستبعد على الأجهزة الاستخباراتية الأوروبية استهدافها نظرًا لانتشار الجالية الشيعية هناك والمراكز التابعة لها، وفقًا لقناة العربية.
وكشف مركز جنيف للدراسات والأبحاث، وحدة دراسات الجماعات المتطرفة، عن أن الاستراتيجية الإيرانية تنقسم إلى 3 محاور رئيسية يبدو أخطرها الاستراتيجية الجديدة التي باتت تتبعها بشكل موسع وهي الرصد والمتابعة والسيطرة.
وتتلخص تلك الاستراتيجية بتشكيل مراكز دينية تتبع إيران مباشرة وجماعات سرية مهمتها رصد ومتابعة الجاليات الشيعية في أوروبا والبدء بالسيطرة عليها حتى التهديد بالقتل.
وفى ألمانيا، رصد جهاز الاستخبارات الداخلية الألمانية مكتب حماية الدستور، هذه الاستراتيجية الجديدة لإيران، مما اضطرها إلى الخوض في حساسية التضارب بين الجماعات والمراكز التي تعمل لصالح إيران وبين المراكز الشيعية التي لا ترتبط بأي أجندات خارجية وتتقيد بكل القوانين الأوروبية.
ومن بين المراكز التابعة لإيران المركز الإسلامي في هامبورج، وأسس المركز شبكة واسعة في ألمانيا تمارس نفوذًا كبيرًا على الجاليات الشيعية المنحدرة من جنسيات مختلفة إلى حد يصل إلى السيطرة الكاملة، بمعنى استغلال هذه الجاليات بكل الوسائل من التجنيد إلى التجسس وغسيل الأموال، وفقًا لتقرير هيئة حماية الدستور الاستخبارات الداخلية الألمانية، الصادر فى 2019.
ولم تذكر تلك الهيئة الاستخباراتية أسماء عناصر هذه الشبكة حفاظًا على سرية رصدها وتتبعها من جهة، ومنعًا لتعريض حياة الأشخاص الذين أبلغوا عنهم للخطر.
وكشفت الهيئة عن أن محتوى رسائل وخطب المركزي الإسلامي الشيعي يعد ثمرة للاتصالات مع إيران التي تعمل لتصدير ثورتها، وهذا يتعارض مع الدستور الألماني، بحسب مذكرة بعثتها الحكومة الفيدرالية إلى البرلمان في 21 أغسطس 2019.
وتعمل المنظمات والمساجد الألمانية التي تخضع للنفوذ الإيراني، نظريًا تحت مظلة المجتمع الإسلامي للمنظمات الشيعية، لكن المركز في هامبورج هو المحرك الأساسي لها، وعلى رأسه الإمام ومدير المركز الإسلامي في هامبورج الشيخ محمد هادي مفتح، الذي يدير هذا المخطط.
كما أصبحت أنشطة إيران تورط المؤسسات الأوروبية بما فيها الألمانية، التي تقدم التمويل إلى المؤسسات الدينية، وتجعلها تحت خطر شبهة تمويل نشاطات غير قانونية، بدليل أن منظمة المجتمع الإسلامي للمنظمات الشيعية في ألمانيا، والتي يندرج ضمنها المركز الإسلامي في هامبورج، قد حصلت على تمويل من الاتحاد الأوروبي في 2019 بلغ 137 ألف يورو، بينما بلغ حجم التمويلات الألمانية في الفترة بين 2016 و2019 ما يعادل 120 ألف يورو في إطار برنامج يرمي إلى مكافحة التطرف الديني، بحسب ما ورد في موقع غوته الألماني.
وأشار التقرير إلى أن ما يحدث فعليًّا العكس، حيث يتم تسخير هذه الأموال لأهداف النظام الإيراني، إذ إن المركز على اتصال مباشر بمكتب خامنئي، ويوفر كل أشكال الدعم لحزب الله اللبناني، وفقًا لما قاله خبير السياسة المحلية للديمقراطيين الألمان دنيس جلادياتور، في رسالة إلى البرلمان في هامبورج.
وشكلت تلك الانتهاكات الشرارة للتحركات الرسمية والحزبية في هامبورج في الأشهر الماضية، لحظر ذراع إيران الرئيسية في ألمانيا، لا سيما بعد تصنيف حزب الله مؤخرًا منظمة إرهابية وحظر جميع أنشطتها.
كما تورط أحد المراكز الاجتماعية في مدينة بريمن في شمال ألمانيا في دعم حزب الله اللبناني ماليًّا يسمى مركز المصطفى.
ووفقًا لتقرير جهاز المخابرات المحلية في بريمن، اتضح أن هذا المركز الذي يعمل تحت غطاء اجتماعي، يجمع الأموال ويحولها إلى حزب الله في لبنان.
وأوضح التقرير المخابراتى أن حوالي 50 شخصًا في بريمن ونحو 1050 في مختلف أنحاء ألمانيا هم أعضاء في مركز المصطفى، أرسلوا أموالًا لأسر مقاتلي حزب الله.
كما تمثل تلك الجمعيات الثقافية والمساجد غطاء لعمليات غسيل الأموال في أوروبا بقيادة أعضاء الحزب، وهذا باعتراف من هيئة حماية الدستور في ولاية بافاريا جنوبي ألمانيا، حيث قالت إن حزب الله اللبناني يستخدم الأراضي الألمانية كمكان لتوفير الدعم اللوجستي والمالي.
واكتشفت سلطات الجمارك في مدينة إيسن غرب البلاد، عملية غسيل أموال محتملة لصالح حزب الله تتعلق بمجموعة من اللبنانيين يعتقد أنها خلال العامين الماضيين قامت بغسل ما لا يقل عن 75 مليون يورو، وفقًا لما نشرته مجلة دير شبيغل الألمانية.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل بدأ حزب الله في أوروبا باتباع استراتيجية جديدة في نقل الأموال إلى لبنان أو سوريا، وتتمثل هذه الآلية بالشركات والأفراد الذين يقومون بتحويل الأموال بصيغة غير قانونية في أوروبا، وتتمحور عبر تحويل مبالغ نقدية كاش بين 5 آلاف إلى 40 ألف يورو في العملية الواحدة، على أن تتكرر عدة مرات في الأسبوع وعبر شبكات مختلفة.