رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الدعم المشبوه».. أسرار التعاون الألمانى التركى شرق المتوسط

مولود جاويش وهايكو
مولود جاويش وهايكو ماس

أكد تقرير يوناني أن هناك حالة من الدعم الكبير تقدمه ألمانيا لتركيا رغم أنشطتها غير الشرعية بمنطقة شرق المتوسط، لتحقيق مصالحهم بالمنطقة، مشيرًا إلى أن محاولة برلين المستمرة لمنع فرض عقوبات فعالة ضد تركيا بسبب رفضها سحب سفينة الأبحاث من الجرف القاري لليونان تعيد إلى الواجهة ظاهرة «الحب الجيوسياسي» الخالد الذي يربط ألمانيا بتركيا.

وقالت صحيفة «جريك سيتي تايمز» اليونانية في تقرير لها اليوم، إن هذه العلاقة اتضحت بشكل كبير في السنوات الأخيرة عندما قرر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إرسال آلاف المهاجرين غير الشرعيين بشكل جماعي إلى جزر اليونان وإلى سواحل آسيا الصغرى من أجل العبور إلى اليونان وأوروبا.

وأشارت الصحيفة إلى أن ألمانيا تعتبر العلاقات الاقتصادية عاملًا مهمًا للغاية من عوامل الترابط على المستوى عبر الوطن، فوفقًا للألمان القوة الاقتصادية هي عامل كفاءة استثنائية، من أجل تعزيز هيمنتهم على البلدان الأخرى بغض النظر عما إذا كانت السيادة الألمانية تتحقق في نهاية المطاف من خلال القوة السياسية العسكرية.

وأكد التقرير اليوناني، أن العلاقات توطدت بين تركيا وألمانيا أواخر القرن التاسع عشر وتستمر حتى يومنا هذا وعلاقاتهم في الأساس سياسية وعسكرية واقتصادية، وقد ساعدت الإمبراطورية العثمانية برلين عام 1889 لمد سكة حديد يمر من الأناضول وصولًا لبغداد وذلك من أجل دعم الألمان في مواجهة بريطانيا عبر بناء قاعدة عسكرية في البصرة والوصول إلى الخليج الفارسي والهند، بجانب دعم طموحات برلين الاقتصادية في الوصول إلى المستعمرات الألمانية في شرق إفريقيا.

وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية عادت جمهورية ألمانيا الاتحادية، في سياق إعادة بناء مجتمعها واقتصادها إلى تركيا، بينما كانت فرنسا وإنجلترا وهولندا قادرة على استخدام القوة العاملة من مستعمراتها، فقد تحولت ألمانيا إلى القوى العاملة في دول جنوب أوروبا من ناحية، بخلاف الاعتماد على القوى العاملة التركية منذ عام 1961، وبحلول عام 1969، تم توظيف حوالي مليون عامل تركية في الصناعة الألمانية.

وحتى عام 2001، كان قانون الجنسية الألمانية يستند إلى مفهوم حق الدم، وتم تغيير القانون هذا العام وحصل غالبية المهاجرين الأتراك (حوالي 3.5 مليون في عام 2010) على الجنسية الألمانية والحق في التصويت ما أعطى وزنًا أكبر للأقلية التركية مما كانت عليه من قبل.

كما تعتبر ألمانيا الوجهة الأكثر أهمية للصادرات التركية ففي عام 2017 بلغت 17.4 مليار دولار، فيما تشمل الواردات التركية من ألمانيا الآلات والإلكترونيات والمركبات والأدوية والبصريات والأجزاء والمكونات المختلفة لتصنيع محركات السيارات، وكذلك مواد السكك الحديدية بخلاف استيراد أنظمة الأسلحة من ألمانيا والتي بلغت في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2019 ما قيمته 250.4 مليون يورو.

كما بلغ حجم الصادرات الألمانية لتركيا في عام 2018 ما قيمته 22.8 مليار دولار، فهناك عدم تناسق في التجارة بين البلدين، وهو ما يميل بوضوح لصالح ألمانيا، كما يظهر هذا التباين في حجم الاستثمار الأجنبي المباشر بين البلدين، ففي الفترة 2002-2018 استثمرت ألمانيا 9.469 مليار دولار في الاستثمار الأجنبي المباشر في تركيا، فيما استثمرت تركيا 2.443 مليار دولار في ألمانيا.

ويقف وراء هذه الاستثمارات نحو 80 ألف شركة ألمانية تركية عاملة في ألمانيا، حيث يبلغ حجم مبيعاتها السنوية نحو 52 مليار يورو، ويعمل حوالي 500000 شخص في 50 قطاعًا اقتصاديًا مختلفًا، ومن ناحية أخرى هناك حوالي 7500 شركة ألمانية نشطة في تركيا.

وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 40 مليار دولار في عام 2017، وهي تمثل حوالي 1.5٪ من التجارة الدولية الألمانية و10٪ من التجارة التركية، فقد بلغ إجمالي صادرات ألمانيا في عام 2017 حوالي 1.4 تريليون دولار، بينما بلغت الصادرات التركية 156 مليار دولار.

وقالت «جريك سيتي تايمز»، إن برلين ترى أن شرق البحر الأبيض المتوسط قد بدأ في إعادة البناء الجيوسياسي، كما يرى الألمان أنهم مستبعدون من التطورات في البحر الأبيض المتوسط، ويحاولون الآن استخدام الاتحاد الأوروبي كوسيلة لتحقيق أهدافهم، كما يجري في ليبيا حي تفتقر ألمانيا إلى خط ساحلي كبير بخلاف الموارد الطبيعية ما يجعلها تسعى لكسب أي شيء بمنطقة المتوسط.

لذلك فإن السيطرة على البحر الأبيض المتوسط هي أولوية بالنسبة لألمانيا من أجل كبح أي رد فعل من إيطاليا أو حتى فرنسا، لذا تلجأ ألمانيا إلى المساومات المتعلقة بمنطقة اليورو والتعديل المالي، ووسط كل هذا التخطيط تعد تركيا في نظر الألمان لاعب يمكنهم العمل معه.