رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كفى عبثًا بالقانون


لدينا فى مصر آفة مستفحلة، منذ سنوات، وهى العشوائيات، وجميعنا يراها، ويكتب عن ضرورة التصدى لها، منذ وقت طويل، لكن يد الإصلاح لم تمتد إليها إلا فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهذه الآفة تعكس عدة أمور ينبغى أن نلتفت إليها، وأن نتنبه لها.
- أولها: الاستهانة بالقانون والتحايل عليه ممن يخرقونه بالبناء دون ترخيص، أى بـ«الفهلوة» و«اللامبالاة»، وبالتعدى على الأراضى الزراعية وتجريفها، وبناء أدوار مخالفة بالعمارات السكنية المقامة، أو بالبناء على أراض غير مسموح بالبناء عليها.
- ثانيها: إنها دليل دامغ على وجود أخطبوط فساد فى المحليات، ينبغى على الدولة أن تتصدى له، وأن تتنبه إلى عبث الفاسدين، وجميعنا يعرف ذلك ويراه صادمًا لعيوننا، ورغم انتقادنا هذا الفساد، منذ بداية ظهوره واستفحاله مع بداية الحديث عن قضية العشوائيات فى ثمانينيات القرن الماضى، ومع احترامى الشديد لكل شرفاء المحليات، إلا أن ظاهرة الفساد فى هذا القطاع تسببت فى استياء شديد ونقد لاذع من جانب الرأى العام طوال هذه الفترة، والحقيقة التى لا بد من ذكرها- ولا أكون مغالية إن قلتها- هى أن التصدى للفساد قد أصبح هدفًا واضحًا للرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى وجه بإصدار قرارات شجاعة، كنا نتطلع ونطمح إليها، منذ وقت طويل مضى، لمواجهة هذا الفساد أينما ووقتما وُجد، وتم بالفعل كشف عدد لا يستهان به من قضايا الفساد، فى العديد من القطاعات الحيوية وليس فى المحليات فقط.
- ثالثها: إن هناك أيادى آثمة وخططًا ممنهجة هدفها العبث بالقانون وتحدى الدولة، لإظهارها بمظهر الضعيف وغير القادر على إدارة الأمور بحزم، والعاجز عن إنفاذ القانون بحزم، وجميعنا يعرف ويدرك أن الجماعات الظلامية لديها تابعون لتنفيذ تلك الخطط ضد الدولة، ومن هؤلاء الكتائب الإلكترونية التى تشكك فى كل المشروعات القومية الكبرى، والإنجازات التى نراها تنفذ ويفتتحها الرئيس بنفسه على أرض الواقع.
والحقيقة أننا كمواطنين، لا بد أن نعاون الدولة فى مواجهة الفساد والتصدى له، وأن يكون لدينا تقدير واحترام لقيادتنا، التى تسابق الزمن لإنجاز مشروعات عملاقة فى كل المجالات، جنبًا إلى جنب مع التصدى للإرهاب، ولأعداء الوطن فى الخارج والداخل.
وأنا شخصيًا كانت لى وقفة منذ عشر سنوات مع محليات حى شهير راقٍ بالقاهرة، وهى تجربة أرويها للقارئ، لأنها دليل على فساد ما زال قائمًا، ونأمل أن ينتهى قريبًا، فقد قمت بمجهود كبير حينما أردت أن أشكو مقهى تم فتحه أسفل عمارة سكنية مطلة على النيل، حيث كان المقهى ممتدًا على الرصيف أمام برج سكنى، وكان دخان الشيشة المستمر والمتصاعد من رواد المقهى ليلًا ونهارًا يزكم الأنوف ويضر بأطفال البرج.
وبمجهود كبير مع المحليات تم إغلاق المقهى، وطالبنا أصحاب المكان بأن يغيروا نشاطه إلى أى نشاط آخر لا يسبب أضرارًا صحية للسكان، خاصة أن المقهى كان يفترش الرصيف، مما يجعل دخان الشيشة يتصاعد إلى الأدوار العليا، إلا أنه بعد أن تم إغلاقه من جانب المحليات، عاد مرة أخرى بعد شهر واحد فقط، على الرغم من اعتراض السكان وشكاواهم للمحليات من أضرار الشيشة!!
وقال لنا صاحب المقهى حينها، إنه سيجعل الشيشة داخل المقهى، حتى لا تضر السكان الذين اشتكوا فى المحليات، ثم أخرج صاحب المقهى بعد شهر الشيشة إلى الرصيف مرة أخرى، ليتصاعد الدخان الضار مجددًا إلى الطوابق العليا ويضر سكانها، وكأن شيئًا لم يكن، إذن المحليات لم تهتم بأصواتنا وشكوانا، وسمحت لصاحب المقهى أن يزاول نشاطه الممنوع جهارًا نهارًا، ضاربين بالقانون عرض الحائط، وهكذا أخرج لسانه لكل السكان، حيث عاد وفتح المقهى واحتل الرصيف، ووضع المقاعد والمناضد فى الشارع، وعاد دخان الشيشة أقوى أضعافًا مضاعفة، وأغمضت المحليات عينها تمامًا عن خرق القانون.
وطبعًا عزيزى القارئ، السبب معروف فى السماح بإعادة فتح مثل هذا المقهى، بل وتم أيضًا فتح مقهى آخر فى الناحية الأخرى بنفس البرج السكنى، وضرب الفاسدون فى المحليات بالحى الشهير بالقانون عرض الحائط، ومن يرد أن يعرف من مسئولى الدولة عنوان المقهى، فلدى البيانات الكاملة، لأن المشكلة هذه لا تزال قائمة، ولا يزال خرق القانون مستمرًا.
بعد ذكر هذه الواقعة وغيرها فى أماكن كثيرة، أعتقد أنه سيحدث تغيير إيجابى ونقلة نوعية وعدم تراخٍ فى تنفيذ القوانين وإنفاذها دون تباطؤ، وذلك بعد أن استمعت لتوجيهات وكلمات الرئيس عبدالفتاح السيسى الأخيرة، التى عبر فيها عن استيائه من التعديات على الأراضى الزراعية، والبناء غير المخطط أثناء افتتاحه عددًا من المشروعات القومية بالإسكندرية.
لقد كان الرئيس فى منتهى الحزم والوضوح حينما قال: «إن التعديات لا تقل خطورة عن أزمة سد النهضة»، كما شدد الرئيس على أن الدولة لن تغيب عن مواجهة التجاوزات والتحديات بعد اليوم، كما وجه كلامه للمواطنين، قائلًا: «أنا طالما موجود فى هذا المكان، فلن أسمح بأن تغيب الدولة، ولا أستطيع أن أعيش على هذا الوضع، ولا أقبل به، والمواطنون كذلك لن يقبلوا بهذا الوضع، ولو أردتم عدم استمرارى، فهذا لا يسبب لى أى مشكلة، ولكن أنا طالما فى هذا المنصب، فالإصلاح أمام عينى، وسأتمسك به وأنفذه بما يرضى الله».
كما حرص الرئيس أيضًا على أن يوجه المحافظين ومديرى الأمن إلى ضرورة تنفيذ القانون، وعبَّر كذلك عن تقديره لوعى المواطنين، ومما كان لافتًا للنظر فى حديث الرئيس ومبشرًا، هو عزمه الأكيد وتصميمه الواضح على عدم التهاون فى مواجهة الصعوبات والتجاوزات، لافتًا إلى أن الهدف من كل المشروعات التى تم تنفيذها، هو مصلحة المواطنين فى المقام الأول.
وبعد هذه الكلمات الحازمة والواضحة التى تعبر عن تصميم الرئيس على التصدى للفساد ومخالفات البناء وإنفاذ القوانين ضد البناء العشوائى وتجريف الأراضى الزراعية، يأتى الآن دور الموطنين المخلصين لهذا الوطن فى احترام القوانين والتعاون مع الدولة فى إنفاذ القانون، والتصدى للشائعات، ومحاولات التشكيك فى كل المشروعات القومية وحركة الإصلاح الكبرى، والتحديث للدولة والجهود الكبيرة التى يقوم بها الرئيس السيسى الذى نثق فى شجاعته ووطنيته وخطواته الأمينة، التى تعمل وتتحرك فى كل اتجاه لصالح الوطن والمواطن، من أجل بناء مصر الحديثة المستنيرة التى نفخر بالانتماء إليها، ولتأخذ مكانتها المستحقة بين دول العالم الحديث.
لكل ذلك وغيره، نقول: فلتمض يا سيدى الرئيس فى خطواتك لبناء مصر الحديثة العصرية التى نحلم بها، ونحن معك ووراءك ونثق تمامًا فى قدرتك وشجاعتك وحكمتك على قيادة مصر التى نحبها ونعتز بأننا ننتمى إليها.