رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سارة الشلقاني تكتب: «نسم علينا الهوا».. فيروز تطل من مفرق «الرابية – لبنان»

فيروز
فيروز

كُتبت بصوتها في قلوبنا، ذلك النغم الهادئ للنفس دائما مهما كان صاخبًا، ليست «جارة القمر» أو «سفيرتنا إلى النجوم» فقط، ولكنها «صوت الصباح»، فلا يبقى الصُبح صبحًا سوى عند الاستماع إليها، فـ«السيدة فيروز» تجسد لنا الحياة: حبًا، مقاومةً، شوقًا، فراقًا، لقاءً، وما بينهم.

«نسم علينا الهوا» صباح اليوم من مفرق «الرابية – بيروت» بعد أن نشرت فيروز صورًا حديثة من داخل منزلها، اُلتقطت أمس، الاثنين، خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ومنحها وسام «جوقة الشرف» وهو أعلى تكريم فرنسي رسمي أنشأه نابليون بونابرت عام 1802 ميلاديًا، لكونها رمزا من رموز الوحدة للبنان.

وجاءت «طلة فيروز» ليخفق لها قلوب محبيها - من الصعب ألا تكون من بينهم - فظهرت بابتسامتها المعهودة، التي لم تدبل مع مرور السنوات وتعاقب الفصول، ووجها المنحوت، زاد عليه فقط تجاعيد قليلة هادئة، لم تؤثر على جمالها البالغ 84 عامًا، تشعر كأنها رُسمت بكل لحن وأغنية قدمتها إلينا، تصل لنحو 800 أغنية، وبمظهر بسيط في منزلها التراثي العريق، الذي يكسوه روحها الراقية والإضاءة الخافتة ولوحات تجسد فترات صاحبة "الصوت الملائكي".

فيروز

كانت فيروز موجودة دائمًا.. كم مرة أُثقلت روحك وشق صوتها طريق الضوء إليك خلال ظلمة الليل؟ في أي ذكرى لم تكن فيروز مجسدة لها؟ ليست في الحب فقط، عدد فتراتك التي ضجرت، حزنت، أو تملكك اليأس بها لتعيدك بهدوء إلى قواعدك «انتظريني وضلك صلي، الله كبير» بل حتى في الحرب والسلام، وعشق الأوطان العربية، نتغنى بـ«زهرة المدائن»، نشعر بمدى الآسى في «شادي»، نعتز بـ«مصر عادت شمسك ذهب»، ويشعر كل عربي في أي أرض كان بحب وطنه – حتى وإن كان داخله - بـ«نسم علينا الهوا».

وحُسد ماكرون، من قبل محبي جارة القمر في الوطن العربي، على مقابلته لها، ولكن في الوقت ذاته، امتنوا لتلك الزيارة التي جعلت فيروز تطل عليهم من جديد، وكتبوا: «ماكرون له شرف ضيافتك»، «نيالك مع جارة القمر»، و«بيكفي شوفتنا إياها»، وغيرها من التعليقات التي تعبر عن سعادتهم برؤيتها من جديد، وكأن ظهورها فقط يشفي بعض ما بهم من آلام، ويشتاقون لصوتها ليُسكن البعض الآخر.

ولا يخفى أن الاهتمام الشعبي العربي بزيارة الرئيس الفرنسي لفيروز في منزلها، وترقب تفاصيلها عن كثب، كان أكبر من اهتمامهم بزياراته الدبلوماسية إلى لبنان.

«بدنا نندر شمعة» وتجعلنا نراها دائمًا، نعطها الناي فتُعيدنا إلينا بعد أن يفنى الوجود، ننسى الداء والدواء، وتجلعنا نتلحف الفضا لنزهد فيما سيأتي وننسى ما قد مضى.. «فيروز» أجمل وأبقى أرزة في لُبنان، نتمنى لها التمتع بالصحة، ونتمنا لنا التمتع بصوتها دائمًا.