رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الدستور» تكشف أسرار ما جرى: ماذا فعل «ابن النادى» فى الأهلى؟

رمضان صبحى
رمضان صبحى

صدمة كبيرة تلقاها جمهور الأهلى، أمس الأول، بإعلان مجلس إدارة النادى، فى بيان رسمى، عن استبعاد رمضان صبحى، نجم فريق الكرة، من حسابات النادى نهائيًا، بعدما أبلغ اللاعب الإدارة برغبته فى اللعب لنادى بيراميدز.
وجاءت خطوة «رمضان» امتدادًا لفعل عدد كبير من نجوم الأهلى، الذين فضلوا المال على ارتباطهم بالجماهير والحفاظ على مكانتهم لدى الأهلاوية، على رأسهم عبدالله السعيد وحسام عاشور وأحمد فتحى، وذلك رغم أن الأهلى هو من صنع «رمضان»، وأنقذه وأعاده إلى مستواه عندما وقع أسيرًا لدكة الإنجليز.
لماذا اختار رمضان صبحى بيراميدز؟ وهل غدر بالأهلى فى اللحظات الأخيرة؟ وإلى أى مدى تتحمل إدارة النادى المسئولية فى خروج النجوم بهذا الشكل؟.. هذه وغيرها من التساؤلات تُجيب عنها «الدستور» فى السطور التالية.

خدع الجميع.. وجلسة «فيلا الرحاب» أنهت كل شىء

بداية علينا الاعتراف بأن طريقة انتقال رمضان صبحى من الأهلى إلى بيراميدز- ذلك الوليد الذى جاء خصيصًا لمنافسة الأهلى وهز قوته المادية والجماهيرية- هى أقوى ضربة تلقاها الأهلى فى تاريخ انتقالاته.
هى الضربة الأقوى لأن «رمضان» هو أول لاعب أهلاوى يترك الأهلى طواعية وهو فى سن صغيرة وفى أعظم وأهم فتراته الفنية، ويكون الأفضل داخل الفريق، والأكثر تأثيرًا فى المنظومة، بجانب كونه لاعب المستقبل فى النادى وفى الكرة المصرية بشكل عام.
قديمًا رحل حسام حسن لكن ذلك كان برغبة من الأهلى، وسبقه جمال عبدالحميد لكنه كان طريدًا، وتلاهما عصام الحضرى، لكن سنه كانت قريبة من الـ٣٥ عامًا، وغيرها من النماذج والحالات التى تجعل تقبل رحيل أى من هؤلاء النجوم الكبار أقل أثرًا من تلك الضربة الخطيرة والموجعة التى تلقاها الأهلى فى عملية «سرقة» رمضان صبحى.
ونقول «سرقة» وليس خطفًا أو شراءً، لأن هذا الوصف هو التعبير الأدقق عما جرى فى الكواليس خلال الأيام الأخيرة، التى تكشف عن أمور كثيرة تقول بأن «رمضان» باع الأهلى وغدر به فى سيناريو عجيب وغير متوقع بالمرة.
على مدار أسابيع طويلة، طمأن رمضان صبحى الجميع داخل الأهلى، وقال مرارًا وتكرارًا دون ملل: «لن ألعب فى مصر لغير الأهلى.. الأهم أن تتفقوا مع إدارة هدرسفيلد».
لم يعتنِ الأهلى على مدار ٤ أشهر مضت سوى بإقناع «هدرسفيلد»، النادى الإنجليزى الذى يملك «رمضان» حاليًا، ببيع اللاعب، ولما توصل إلى اتفاق طلب «رمضان» الحصول على مهلة للتفكير.
«رمضان» الذى اتفق مع الأهلى سابقًا على الراتب والإعلانات التى سيحصل عليها ضمن الصفقة، فاجأ الجميع بـ«مراوغة» لا تقل مهارة ودهاء عن مراوغاته داخل الملعب.
استجاب الأهلى لـ«رمضان» فى كل شىء، جعلوه الأعلى راتبًا داخل الفريق، وتساوى مع على معلول بـ ١٨ مليون جنيه فى الموسم، ومع ذلك ظل يراوغ ويتعامل مع إدارة التعاقدات بسياسة «التنويم»، حتى قام بضربته فى وقت أفسد فرحة الأهلاوية باستادهم الجديد.
اتفق بيراميدز مع اللاعب على راتب سنوى ٣٠ مليون جنيه، بإجمالى ٩٠ مليون جنيه فى ٣ مواسم، إلى جانب مكافأة مالية كبيرة سيحصل عليها بمجرد توقيع العقود، وكذلك مكافأة ضخمة لأكثر من وسيط شاركوا فى عملية الإقناع والضغط على اللاعب.
وكانت آخر عمليات الضغط على «رمضان» فى فيلا الرحاب، حينما اجتمع اللاعب باثنين من نجوم بيراميدز الكبار، أحدهما لا يزال لاعبًا فى الأهلى ويتعامل كرمز وأسطورة، لإجادته التلاعب بالجماهير بطريقة دبلوماسية تعلمها فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية التى درس بها.
كانت كل المعطيات حول «رمضان»، وحجم الضغوط والإغراءات التى أحاطت به، مع رصد مبلغ كبير جدًا لهؤلاء الوسطاء، عبئًا أكبر من طاقة الأهلى، ويفوق إمكانيات أى فريق فى مصر، وشابه ما جرى فى صفقة نيمار دا سيلفا حينما انتقل من برشلونة الإسبانى إلى باريس سان جيرمان.
دفع «باريس» ليحصل على «نيمار» ٢٢٢ مليونًا، قيمة الشرط الجزائى، لكن التقارير الفرنسية أجمعت على أن إجمالى ما دفعه القطرى ناصر الخليفى، مالك باريس سان جيرمان، لإتمام الصفقة جاوز نصف مليار ما بين رواتب ومكافآت للاعب، وعمولات لوالده الذى حصل على ١٠٠ مليون دولار بمجرد توقيع اللاعب لفريق العاصمة الفرنسية.
وكما تحدثت التقارير الغربية، فإن ما فعله «الخليفى» كان عقابًا من الدوحة لبرشلونة على رفضها تجديد الرعاية مع قطر، فكانت الحيلة إسقاط مشروع «البارسا»، إما بضم ميسى أو نيمار، وقد أفلح المخطط مع الثانى.
ويتشابه ذلك مع ما حدث مع «رمضان»، فـ«بيراميدز» سيدفع قرابة ١٠٠ مليون فى ٣ مواسم للاعب، وهو رقم خرافى، كما سيدفع مكافأة أخرى له ربما تفوق ٢٠ مليون جنيه بمجرد التوقيع، إلى جانب ٨٠ مليون جنيه سيدفعها النادى لـ«هدرسفيلد»، إلى جانب عمولات الوكيل السمسار فى هذه الصفقة، والوسطاء الآخرين الذين أقنعوه من خلال الجلسات التى لم تنقطع حتى وقت قريب، وهو ما يؤكد أن ما تم إنفاقه على اللاعب رقم استثنائى، ووراءه أهداف أكبر من مجرد ضم لاعب «حريف» حتى لو كان الأفضل.

الإدارة ساوته بـ«معلول» ومنحته 3 أضعاف عرض السعيد

فى ظل المعطيات والمعلومات سالفة الذكر وغيرها، يمكننا أن نلتمس بعض الأعذار لإدارة الأهلى فى ملف رحيل رمضان صبحى، بشكل أكبر من ملف رحيل عبدالله السعيد.
على سبيل المثال، عندما جلس «السعيد» إلى جوار عدلى القيعى للتفاوض على الراتب، عرض عليه الأخير ٧ ملايين فى الموسم، ولما قال اللاعب إن لديه عرضًا من الزمالك بـ٤٠ مليون جنيه فى موسمين، رد عليه «القيعى» بغرور وعنجهية: «توكل على الله يا ابنى، ده مستحيل تلاقيه فى الأهلى».
كان رد «القيعى» المستفز والساخر تشكيكًا فى قدرات «عبدالله»، وفى إمكانية حصوله على عقد بمثل هذه القيمة، ومن هنا بدأ اللاعب خطواته ليؤكد لإدارة الأهلى أنه بالفعل لديه عروض، وإذا كان لقى معاملة احترافية وتفاوضًا جادًا من البداية لربما لقيت الأزمة حلولًا، واتفق الطرفان فى مساحة ما.
لكن فى حالة رمضان صبحى، الأهلى كان ضحية مراوغات اللاعب الذى لم تعنه حاجة فريقه وجماهيره وإدارته لجهوده، ولم يكن صريحًا من البداية فى إعلان رغبته اللعب لـ«بيراميدز» أو للعرض المادى الأعلى، بل ظل كما ذكرنا فى البداية يردد بأنه لن يلعب فى مصر سوى للأهلى.
كما أن الأهلى لم يكن مرنًا مع «السعيد»، فى حين وصلت مرونته مع «رمضان» لمنحه أعلى راتب يمثل ٣ أضعاف ما عرض على «السعيد» قبل عامين فقط، ويماثل ما يحصل عليه «معلول».
لذلك فإن مجلس إدارة الأهلى ما كان بمقدوره أكثر مما قدم، لأنه حال رفع راتب «رمضان» إلى ٣٠ مليون جنيه، فى وقت يُدفع فيه للفئة الأولى من اللاعبين المصريين ١٢ مليونًا، فإن ثورة كبيرة بانتظار النادى مستقبلًا، خاصة أن ما جرى فى عملية التجديد لـ«أحمد فتحى» كان عاملًا فى رفع أسعار لاعبين كثيرين، على رأسهم وليد سليمان الذى جدد موسمين بـ٢٤ مليون جنيه، وهو لاعب بديل وفى سن الـ٣٥ عامًا، وكذلك اللاعبين المتواضعين مثل مروان محسن والذى وصل سعره لقرابة ١٠ ملايين فى الموسم. لذلك لم يكن لدى الأهلى خيار آخر سواء تنازل «رمضان» من أجل النادى، لكنه استعجل المال وفضل الإغراءات على تقديم بعض التنازلات لأجل جمهور ومؤسسة صنعت منه نجمًا كبيرًا يريده الجميع.

هل سيعانى «الأحمر» لتعويض اللاعب؟


على المدى البعيد لا يمكن أن يعوض الأهلى رحيل «رمضان» سوى بشراء لاعب بنفس المواصفات والأدوار الفنية، فلا «كهربا» أو طاهر محمد طاهر يستطيعان أداء دوره. فرغم أن «كهربا» و«طاهر» يلعبان فى نفس مركز «رمضان» بالجناح الأيسر، لكن أدوارهما تقتصر على الثلث الأخير من الملعب والقرب من المرمى، بينما تزداد أدوار «رمضان» لتشمل البناء والتطوير من المنتصف وصناعة الفرص، والتحكم فى أسلوب اللعب و«رتم» الفريق، وهذا النوع غير متاح حاليًا فى الأهلى، واذا أراد النادى تعويضه عليه البحث عن اختيارات جديدة أو تغيير اللعب.
أما على المدى القريب، فطبيعى أنه بمقدور الأهلى سد الفجوة وتجاوز المرحلة، خاصة أن بطولة الدورى محسومة، مع مرونة «فايلر» فى تبديل الأدوار داخل الملعب وخلق حلول جديدة.
بمقدور الأهلى فى كل الأحوال الفوز والتتويج فى غياب «رمضان» هذا الموسم، لكن المؤكد أنه لا يمكن له الاستمرار فى نفس فلسفة اللعب وتطبيق نفس الأفكار على المدى البعيد.
إذن... هل اختار رمضان صبحى الخطوة الأفضل؟
إذا كان اختيار «رمضان» بسبب فارق الـ١٠ ملايين جنيه فى الموسم، فربما كان خياره خاسرًا، لأنه لا يزال صغيرًا وأمامه أكثر من ١٠ سنوات، وغياب المشروع الفنى لـ«بيراميدز» ربما يهدد مستقبله ويؤثر على تطوره، تمامًا مثلما حدث مع «نيمار» فى «باريس»، وفى هذه الحالة سيهدر مشروعًا كبيرًا للاعب له مستقبل بارع.
أما إذا كان «رمضان» مقتنعًا بأن انتقاله ليس مجرد «صفقة كيدية» ممن يريدون إحراج محمود الخطيب جماهيريًا، ومؤمن بوجود مشروع فنى لدى فريقه الجديد، وناقش ذلك بصورة واضحة، فمن المؤكد أن مستقبله كبير، وإن كنت أشك فى امتلاك بيراميدز أى مشاريع فنية.