رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«القاهرة بلد درجة رابعة وكرهت عبدالناصر».. اعترافات خطيرة لـ فاتن حمامة

 فاتن حمامة
فاتن حمامة

"تعودت على أن أي عمل أقدمه لا بد أن يكون جاهزًا عندي قبل أن أبدأ بستة أشهر أو أربعة أشهر على الأقل، حتى أعرف الدور بكل أبعاده"، هكذا بدأت الفنانة فاتن حمامة حديثها عن السينما والتليفزيون والأعمال الفنية التي شاركت فيها، وذلك في حوارها لمجلة "المصور" عام 1991.

وعن تعاونها مع السيناريست أسامة أنور عكاشة، قالت الفنانة الراحلة، إن عكاشة كان يقول لها "ثقي فيا ومتخافيش"، رغم أنها كانت تثق فيه، انطلاقًا من قوة أعماله التي شاهدتها له، وهي التي طلبت العمل معه، مضيفة: "تعودوا في التليفزيون أن يبدأو بأول أربع حلقات من المسلسل، والحلقات الأخرى ليست في أيديهم، لكنني لا أستطيع العمل بهذه الطريقة، فصبرت إلى أن انتهى من كل الحلقات، وهو ما حدث واكتملت قبل بدأ التصوير بعشرين يومًا".

قيل إن الفنانة فاتن حمامة تتدخل في كل كبيرة وصغيرة في الأعمال التي تجسد بطولتها، لكنها، ردت: "أبدًا"، وأشارت إلى أن العمل الجماعي هو البطل، وقالت: "إننا مجموعة واحدة، ولو أن أحدًا منا هبط، فسنهبط جميعًا، ولو ارتفع أحد فسنرتفع جميعًا، هي مجموعة متكاملة، وبخبرتي الطويلة فإنني أستطيع عندما أقرأ سيناريو، اختصر مشهدًا، وهي صنعتي وشغلي، ولو كان الأمر في يدي لاختصرت مسلسل "ضمير أبلة حكمت" إلى سبع حلقات".

واعترفت الفنانة فاتن حمامة في حوارها، بأنها في بداية ثورة يوليو 1952، كانت تنحاز للثورة، لكنها أصبحت ضدها، وقالت: "عبدالناصر بالنسبة لي كان إلهًا، وكنت واحدة من اللاتي يرفعن العلم، لم أكن أملك أرضًا أو شيئًا أخذته الثورة مني، ولكن عبدالناصر حدد الملكية بمائتي فدان وأعلن أن هذا تحديد نهائي، وفي العالم التالي أعلن عبدالناصر تحديد الملكية بمائة فدان، فقلت: إنه مخادع، من هنا بدأ إحساسى به ينزل، ثم رأيت ظلمًا كثيرًا من حولي، ظلمًا غير طبيعي لأناس يؤخذون من بيوتهم إلى السجن، وفي نص الليل سيدات تبكي، رأيت حولي أشياءً فظيعة، وكنت أعيش في كبت وحبس".

وأشارت فاتن حمامة أثناء حوارها مع "المصور" 1991: "جاء لي رجال من المخابرات عن طريق شقيق فنان يعمل في الاستعلامات، ومعه كتب غريبة عن الجاسوسية، وطلب مني قراءتها، وقال لي: "إننا نثق فيكي وإنك لن تتكلمي رغم أننا نعلم أن لك أشقاء يتكلمون، ومن أجلك أنت لم نؤذ أحدًا منهم، تهديد كان مباشرًا تقريبًا، طلب مني التعاون، وسألته: كيف؟؟، قال لي، أقرئي هذه الكتب".

لم تنم "فاتن" لمدة أسبوع، لم يغمض لها جفن، وأصيبت بقلق لا أول له ولا آخر، وكرهت النظام كله، وكان لها صديق ضيف دائم في السجن، وهو حلمي حليم، وشقيقه أسعد حليم لاحظ اضطراب "فاتن" وقلقها، لكنها خشيت وخافت أن تفصح عما دار في المقابلة، قالت: "كان وقتها البيوت بها ميكروفونات، التليفونات مراقبة، وعندما أجلس مع أشقائي كانوا يحذرونني من الكلام أمام أخي الصغير حتى لا ينقل شيئًا في المدرسة عندما يضغطون عليه، لكنني مشيت مع حلمي حليم في الشارع وحكيت له، فنصحني بأن أقول لهم: أبعدوا عني، وأنا ليس لي في هذه المسائل، ونصحنى بأن أكون ثقيلة، وإلا فلن أخلص من هذه الورطة، كنت خائفة، لكنني نويت المحاولة".

وبعد أسبوع، تواصل مع الفنانة فاتن حمامة رجل المخابرات، فقالت له: "إننى لا أستطيع التعاون معك، وإنني أحب وطني، ورغم ذلك إذا تكلم أحد عن مصر فسوف أقول لك".

بعد هذه الواقعة، كانت إذا طلبت الفنانة فاتن حمامة السفر، يرفضون طلبها، إذا أرادت المشاركة في مهرجان، تُسأل من قبل ضابط الجوازات عن سبب السفر، مضيفة: "كرهتهم جدًا، وبعد قليل خططت ومشيت، ولم أستطع السفر إلا بعد أن سمح رئيس الوزراء وقتها زكريا محي الدين بسفري، وكنت أعرفه عائليًا".

أما موقف الفاتن حمامة من الرئيس الراحل محمد أنور السادات، كان مختلفًا، حيث قالت لـ"المصور": "مع السادات كانت الدنيا مفتوحة، والناس ضحكت وغنت، والبيوت فتحت، والقرش جرى في مصر كلها، عكس أيام عبدالناصر، الكل افتقر، وزع الفقر، وأي بلد إذا أغلقت ثم فتحت مرة واحدة، لا بد من حدوث تجاوزات".

ووصفت فاتن حمامة، القاهرة بأنها أصبحت بلدًا درجة رابعة، من ناحية الزحام الخطير، ففي الشارع لا يوجد رصيف تمشي عليه، والنيل تم سده، متابعة: "كل واحد بيديه يحطم جمال القاهرة، النيل المتنفس الوحيد لنا خنقوه، أسوار قبيحة من الأسمنت تقام على النيل، من الممكن عمل كازينوهات على النيل، ولكن لا ضرورة لأسوار من الأسمنت لهذه الكازينوهات، وسور قصير لا يحرم من يسير على قدميه من رؤية منظر النيل، شوارعنا أصبحت مظلمة، شوارع مكسرة لا بد من إصلاحها، أخاف أنزل أمشي على رجلي أخاف من الكسر، هذه الأشياء تفزعني".