رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اسلمي يا مصر.. إننا الفداء!


من يحبها منا يتمنى لها السلامة في كل حين، حتى وقت السلم، فما بالنا بوقت تحدق المخاطر فيه بمصرنا الحبيبة من كل حدب وصوب؟! نحن دعاة سلام لكننا لا ندعو إلى السلم عن ضعف، بل على النقيض من ذلك، نحن قادرون على القتال والدفاع عن كل ما من شأنه تكدير الأمن العام أو الأمن القومي المصري الذي طالما طمأننا الرئيس عبدالفتاح السيسي أنه خط أحمر لا تهاون فيه ولا تراخ وهو لا ينطق إلا صدقا.

وعندما جاءت موافقة مجلس النواب المصري على إرسال عناصر من قواتنا المسلحة خارج البلاد للدفاع عن مصرنا وأمنها وسلامتها إذا ما دعت الحاجة والضرورة الملحة إلى ذلك كان هذا أكبر دليل على جهوزيتنا للتصدي لردع كل عدوان.

وقد سيقت عبارة بالغة الأهمية - في طيات القرار - استوقفتني إعجابًا من حيث الدلالة والمعنى، نصها: "لا الشعب يومًا خذل الجيش، ولا الجيش يومًا خذل الشعب"؛ فهي بحق تعد شعارًا ينبغي التغني به وترديده دومًا تأكيدًا على ما ينطوي عليه جوهرها من معنى عظيم يدل على مدى إيمان الشعب المصري بجيشه القوي وجنوده البواسل، وثقته في قدراته الفائقة فهو لشعبه الدرع والسيف.

ومن جهة أخرى يؤمن الجيش المصري بمساندة ومؤازرة الشعب والدولة المصرية ككل له في كل خطواته، ودومًا على أهبة الاستعداد لتقديم فلذات الأكباد ليصطفوا جنودًا وراء خط النار يحملون أسلحتهم وعدتهم وعتادهم وقبلها أرواحهم فداء لتراب الوطن المقدس.

إن هذه العلاقة الهرمونية بين الشعب المصري وجيشه تستحق الدراسة بحق فهي مضرب للمثل لما ينبغي أن تتحلى به هذه الصلة من متانة وقوة تجعلها تصمد أمام أصعب التحديات والشدائد والملمات والمخاطر.

ولم يصغ مصطفى صادق الرافعي كلماته الأثيرة من فراغ حين أبدع "أنشودة اسلمي يا مصر" قائلا:

اسْلَمِي يا مِصْرُ إنِّنَي الفدا
ذِي يَدِي إنْ مَدَّتِ الدّنيا يدا
أبدًا لنْ تَسْتَكِيني أبدا
إنَّني أَرْجُو مع اليومِ غَدَا
وَمَعي قلبي وعَزْمي للجِهَاد
ولِقَلْبِي أنتِ بعدَ الدِّينِ دِيْن
لكِ يا مِصْرُ السلامة وسَلامًا يا بلادي
إنْ رَمَى الدهرُ سِهَامَه أتَّقِيها بفؤادي
واسْلَمِي في كُلِّ حين

يا لها من دفقات حماسية تلهب الشعور الوطني وتؤججه برغم جهوزية المصري وعزيمته الفطرية للجهاد في سبيل الوطن؛ فمن عناصره تتشكل الجبهات القتالية من نسور جيشنا العظيم.. لا شك أننا نعيش حالة قلقة يخيم عليها نذور حرب مرتقبة نكاد نسمع طبولها تدق منذرة إذا ما تعثرت الحلول الدبلوماسية التي نتمنى نجاحها لتمنع ما كان وشيكا.

وفي كلتا الحالتين نستشعر روحًا وطنية تخيم على قلوب المصريين نأمل استمراريتها وتدفقها، فالاتحاد قوة والتشرذم ضعف، وقد بلغ وعي المصريين بالمعرفة اليقينية بقيمة الوطن بعد كل ما مررنا به سابقًا بذلت فيها كل المحاولات، وحيكت المؤامرات لشق الصف المصري وتعكير الحالة النفسية، وتصدير اليأس والإحباط في فترة مظلمة داكنة كاد أن يضيع كل شيء لولا الاصطفاف والتكاتف المنقطع النظير في ثورة 30 يونيو التي بها حسمت الأمور واسترددنا بلادنا وكرامتنا..

يقينا قد تعلمنا الدرس، وعرفنا كيف السبيل إلى الحفاظ على الوطن بوصفه جزءًا لا يتجزأ من الشرف والعِرض، وكل يوم يمر نرى بأم أعيننا ما يصيب البلدان المجاورة من انهيار ساعد عليه وأسهم فيه أبناؤه لغياب الوعي والفرقة وعدم التماسك والتكاتف للقضاء على أطماع تتحقق لقوى خارجية بمجرد سقوط البلدان لتتلقفها كفوف الاستعمار.

فلتسلمي يا مصرنا من كل سوء سنفتديك بدمائنا لتسلمي في كل حين..

وعود إلى أنشودة الرافعي:

وَيْكَ يا مَنْ رَامَ تَقْييدَ الفَلَكْ
أىُّ نَجْمٍ في السَّما يَخْضَعُ لَكْ
وطنُ الْحُرِّ سَمًا لا تُمْتَلَك
والفتى الحرُّ بِأُفْقِهِ مَلَكْ
لا عَدَا يا أرضَ مِصْرٍ بِك عَاد
إنَّنا دُونَ حِمَاكِ أجمعين
لكِ يا مصرُ السَّلامة

يا لها من كلمات تمثل دستورًا يسير على هداه كل مصري حقيقي دمه وروحه مخيطة بتراب هذا الوطن الطاهر.

للعُلا أبناءَ مِصْرٍ للعُلا
وبِمِصْرٍ شَرِّفُوا المستقبلا
وَفِدًا لِمِصْرِنا الدُّنيا
جَانِبى الأَيْسَرُ قَلْبُه الفُؤَاد
وبِلادِي هِيَ لِي قَلْبِي اليَمِين
لكِ يا مصرُ السَّلامة
واسلمي في كل حين.. فإننا الفداء!

- أستاذ ورئيس قسم الإنتاج الإبداعي بأكاديمية الفنون