رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عيد الأضحى بملامح مختلفة


لم يكن عيد الأضحى المبارك هذا العام مثل أى عيد سابق مر علينا.. غابت عنا فرحة الأضحى المبارك هذا العام فى القاهرة، كما فى المحافظات، حيث خلت الشوارع من زحام المارة والسيارات، وافتقدنا فيه فرحة اللقاءات بالأحباب، ولمة الأصحاب، وتبادل الزيارات مع الأعزاء من الأهل والأقارب، واختفت التجمعات الكبيرة تمامًا، والتى عادة ما كانت تغلفها مشاعر الابتهاج، والاحتفال بقدوم العيد.
لم يعد هناك مجال لتنظيم الخروجات مع أفراد الأسرة والأبناء إلى المتنزهات، والحدائق التى أغلقت أبوابها، ولا لدور السينما التى تعرض الأفلام الجديدة عادة فى الأعياد.
كما توقفت النزهات النيلية الجماعية المبهجة، ولم تشهد الشواطئ التزاحم المعتاد للاستمتاع بها، ولا رأينا الأطفال يملأون الشوارع بملابس العيد الجديدة، ذات الألوان الزاهية.
أما أنا، فأمضيت أيام العيد مع أسرتى، والقلب يعتصر حزنًا وألمًا لوفاة أمى الحبيبة رجاء حجاج، رائدة العمل الاجتماعى والخيرى قبل عيد الأضحى المبارك بعدة أيام، حقيقى افتقدت صحبتها الغالية، وعشت أتذكر بهجة الأعياد معها، وصحبتها التى كانت تملأ البيت فرحًا وبهجة وحياة وبركة، كانت تحيط بى بوجودها فى حياتى.
وهكذا أمضى كل الأسر المصرية عيدًا بملامح مختلفة دون نكهة الأعياد، ودون بهجة عيد الأضحى المبارك.
ومع كل ما سبق، إلا أنه من ناحية أخرى، فإن التزام الأسر المصرية بإجراءات احترازية فرضتها ظروف فيروس كورونا الفتاك والخَوف من انتقال المرض الخطير، قد أدى إلى تراجع أعداد الإصابات به فى بلدنا، وانحسار الإصابات بشكل ملحوظ لتصل الأحد الماضى إلى ١٦٧ إصابة فقط.
حقيقة أخبار سارة تؤكد أننا نسير فى طريق سليم، إذ ينبغى علينا أن نستمر فى أخذ حذرنا من العدوى بهذا الفيروس الفتاك، ولا بد أيضًا أن نستمر فى أخذ الاحتياطات الضرورية التى فرضتها الظروف الصعبة لهذا الفيروس الملعون الذى لا يرحم، والذى ينتقل من دولة إلى أخرى.
ومن المؤكد أننا سنظل أيضًا نشهد أيامًا لها ملامح غريبة علينا، طالما ما زال هذا الفيروس يهدد العالم، فلقد أطل علينا عيد الأضحى المبارك هذا العام- كما أشرنا- بملامح مختلفة وبشكل لم نعهده ولم نره من قبل بشوارع خالية من البهجة وببيوت خلت من الاحتفالات بين الأحباب والأسر ككل عام، بسبب فيروس كورونا الذى غيّر معالم الحياة فى كل الأيام، وفى كل المناسبات بسبب تلك الإجراءات الاحترازية والتباعد بمسافات كافية تفصل بيننا وبين من نحب أن نلتقى بهم لنقضى أيام العيد معًا ككل عام.
كما أطل علينا عيد الأضحى المبارك أيضًا دون أمل فى الحج إلى الأراضى المقدسة لمن يتوقون إليه من ملايين المسلمين، وأطل علينا بملامح مختلفة من مدينة مكة المكرمة، حيث رأينا الحج لحظة بلحظة من خلال الفضائيات، وسط أجواء روحانية مليئة بالخشوع والسكينة.
ولكن وسط إجراءات احترازية مشددة، بناءً على القرارات التى اتخذتها السلطات السعودية حفاظًا على أرواح الحجيج من جائحة كورونا، تم منع الحج إلا للمقيمين فى الأراضى السعودية، مما مرر الحج بسلام هذا العام، ورأينا حرص المملكة على تهيئة منظومة متكاملة من الخدمات الواسعة والمتعددة لجموع الحجيج فى مكة المكرمة والمشاعر المقدسة والمدينة المنورة، مما تطلب أن تبذل الأجهزة الرسمية للدولة جهودًا مضاعفة وعديدة للإشراف على سلامة ضيوف الرحمن وراحتهم.
كما تم تقليل الأعداد لضمان سلامة الحجاج لذات الأسباب المشار إليها، ليقتصر عدد الحجاج على نحو عشرة آلاف حاج فقط، من الحجاج السعوديين والمقيمين داخل أرض المملكة، مما أدى إلى حرمان أكثر من ٣ ملايين مسلم من أداء فريضة الحج، وذلك للظروف الاستثنائية والصعبة التى اقتضتها مواجهة جائحة كورونا.
وفى القاهرة وبقية محافظاتنا، اقتضت ظروف المخاوف من جائحة كورونا منع صلاة العيد فى المساجد والساحات خشية تفشى الفيروس، لذا حرص المواطنون على الالتزام بالبقاء فى البيوت، مما أدى إلى تراجع حالات الإصابة بالفيروس الخطير.
والآن، لا بد أن نُدرك أنه لا سبيل أمامنا لحماية أنفسنا من الفيروس الخطير إلا الاستمرار فى الالتزام بالإجراءات الاحترازية، ومنها ارتداء الكمامات، والابتعاد عن الازدحام، والتباعد عن الآخرين بالمسافات المعلن عنها حتى تمر المرحلة المقبلة بخير وسلام على جميع المواطنين المصريين، وكل عام وأنتم بخير، على أمل أن تنقشع خطورة هذا الفيروس، ونعود إلى ممارسة حياتنا المعتادة فى القريب العاجل.