رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تأجيل قرار ضم غور الأردن



أعلن نتنياهو قرار ضم غور الأردن قبل الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة فى محاولة لكسب أصوات اليمين المتطرف الصهيونى، وبالطبع كان لا بد من الحصول على مباركة ودعم الأب الروحى الحارس والحامى الأمريكى دونالد ترامب الذى أعلن دعمه هذا القرار، فى محاولة لكسب أصوات اللوبى الصهيونى الأمريكى فى الانتخابات الرئاسية المقبلة فى أواخر عام ٢٠ ٢٠.
وبعد فوز نتنياهو وتشكيل حكومة برئاسته بالائتلاف مع بينى جانتس، رئيس حزب أبيض أزرق، بدأ يصرح بقرار ضم غور الأردن والمستوطنات الإسرائيلية «غير الشرعية» فى الضفة الغربية لإسرائيل فى الأول من يوليو ٢٠٢٠، ولأن نتنياهو يريد أن يحقق كل ما وعد به ناخبيه من اليهود اليمينيين المتطرفين، ولأنه يخاف من عدم فوز صديقه الصدوق العنصرى ترامب، تفاهم معه على أن يدعم تفعيل قراره بضم غور الأردن والمستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية، بما يعنى ضم ٣٠٪ من الأراضى الفلسطينية المحتلة فى الخامس من يونيو ١٩٦٧، وهذا معناه، كما قال الخبراء الاقتصاديون، خسارة ٦٠ ٪ من الإنتاج الزراعى للفلسطينيين فى منطقة غور الأردن، بل وكل مصادر المياه، بجانب فقدان الدخل من السياحة العلاجية فى البحر الميت، والدخل من سياحة الآثار.
وبجانب ضم غور الأردن ستقوم إسرائيل بضم المستوطنات غير الشرعية التى أقيمت فى أراضى الضفة الغربية المحتلة، وتضم أيضًا أراضى دولة ليس بها أهالى.. أى أنه لن يتبقى للفلسطينيين غير مجموعة كانتونات من الضفة الغربية!!!.
والسؤال: لماذا تأجل قرار الضم؟.. الإجابة: لقد تأجل قرار الضم الذى كان مقررًا له الأول من يوليو ٢٠ ٢٠ لعديد من الأسباب والعوامل الداخلية والخارجية.
أولًا العوامل الداخلية: رأى الخبراء أن قرار الضم يعنى حدودًا جديدة بطول ١٨٠٠ كم تحتاج إلى جدار عازل وقوات أمنية لحمايتها، وهذا تكلفته تصل إلى ١٫٥ مليار دولار أمريكى، هذا بجانب رفض بينى جانتس، نائب رئيس الوزراء، وعدد كبير من كبار الضباط الأمنيين الإسرائيليين والشخصيات قرار الضم، باعتبار أن القرار سيتسبب فى انتفاضة كبرى داخل فلسطين وعدد من البلدان، مما يحرج الحكومات العربية التى تم التطبيع معها، هذا غير تأثير قرار الضم على العلاقة الاستراتيجية بين إسرائيل والأردن وما بينهما من اتفاقيات، خاصة بالغاز والمياه واتفاقية وادى عربة ١٩٩٤ الخاصة بالسلام بين الأردن وإسرائيل، مع التضحية بالعلاقات مع دول الخليج. وكل هذه التداعيات فى نفس الوقت الذى تواجه فيه الحكومة الإسرائيلية آثار تفشى فيروس كورونا الصحية والاقتصادية والاجتماعية، والتى تسبب لها مشاكل فى الداخل.
أما العوامل الدولية فهى: معظم دول العالم رفضت قرار الضم باعتباره مخالفًا للشرعية الدولية وتأثيره على إمكانية قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس.. رفض البرلمان العربى وجامعة الدول العربية قرار الضم.. تهديد بوريس جونسون، رئيس وزراء بريطانيا، برفض قرار الضم واتخاذ إجراءات بحق إسرائيل.. وثيقة تم توقيعها من ١٠٠٠ نائب من نواب البرلمان الأوروبى تتضمن «الضم يقضى على أى احتمال للسلام ويزعزع الاستقرار فى الشرق الأوسط».. إعلان عدد من الدول الأوروبية فى الاتحاد الأوروبى إمكانية توقيع عقوبات على إسرائيل فى حالة إقدامها على قرار الضم.. التردد والانقسام داخل الإدارة الأمريكية حول قرار الضم الآن، مما تسبب فى عدم إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل للإقدام على خطوة الضم الآن.
أما إذا انتقلنا للجانب الفلسطينى فنجد ردود الأفعال القوية من جميع الفصائل الفلسطينية بإعلان المقاومة بكل الوسائل من انتفاضات ومسيرات شعبية كبرى تصل لحد العصيان المدنى بجانب المقاومة المسلحة، هذا بجانب الاتفاق بين السلطة الفلسطينية وحماس على العمل المشترك فى مواجهة خطة إسرائيل بضم غور الأردن والمستوطنات فى الضفة الغربية.
لقد صرح القادة الفلسطينيون بأن قرار الضم جريمة حرب، وأننا سنلجأ إلى كل المحافل الدولية من الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية من أجل الاعتراف بدولة فلسطينية، ومن أجل حل عادل وشامل لقضايا عودة اللاجئين.
إن إصرار نتنياهو على استكمال مخططاته بشأن ضم غور الأردن وأجزاء من الضفة الغربية لن يهدأ ولن يتوقف، منتهزًا انشغال دول العالم بالأزمات الناتجة عن تفشى فيروس كورونا غير تردى الأوضاع فى الدول العربية واستمرار الصراعات والحروب فى سوريا والعراق واليمن وليبيا، هذا غير مواجهة الإرهاب والتصدى له، ولكن العدو الصهيونى لا يضع فى حسبانه قوة الشعوب وانتفاضاتها من أجل تحقيق العدل والحرية وقوة المقاومة الفلسطينية الباسلة والمشروعة ضد الاحتلال.
إن الأمل فى الشعوب العربية والشعوب الحرة فى دول العالم فى استمرار مقاطعة الكيان الصهيونى اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا ورياضيًا وعمل حملة قوية لمقاطعة منتجات المستوطنات الصهيونية داخل الأراضى المحتلة.. كل التحية للمقاومة الفلسطينية والمجد والخلود للشهداء والحرية للأسرى.