رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شادى عبدالسلام


كل فيلم هو مشروع، كل مشروع بـ تحكمه رؤية أو فلسفة، المفروض فنيًا، إنه الرؤية أو الفلسفة دى، تكون بتاعة مخرج الفيلم، وتكون الإطار اللى بـ تصدر فيه القرارات كلها، اللى تخص تنفيذ أى عنصر فى الفيلم.
رؤية المخرج بقى وفلسفته، مش بـ يتشكلوا فى الفراغ، أو من الفراغ، بـ يبقى مرتبط فيهم بـ حاجات تانية كتير: جهة الإنتاج، النجم، المؤلف، الدولة، الجمهور، السوق، المهرجانات، الرقابة، السلطة الدينية، وغيره وغيره.
مفيش مخرج بـ يعمل عمل ينفذ فيه اللى هو عايزه أو شايفه، ويتجاهل كل الحاجات التانية، ممكن المخرج يستند طواعية لـ حد تانى، ويستفيد من أفكاره فى المشروع، ممكن مخرج يتحايل، مخرج يناقش، مخرج يسيطر، مخرج يفاوض، مخرج ينسحق، مخرج يدخل المشروع ملط، اللى هو يربط الحمار مطرح ما صاحبه عايز، وهو مجرد منفذ لـ«المطلوب».
لكن فكرة إن مخرج يبقى منه لـ نفسه كدا، ما صادفتهاش إلا فى فيلم «المومياء»، أو حسب اسمه الرسمى: «يوم أن تحصى السنين»، شايفين أسماء الأفلام؟ دا ولا عنوان قصيدة نثر.
شادى عبدالسلام، مواليد سنة ١٩٣٠، كان من اللى درسوا فى فيكتوريا إسكندرية، المدرسة دى خرجت كتير لـ السينما، أول ما خلص طلع على لندن، درس المسرح شوية، ورجع مصر.
دخل كلية الفنون الجميلة، وكان تلميذ حسن فتحى، دخل شادى عالم السينما والفن، وهـ نلاقى هنا إنه مشى فى مسارين: مسار السوق، ومسار النخبة، بـ معنى إنه دخل مشروعات، لا تعبر عنه هو شخصيًا، إنما دا المتاح، وهو مطلوب منه يعمل حاجة معينة: الديكور أو الملابس أو الإكسسوار.
اشتغل فى أفلام كتيرة مشهورة، بعيدة كل البعد عن ذائقته الشخصية، هو عنصر خاضع لـ رؤية صناع الفيلم، المشهور من الأفلام دى الحاجات التاريخية وشبه التاريخية: الناصر صلاح الدين وأمير الدهاء، ورابعة العدوية وغيرها.
إنما هو اشتغل كتير، فى الفتوة والرجل التانى وبين القصرين والخطايا، وغيرها، شغل يا صديقى، شغل، هـ ياكل ويشرب ويعيش منه، إنما هو عايز يعمل إيه؟
مبدئيًا، هو مش طارح نفسه مخرج سوق، يعنى هو مش مضطر إنه يشتغل فيلم ورا فيلم ورا فيلم، هو فى دماغه مشروع مشروعين، لو أتيحت له الفرصة ينفذهم، يبقى كدا اتعشت وجبرت، ينفذ مشروع منهم، تمام، يكفى ويوفى، ما اتنفذتش حاجة، مش مهم أوى، المهم، المشروعات دى ما تتنفذش إلا زى ما هى فى دماغى.
طب دماغه فيها إيه؟ دماغه مركبة، فيها حاجات كتير لازم تحصل مع بعض، أولا، هو مهتم بـ مصر الفرعونية، هى دى الهوية، فـ هو بـ يدور فى فلكها، مش لازم يبقى العمل تاريخى، يعنى أحداثه بـ تدور أيام الفراعنة، إنما مرتبط بـ الهوية دى، وما تطرحه من قضايا وأسئلة.
دا من حيث الموضوع، إنما من حيث الأمور الفنية، فـ خلينا نفرق بين مفهومين لـ كلمة «فنى»، فيه فنى بـ معنى تقنى، إنما فيه فنى بـ معنى آرت، مش لاقى كلمة مصرية معبرة، إنما لما نتكلم عن مشروع شادى، فـ إحنا بـ نقصد الآرت.
شادى له مسار فنى، موازى لـ مساره «التجارى»، إن جاز تعبير التجارى، المسار دا بدأه من طفولته، أول ما اتعلم التصوير، وكان بـ يصور ويحمض فى البيت، ثم اشتغل فى أفلام أوروبية، خصوصًا فى مشروعات غير تجارية، من أفلام المهرجانات يعنى، وله ذائقة ووجهة نظر.
هو عايز يعمل فيلم بـ مواصفات فنية خاصة، تكون الكاميرا هى راوى الحدوتة، وكل كادر فى المشروع مرسوم بـ المللى، فيه مواصفات تانية لـ المشروع، خلينا نشوفها المقال الجى.