رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف تحول حي «شبرا» من الانفتاح لمرتع للتكفيريين؟

محمد عفيفي
محمد عفيفي

في كتابه "شبرا.. إسكندرية صغيرة في القاهرة" الصادر عن الهيئة العامة للكتاب٬ يؤرخ الدكتور محمد عفيفي٬ لذاك الحي المصري العريق الذي نشأ وولد فيه٬ وكان شاهد عيان على التحولات الكبرى التي لم تصب الحي وحده إنما أصابت المجتمع المصري كله.

فمن مصر العشرينيات والثلاثينيات وذلك الزخم الذي شهدته خاصة المتعلق بكونها قبلة تنزح إليها أطياف متباينة من البشر٬ من جهات العالم الأربع٬ كانت مصر حاضنة لكل الألوان والجنسيات والأديان٬ كانت مصر جاذبة فرأينا أحياء كاملة سميت على أسماء ساكنيها كحي المغاربة وحي الظاهر والموسكي الذي سكنته أغلبية المهاجرين الشوام إلى مصر٬ أو حارة اليهود ودرب البرابرة٬ عاش هناك الجميع متجاورين متعايشين في سلام وجيرة هادئة.

يذهب عفيفي إلى أن حي شبرا تحول للانغلاق وصار بقعة جاذبة للتكفيريين. يستدعي عفيفي شهادة الصحفية الأمريكية "آن ويفر" وكيف أصطحبها المحامي السلفي "ممدوح إسماعيل" الذي قضى ثلاث سنوات في السجن على خلفية اتهامه مع آخرين في قضية تنظيم الجهاد 1981 وتخصص في الدفاع عن المتهمين في قضايا الإرهاب٬ حيث كان يعمل في مكتب"منتصر الزيات" للمحاماة.

تقول ويفر:"كانت شبرا ذات يوم منطقة ثرية مترفة كما تم إخباري٬ حيث استقرت عائلات يونانية وأرمينية وإيطالية ورجال أعمال أقباط هناك٬ بينما كنت أتجول عبر شوارعها المتربة لم أر ما يدل على رخائها ورفاهيتها. "

وربما تلخص عبارة ويفر الأخيرة ما حل بالحي العريق الذي زحف عليه الترييف والعشوائية بعدما رحل الأجانب من أبناء البحر الأبيض المتوسط. ومن المؤكد كما قال عفيفي في حوار كنا قد أجريناه معه سابقًا: "خلق قيام دولة إسرائيل حالة من التمايز الملحوظ بشكل كبير وترسخ لدى الناس فكرة قيام إسرائيل على أساس ديني وانتصارها راجع لتمسك اليهود بدينهم وبدأت تطفو على السطح عملية التمايز ثم ظهرت مشكلات أخرى مثل التأميمات عام 56 مما خلق شعورًا لم يكن موجودًا من قبل عن سوء الأجانب وشيطنتهم بلا استثناء وخلق مشاعر كراهية للأجانب لكن المجتمع كان قادرًا على امتصاص تلك الإفرازات إلى حد ما ومع السبعينيات وما بعدها انفجر الوضع وأصبح وجود أجنبي في الشارع يفسر بأنه جاسوس كما توقف الغرب عن البعثات التعليمية ولا يمكن إغفال دور هزيمة 67 في ارتفاع نبرة الدين مرة ثانية، فاليهود انتصروا لتمسكهم بدينهم ونحن في مصر نتحدث عن القومية العربية وفي شبرا بالذات بدأت وفود هجرات جديدة على الحي أكثر ترييفا وليس طبقة متوسطة بالتالي نجد النبرة الدينية تعلو وسط المهاجرين الجدد إلى شبرا بالذات بعد السبعينيات خاصة مع الأزمات الاقتصادية في الريف وطرده لسكانه وهجرتهم للقاهرة للعمل في أي شيء مما ترتب عليه أن خروج معظم الطبقة الوسطى من شبرا إلى أحياء مصر الجديدة والمهندسين مع ظهور أجيال مختلفة عن الأجيال القديمة في تفكيرها ونظرتها للآخر وحتى فكرة السينما لديها وفكرة المقهى والنزهة وانتشار الأسماء الدينية لدى المسلمين والأسماء المسيحية علي المسيحيين ويبدأ دور الجامع بعدما كانت السينما تلعب دورا كبيرا جدا والأندية مثل نادي"إيسكو"وكان في الأصل نادي للجالية اليونانية حتى المدارس كان بها حمامات سباحة كل هذه المظاهر تغيرة مع موجات الهجرة الجديدة وظهور الأفكار الوهابية.