رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«تمساح المريوطية».. ما حقيقة وجود تماسيح فى الترع والمصارف؟

تمساح المريوطية
تمساح المريوطية

على مدار الساعات الماضية، انتشرت صور وفيديوهات لتماسيح في ترعة المريوطية تداولتها مواقع إخبارية مختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي أحدث ضجة في خلال وقت قصير وأثار الذعر من قبل الأهالي خوفًا على أولادهم وأسرهم من تلك التماسيح.

"الدستور" حققت في وجود تماسيح في ترعة المريوطية، وذلك من خلال التواصل مع أحد أهالي منطقة المريوطية وهواة تربية التماسيح، فضلًا عن التوجه بالسؤال للجهات المعنية وعلى رأسها وزارة البيئة.

هاوي تربية تماسيح: التمساح يعيش في أي بيئة مائية ويمكن أن تجرفه مياه النيل لأي مكان

محمد السيناوي، هاوٍ تربية تماسيح منذ أكثر من 10 سنوات، يرجح أن الصور والفيديوهات المتداولة لتماسيح موجودة في ترعة المريوطية إلى أنها لتماسيح تعيش بالفعل في مياه نهر النيل وروافده؛ إذ إن الترع أو المصارف هي أفرع من نهر النيل وهو بمثابة البيئة الأساسية التي تعيش فيها التماسيح في مصر.

يواصل السيناوي حديثه قائلًا: "هناك أرقام غير محدودة للتماسيح خلف بحيرة ناصر وهي محبوسة خلف الأسوار والسدود المائية هناك، وبالتبعية فإن معدل فقس التماسيح في هذه المنطقة في النيل مرتفعة للغاية بكميات ضخمة"، مشيرًا إلى أنه من الوارد أن يجرف النيل أيًا من التماسيح الصغيرة أو فقسها بين السدود في مجرى نهر النيل ويعيش التمساح بشكل طبيعي.

أوضح السيناوي أن التمساح الذي ظهر في الصور طوله تجاوز المتر أي يبلغ عمره نحو 3 سنوات، إذ إن معدل بلوغ طوله السنوي حوالي 20 سنتيمتر، لافتًا إلى أن التمساح من الأحياء البحرية القوية للغاية ولديها القدرة على العيش بدون طعام لفترات طويلة، فضلًا عن أنها تتغذى على كل ألوان مختلفة من الطعام وليس لها نوع غذاء محدد.

ويرجح هاوي التماسيح أنه من الصعب أن يشتري شخص تمساحًا ويهيئ له بيئة في منزله فهذا يكلفه من المال والجهد لتربيته، وحينما يكبر يتخلص من في أي مجرى مائي أو ترعة، موضحًا أن هناك بورصة وأسعارًا محددة ومعروفة للتماسيح والتي تختلف حسب طول التمساح.


صاحب محل حيوانات وطيور زينة: حينما يكبر التمساح يتخلص منه صاحبه في الترع والمصارف

محمد بلال، صاحب محل حيوانات وطيور الزينة، أوضح أنه من الصعب أن تعيش التماسيح في الترع أو المصارف، فلم يحدث مرة وأن رأى أي تمساح في أي فرع من فروع الترع في مصر وليس المريوطية فقط، مرجعًا ذلك لطبيعة المياه والبيئة التي يعيش فيها التمساح، موضحًا أنه في مصر تستقر التماسيح خلف بحيرة ناصر، حتى إنه يصعب وجود تماسيح في النيل نفسه أو من الممكن أن تكون حالات نادرة.

وأرجع "بلال"، سبب تداول صور لوجود تماسيح في ترعة المريوطية على المواقع الإخبارية وبين رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى حتمالية هروب التماسيح من البيوت واستقرارها في أقرب بيئة مائية قابلتها.

وذكر بلال أن هناك من الناس من يهوى تربية التماسيح في صغرها، أي يقبل بعض الهواة على شراء التمساح وهو عمره مجرد أيام وحينها قد لا يتخطى طوله عشرات السنتيمترات فقط، مستطردًا أن الشخص يبدأ في إطعامه وتوفير بيئة له وهي في معظم الأحيان تكون تلك البيئة على هيئة "حوض"، ومن ثم يكبر التمساح بشكل تدريجي إلى أن يصل إلى مرحلة يصعب على صاحبه التعامل معه أو الإبقاء عليه أكثر من ذلك.

وأشار صاحب محل الحيوانات أن مربي التمساح يبدأ في التفكير في التخلص منه عندما يجد تربيته قد أصبحت مكلفة ويحتاج إلى رعاية مستمرة بشكل أكبر، لافتًا إلى أنه عادةً ما يتخلص من التمساح في أقرب بيئة مائية له إذا كانت ترع أو مصارف.


أحد سكان المريوطية: منذ عشرات السنوات لم أرَ أو أسمع عن تمساح في المريوطية

إسلام خلف، موظف، وأحد سكان منطقة المريوطية، أكد أنه يعيش في هذه المنطقة منذ عشرات السنين ولم يصادف مرة أن رأى تمساحا في ترعة المريوطية أو حتى سمع عن واقعة مشابهة، مشيرًا إلى أنها عادةً ما تكون إشاعات لإحداث ضجة ولفت الرأي العام فقط.

تابع خلف أن ترعة المريوطية تكاد تكون من أقدم وأكبر الترع في مصر، فهي تبدأ من محافظة الجيزة عند الصف والعياط إلى منطقة القناطر، وفي بعض المناطق تكون الترعة نظيفة وتجري بها المياه دون عوائق، أما عندما تخترق الترعة المناطق السكنية فهي عادةً ما تمتلئ بالقمامة والعوائق، لذا يستبعد "خلف" إمكانية أن يعيش تمساح في هذه البيئة المزعجة.

وأكد "خلف" أنه كل فترة تنتشر أخبار وجود تماسيح في ترعة المريوطية تحديدًا، ولكن في الحقيقة أهالي المنطقة أنفسهم لم يروا التماسيح بأعينهم، موضحًا: "كل فترة نسمع أخبار انتشار تماسيح في النيل، ولكن مشوفناش بعنينا حاجة زي دي، وأكيد لو حصل كنا هنسمع عن تحرك الجهات المختصة زي وزارة البيئة مثلًا".


وزارة البيئة: لم نتلق أي بلاغ رسمي بوجود التمساح والبعض ينشر الإشاعات للذعر

نفى المكتب الإعلامي بوزارة البيئة ما تردد على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك من وجود تمساح بترعة المريوطية، أن الوزارة تلقت أي بلاغات رسمية عن وجود هذا التمساح، وأنها شاهدت هذا الفيديو بالفعل على "الفيسبوك" مثل الكثيرين، مشيرًا إلى قيام قطاع المحميات المسئول عن رصد أية حيوانات أو طيور سواء داخل المحميات أو خارجها بدراسة الفيديو المنشور بأحد المواقع الإخبارية للتأكد من مدى صحته أو عدمها.

وأكد إعلام وزارة البيئة، أنه لم يتم يحدث أي تحركات من الوزارة للتأكد من القصة المزعومة، طالما أن قطاع المحميات المسئول عن التماسيح في الوزارة لم يتلق أي بلاغات رسمية بالمكان والواقعة والحادثة أو أي معلومات مؤكدة وموضحة للتحرك من أجلها، فترعة المريوطية ممتدة أي أنه مبهم.

أوضحت وزارة البيئة أن هناك الكثيرين من يحاولون نشر الأشياء الغريبة على موقع الفيسبوك لجذب الانتباه إليه وبكثرة، ونشر فيديوهات عن وجود تماسيح من الطبيعي أن يُحدث الإرباك، فالحديث عن وجود تمساح طبيعي أن يثير ذعر المواطنين باعتباره حيوان مفترس، فيقوم هؤلاء بتنقية أكثر الأشياء إثارة للناس ويقومون بنشرها.

مؤخرًا نجحت وزارة البيئة في إعادة إطلاق 8 تماسيح إلى بيئتها الطبيعية ببحيرة ناصر بمحافظة أسوان، بالتعاون مع قطاع حماية الطبيعة وفريق وحدة التماسيح وشرطة البيئة والمسطحات وبحضور عدد من الخبراء والمختصين بالتنوع البيولوجي والحياة البرية، وذلك في إطار حماية التنوع البيولوجي والتصدي لمحاولات الاتجار غير المشروع في الحياة البرية


المكتب العربي: من الصعب هروب التماسيح من بحيرة ناصر

أكد الدكتور عماد عدلي، رئيس المكتب العربي للشباب والبيئة، أنه إذا ثبت وجود التمساح في ترعة المريوطية من الممكن أن يكون أحد مربي التماسيح أو المطاعم والمحلات التي تعتمد على التماسيح كزينة لمكانها، أن تكون تخلصت منها بإلقائها في الترعة أو أن يكون التمساح هرب من مكانه إلى الترعة.

وأوضح عدلي أن من شبه المستحيل ظهور تمساح أو غيره من الكائنات المائية في مجاري مصر أن يحدث، وأن بحيرة ناصر تزخر بالتماسيح الموجودة خلف بوابة السد العالي فقط، ومن الصعب هروبها من هناك لتنطلق في ترع وأنهار مصر، فلم يتم تسجيل أي حالة لدخول تمساح من خلف السد، مؤكدًا استحالة وجود أي تمساح في أي مجري مائي للترع الموجودة في مصر.


خبير بيئي: محافظة الجيزة تشتهر بمزارع تربية التماسيح والثعابين

اتساقًا مع ذلك أكد الدكتور مجدي علام، الخبير البيئي، بصعوبة أن هذه التماسيح تعيش في الترع، ولكن من الممكن أن يكون تم إلقاؤه عمدًا لإثارة الذعر، أو أن يكون هرب من مكانه، موضحًا أن محافظة الجيزة وخاصة منطقة أبورواش يشتهرون بمزارع تربية التماسيح والثعابين والحيوانات الزاحفة وبيعها، فهي تجارة منتشرة ورائجة هناك، ومن الممكن أن يكون هرب أحدها من مزرعته ووجد في ترعة المريوطية إذا وجد.

وأضاف أن بحيرة ناصر تمتلئ بالتماسيح ومن الممكن أن يكون هرب منها أحد التماسيح المولودة حديثًا لينطلق في المجاري والترع، ولكن يستحيل وصوله إلى ترعة المريوطية لأنها تكاد تكون مختنقة، أي غير مستخدمة في الري لعدم وجود مياه كثيرة بها، مشيرًا إلى أن وزارة البيئة تقوم بعدة حملات من وقت لأخر لضبط هذه المزارع المربية للتماسيح والثعابين، ويتم إيداعها بحديقة الحيوان، ولكن أحيانًا يكون من الصعب اكتشافها.