رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف نجحت الدبلوماسية المصرية في عقد مجلس الأمن جلسة حول سد النهضة؟

انتصار الدبلوماسية
انتصار الدبلوماسية

يعقد مجلس الأمن الدولي، مساء اليوم الإثنين، جلسة مفتوحة، لمناقشة موضوع سد النهضة الإثيوبي استجابة للطلب المصري، الذي تقدمت به لرئاسة المجلس في 19 يونيو الجاري.

وتأتي استجابة مجلس الأمن للطلب المصري تتويجًا للجهود الدبلوماسية الحثيثة، والاتصالات الدولية بتوجيهات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو ما يعكس نجاح مصر في جذب انتباه مجلس الأمن واقتناعه بوجهة النظر المصرية بأن استمرار عدم تحقيق تقدم في المفاوضات المرتبطة بسد النهضة مع قيام اثيوبيا بالإعلان بشكل منفرد واحادي عن اعتزامها ملء السد في شهر يوليو 2020 هو وضع غير مقبول ويؤدي إلى خلق حالة يترتب على استمرارها تهديد للسلم والأمن الدوليين.

وتعد الجلسة المقرر أن يعقدها الجهاز الأممي الأساسي المعني بالموضوعات الخاصة بحفظ السلم والأمن الدوليين وبنظر النزاعات والحالات التي يترتب على استمرارها تهديد للسلم والأمن الدوليين، اليوم، محطة هامة في طريق الدفاع عن الموقف المصري وعدالة قضيته.
الهدف المصري من الجلسة

ترغب القاهرة من خلال جلسة مجلس الأمن - التي تمثل نجاحًا مصريًا على الصعيد الدولي - إلى عرض موضع سد النهضة إصرارًا منها على التوصل إلى اتفاق وتجنب التصرفات الأحادية أو الوصول بالوضع الى حالة تهديد السلم والأمن الدوليين بالمنطقة، وهو ما أكدته الجهات المعنية خلال اتصالاتها الدولية مع أعضاء ورئاسة مجلس الأمن
مشاورات واتصالات دولية مكثفة

قامت مصر باتصالات ومشاورات رفيعة ومكثفة خلال الأيام الماضية مع الدول أعضاء مجلس الأمن، حيث قامت بالتنسيق الوثيق مع فرنسا كونها دولة رئاسة مجلس الأمن خلال شهر يونيو الجاري وعلى ضوء العلاقات الثنائية الوطيدة بين البلدين والتي تجمع كذلك بين الرئيسين السيسي وماكرون، وكذا مع الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت قد استضافت في واشنطن عدة جولات للمشاورات الثلاثية بين مصر واثيوبيا والسودان وكانت حريصة على عقد جلسة لمجلس الأمن حول الموضوع حيث قدمت في هذا الصدد طلبًا رسميًا العقد الجلسة.

تلك الجهود أسفرت عن نجاح فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وبعد مشاورات مضنية مع الدول أعضاء المجلس في الحصول على توافقها بنظر المجلس لموضوع سد النهضة بما يتسم به من حساسية وطابع فني، وعلى الاتفاق على عقد الجلسة المفتوحة لهذا الغرض اليوم الإثنين
إصرار مصري على "دبلوماسية" الحل

أكدت مصر، في أكثر من مناسبة، رغبتها في إيجاد حل لأزمة سد النهضة يحقق مصالح الدول الثلاث، دون أن يؤثر على حقوقها المائية، ومن هذا المنطلق، استمرت في مفاوضات مضنية على مدار سنوات طويلة - وبحسن نية - مرورًا باتفاق المبادئ الذي وقعه قادة الدول الثلاث، وصولًا الى مسار واشنطن الذي رفضت إثيوبيا التوقيع على بيانه النهائي، ثم الانخراط في مبادرة السودان الأخيرة التي باءت بالفشل أيضًا بعد تعنت الجانب الإثيوبي.

ولعل آخر تلك المحطات التي سلكتها مصر في طريق الحل الدبلوماسي هي مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي في قمة إفريقية مصغرة بمشاركة السودان وإثيوبيا، بدعوة من جنوب إفريقيا الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، حيث أكد الرئيس السيسي أن مصر منفتحة برغبة صادقة في التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن بشأن سد النهضة، على نحو يمكن إثيوبيا من تحقيق التنمية الاقتصادية التي تصبو إليها وزيادة قدراتها على توليد الكهرباء التي تحتاجها، أخذًا في الاعتبار مصالح دولتي المصب مصر والسودان وعدم إحداث ضرر لحقوقهما المائية.

وأكد الرئيس السيسي، خلال القمة أن مصر دائمًا لديها الاستعداد الكامل للتفاوض من أجل بلوغ الهدف النبيل بضمان مصالح جميع الأطراف من خلال التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن، ومن هذا المنطلق فإن مصر تؤكد على ضرورة تعهد كافة الأطراف وإعلانهم بوضوح عن عدم اتخاذ أية إجراءات أحادية، بما في ذلك عدم بدء ملء السد بدون بلورة اتفاق، والعودة الفورية إلى مائدة المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق عادل.