رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإرهابى «الشهيد» أسامة بن لادن!



فى اعتراف جديد بدعم بلاده للإرهاب، وصف عمران خان، رئيس الوزراء الباكستانى، الإرهابى أسامة بن لادن، زعيم ومؤسس تنظيم القاعدة، بأنه «شهيد»، فى كلمة ألقاها، أمس الأول الخميس، أمام البرلمان الباكستانى، بدأها بعرض التدابير التى اتخذتها حكومته لمواجهة وباء «كورونا المستجد»، ثم انحرف، فجأة، ليستعرض علاقات بلاده بالولايات المتحدة!.
بسبب دعمه للإرهابيين، سماه خصومه «طالبان خان»، وبسبب دعم الإرهابيين له، صار عمران خان، لاعب الكريكيت الدولى السابق، رئيسًا لوزراء باكستان، فى أغسطس ٢٠١٨، بأغلبية برلمانية ضئيلة. وهنا تكون الإشارة مهمة إلى أن المذكور تربطه علاقة قوية بالرئيس التركى رجب طيب أردوغان، الذى وعده، فى فبراير الماضى بدعمه «فى مواجهة الضغوط التى يتعرض لها». وقد تكون الإشارة مهمة أيضًا إلى أن أسامة بن لادن كان مختبئًا فى أبوت أباد، التى تقع شمال العاصمة الباكستانية إسلام آباد، حين تمكنت قوات أمريكية خاصة، فى ٢ مايو ٢٠١١، من تصفيته، دون استئذان أو إخطار الدولة المضيفة!.
ليست هذه هى المرة الأولى التى يدلى فيها خان بتصريحات أو اعترافات تؤكد دعم بلاده للإرهاب، فقد اعترف، العام الماضى، بأن الجيش الباكستانى قام بتدريب القاعدة، وحافظ على علاقات مع التنظيم. كما وصف انقلاب باكستان على التنظيم بعد هجمات ١١ سبتمبر ٢٠٠١ بأنه كان من أكبر أخطاء بلاده. وبإضافة هذا الاعتراف، إلى وصفه لزعيم القاعدة بأنه شهيد، أكد عمران خان مجددًا دعمه للإرهابيين، وأكد أيضًا صحة الاتهامات التى تطارد بلاده بأنها لا تزال تؤوى إرهابيى طالبان والقاعدة وتسمح لهم بالعمل، من أراضيها، لاستهداف أفغانستان والهند.
تأسيسًا على ذلك، بدا طبيعيًا وعاديًا أن تكون إسلام آباد هى أول عاصمة فى العالم تعترف بنظام «طالبان» حين استولى على حكم أفغانستان بين ١٩٩٦ و٢٠٠١، قبل أن تطيح به الولايات المتحدة بعد اعتداءات ١١ سبتمبر. لكن غير الطبيعى وغير العادى، هو أن تلعب باكستان ودويلة قطر دورًا فى المفاوضات التى جرت بين الولايات المتحدة والحركة الإرهابية. وهى المفاوضات التى انتهت بتوقيع اتفاق وصفته إدارة ترامب بأنه «تاريخى»، بينما لم تتوقف «طالبان» عن ادعاء انتصارها على «الأعداء». وكان من الطرائف، أن يذكر تقييم حديث لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أن باكستان «شجعت حركة طالبان على المشاركة فى محادثات السلام، لكنها امتنعت عن ممارسة أى ضغط على الحركة حفاظًا على علاقتها بها»!.
من الطرائف، أيضًا، أن أيامًا لم تمر على توقيع هذا الاتفاق الذى مهد لانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، إلا وأعلن الرئيس الأمريكى، عن إجرائه مكالمة تليفونية «جيدة جدًا» مع زعيم من حركة طالبان، فى سابقة لم تحدث من قبل بين رئيس للولايات المتحدة وقيادى فى الحركة الإرهابية. وبينما لم يذكر ترامب اسم القيادى الطالبانى، كتب ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم الحركة، فى حسابه على «تويتر» أنه «النائب السياسى للإمارة الإسلامية الموقر الملا برادار أخوند»، وزعم أن برادار حض ترامب، خلال المكالمة التى استمرت لمدة ٣٥ دقيقة، على «عدم السماح لأى طرف باتخاذ خطوات تنتهك بنود الاتفاق وتورطه أكثر فى هذه الحرب الطويلة».
الملا برادار أخوند، أو عبدالغنى برادار «٥٢ سنة»، استقبلته، أيضًا، الحكومة الباكستانية، فى ٣ أكتوبر الماضى، مع أنه أمضى ثمانى سنوات فى سجونها. وكان لافتًا أن تنشر صحف حكومية صورة يقوم فيها بمعانقة وزير الخارجية الباكستانى!.
كان «برادار» واحدًا من الأربعة المؤسسين لحركة طالبان. وبعد الغزو الأمريكى لأفغانستان، أصبح الشخصية المحورية فى الحركة وقائدًا لعملياتها. وتحكم فى أموالها، وشن عددًا من أكثر الهجمات دموية ضد القوات الحكومية وقوات التحالف. وكان يقود إحدى تلك العمليات، حين تمكن فريق من المخابرات الباكستانية والأمريكية من إلقاء القبض عليه، فى فبراير ٢٠١٠، وظلت باكستان تحتجزه فى مكان غير معلوم إلى أن أفرجت عنه فى أكتوبر ٢٠١٨ بوساطة قطرية. وفى ٢٤ يناير ٢٠١٩ اختير قائدًا سياسيًا للحركة، ورئيسًا لمكتبها السياسى فى الدوحة، وقاد المفاوضات مع الولايات المتحدة إلى أن تم التوقيع على ما وصفوه بـ«الاتفاق التاريخى».
.. وتبقى الإشارة إلى أن المخابرات البريطانية، التى أسست جماعة «الإخوان» فى مصر، سنة ١٩٢٨، هى نفسها التى أسست «الجماعة الإسلامية» فى إقليم البنجاب، سنة ١٩٤١، ووضعت عميلها «أبوالأعلى المودودى» على رأسها. وبانقسام شبه القارة الهندية، اختار «المودودى» الانتقال إلى باكستان، بزعم أنها «دولة للمسلمين وليست دولة للإسلام»، لأنه كان يستهدف أسلمة الهند كلها، وصولًا إلى أستاذية العالم. وبين تأسيس التنظيمين الإرهابيين، وبعدهما، لم يتوقف توالد الجماعات والتنظيمات الإرهابية فى باكستان، وخارجها، بدعم رسمى، يظل عادةً مخفيًا إلى أن تكشفه تصريحات أو اعترافات كتلك التى أدلى (وسيدلى) بها رئيس الوزراء الباكستانى.