رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جيش مصر.. مواقف الشرف والعز من ليبيا


تاريخ الجيش المصري تاريخ مشرف يعتز به المصريون والعرب والإنسانية، هذا الجيش الذي منذ تأسيسه لم يسجل في سفر ذلك التاريخ، إلا أنه كان جيش شريف ذو مبادئ وقيم أصيلة، هي انعاكس لقيم وأصالة شعب مصر.
شكل هذا الجيش بما يملك من عقيدة عسكرية بنيت على أساس، الدفاع عن مصر وعن مصالح العرب في كل الظروف، وتحت أي تهديد فكان خير أجناد الأرض بكل ما تحمله الكلمة من معان إنسانية، ودفع هذا الجيش العظيم بحور من دماء أبناءه دافعا عن مصر وعن الأمة العربية، كلما داهمها الخطر في وجه موجات التتار والفرس والعثمانيين، ويشهد التاريخ أن هذا الجيش كان السباق في معارك الشرف التي دافعت عن الإسلام وعن الأمة العربية.
وكان لتاريخ الجيش المصري، دور واضح في حرب تحرير ليبيا التي قادها شيخ المجاهدين عمر المختار ضد الاحتلال الإيطالي، حيث يخبرنا التاريخ أن المختار قد اتفق مع الأميرمحمد إدريس أثناء وجوده في مصر على تفاصيل الخطة التي يجب أن يتبعها المجاهدون في قتالهم الطليان على أساس تشكيل المعسكرات، واختيار القيادة الصالحة لهذه الأدوار، وأن تظل لقيادة العليا من نصيب عمر المختار نفسه، وتلقى الأمير إدريس دعما من مصر على المستوى السياسي، كما تلقى المجاهدون السلاح والدعم اللوجستي من الجيش المصري ومن الشعب المصري، وقدم أبناء مصر المال وتبروعوا لدعم عمر المختار ونقلت صحيفة الأهرام أنباء انتصارات المختار، وقدم عدد من الضباط في الجيش المصري خبراتهم دعما للمجاهدين، وعلى الرغم من كل محاولات إيطاليا لفرض حصار على عمر المختار، وإنشاء أطول سور من السلاك الشائكة على طول الحدود المصرية الليبية لكن المصرين كانوا يقدمون المساعدة من طعام وعتاد لليبين بطرق متعددة عبر البحر من ميناء السلوم إلى ميناء طبرق.
وبعد أن تم إعدام المجاهد عمر المختار في سبتمر 1931، ظلت مصر حاظن لكل الليبين الهاربين من بطش الاحتلال الإيطالي، وقدمت قبائل مطروح المرتبطة بالقبائل الليبية كل أشكال الدعم والإسناد المعنوي والسياسي، وبعد اندلعت الحرب العالمية الثانية عقد الملك السنوسى الذي كان يقيم في الإسكندرية، عدد اجتماعت بحضور أكبر مشايخ لبيبا من المهاجرين وذلك في 20 أكتوبر1939 وكان اجتماع مهما حضره العديد من الشخصيات المصرية، حيث أعطى هذا الاجتماع التفويض بأن يقوم بمفاوضة الحكومة المصرية والحكومة البريطانية لتكوين جيش ليبي. وهو ما حصل بالفعل حيث مد هذا الجيش بمعدات وسلاح من الجيش المصري وساهم في تحرير ليبيا، ومع نهاية الحرب بهزيمة وخروج إيطاليا عاد إدريس السنوسى إلى ليبيا في منتصف عا 1944، وأدار شؤون من برقة وعين حكومة تتولى إدارة البلاد دستورا للبلاد، وأعلن قيام مملكة برقة الليبية وكانت مصر أول المعترفين بهذه المملكة، وساهمت في الضغط على إيطاليا للاعتراف بها ثم أعلن استقلال ليبيا ديسمبر 1951، وكانت مصر أول دولة عربية تعترف بالممكلة الليبية وبالأمير محمّد إدريس السنوسي ميلاد المملكة الليبيّة المستقلة.
لم يتوقف الدعم عند هذا الحد وحسب، بل أرسلت مصر الأطباء والمدرسين والفنيين لدعم ليبيا وبناء المنشات الكهربائية وسكة الحديد والموانئ، وقدمت مصر كل ما تملك من خبرات وكفاءات في سبيل بناء الدولة الليبية، حتى بعد قيام ثورة يوليو 1952 كان موقف مصر موقف شريف وعادل ونزيه، رغم تباين المواقف الليبية من القضايا العربية، حتى جاء عام 1969 في الأول من سبتمبر وقيام ثورة الفاتح بيقادة مجموعة من ضباط الجيش الليبي بيقادة العقيد معمر القذافي، في وقت حرج ومهم من تاريخ الأمة العربية، حيث احتلال الإسرائيلي لسيناء والجولان والقدس، وانشغال الجيش المصري في حرب التحرير، لكن رغم كل ذلك لم ينسِ الجيش المصري دوره النزيه والشريف مع أشقائه العرب عموما ومع الشعب الليبي خصاصا وقدمت مصرالدعم لثورة الفاتح 1969 وللجيش الليبي.
وظلت مصر الداعم الأساس لليبيا والشعب الليبي، وأذكر جيدا عندما كنت أتواجد على الحدود في بداية شهر أبريل 2011 بعد أيام قلائل، من اندلاع التظاهرات التي أطاحت لاحقا بحكم العقيد معمر القذافي "رحمه الله"، كان ضباط الجيش المصري يسهرون ليل نهار لا داخل المؤن الطبية والأغذية لأنباء ليبيا، ولا زلت أتذكر القافلة الغذائية والطبية التي كنت برفقتها، "وهذه شهادتي للتاريخ على نبل وشرف جيش مصر"، كانت محل اهتمام من قبل قوات حرس الحدود وأفراد الجيش المصري في منفذ السلوم، وكانت المواقف كبيرة ومحترمة حيث طلب منا الضباط المسؤول إذا كان هناك إمكانية لأن يزيد حمولة النقالات التي كنا نرافقها بنحو 5 أطنان دقيق، ومثلها رز وقال لي إن هذه الحمولة لم تحمل بسبب امتلاء شاحنات التي دخلت مدينة مساعد من ساعات، وأن الحمولة هدية من الجيش المصري لأهلنا في بنغازي ولا نريد أن نتأخر عليهم، حيث كانت المدينة تعاني من نقص كبير بسبب المعارك هناك.
وكما قال الرئيس عبد الفتح السيسي في تعريف كبير لهذا الجيش الكبير أيضا، هو جيشا يملك عقيدة قتالية أساسها الشرف والمبادئ، ولم يسجل أنه اعتدى أو هدد أمن أي من جيرانه، هو جيش شجاع عقيدته الصبر والشرف والأصالة، ويملك القوة في مواجهة المخاطر، وهو السيف والردع لمصر أولا ولكل العرب، فتحية لهذا الجيش وهو يقف على الحدود الغربية ليوقف أطماع المعتوه أردوغان الحالم الواهم، أن طول الصبر لن يستمر طويلا، بينما يستعد أبناء مصر لقطع يد أردوغان ومليشياته الإرهابية، قريبا وليس ببعيد، وأن النصر لصبر ساعة.