هل يجوز إخراج الزكاة كل عامين؟.. «البحوث الإسلامية» يجيب
ورد إلى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر سؤال يقول: أنا مقيم خارج البلاد ومعي أسرتي، وأموالي في البلد، ولا أستطيع النزول إلى البلد هذا العام، فهل يجوز لي أن أخرج زكاة المال هذا العام مع العام القادم؟.
وقال المجمع، إن الأصل هو وجوب إخراج الزكاة على الفور، ودون أي تراخ في إخراجها، طالما توافرت شروط الوجوب، وكذلك القدرة والتمكن من إخراجها، وهذا هو الراجح الذي ذهب إليه جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة، والإمام الكرخي من الأحناف وغيرهم، (الشرح الكبير وحاشية الدسوقي ج 1 ص 502، المحرر ج 1 ص 224، بدائع الصنائع ج 2 ص 3)، فيرى الإمام النووي أنه إذا تم الحول وتمكن من الأداء، فقد وجبت عليه الزكاة على الفور، فإن أخر عصى وأثم ودخل في ضمانه (روضة الطالبين ج 2 ص 82، 83).
وتابع المجمع: " وقد استدل الفقهاء على وجوب الإخراج الفوري للزكاة بقوله تعالى: "أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة" (البقرة 43)، وقوله تعالى: "وأتوا حقه يوم حصاده" (الأنعام 14)، فقد قالوا إن الأمر المطلق يفيد الفورية، بدليل أن المؤخر للزكاة يستحق العقاب (كشاف القناع ج 5 ص 77)، كما استدلوا بأن المسلم مطالب بالمبادرة وسرعة الامتثال لأوامر الله وفعل الخيرات، لقوله تعالى: "وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين" (آل عمران 133)، كما مدح الله المسارعين للخير بقوله تعالى: "أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون" (المؤمنون 66).
ولفت إلى أنه إذا كان الأصل هو فورية إخراج الزكاة، إلا أن هناك حالات ذكرها الفقهاء، وأجازوا فيها تأخير إخراجها لأسباب معينة منها على سبيل المثال: تعذر إخراجها بسبب غيبة المال، أو المنع من التصرف فيه، حيث ينعدم إمكان إخراجها في حقه إذن، ومنها أيضا أن تكون السيولة النقدية في يده قليلة بحيث لو أخرج الزكاة أصابه ضرر في نفسه أو ماله، وقد استدلوا لذلك بالقول أن مثل هذه الحالات تجيز له تأخير وفاء دين الآدمي، ومن ثم كان تأخير الزكاة أولى. (كشاف القناع ج 5 ص 78).
وشدد المجمع بناء على ما سبق، فإن المسافر خارج البلاد، وأمواله في البلد، ولا يمكنه النزول يدور أمره بين ثلاث حالات: الأولى: أن يجد وكيلا أمينا يخرج عنه الزكاة في بلد المال، فعندئذ يجب عليه إخراجها دون تأخير، الحالة الثانية: أن يكون معه في سفره مال فائض عن حاجته ومن تلزمه نفقته، فعليه أيضا إخراج الزكاة دون تأخير، الحالة الثالثة: ألا يملك وكيلا أمينا في بلد المال، وليس معه مال فائض عن حاجته، ففي هذه الحالة له الحق في تأجيل الزكاة حتى يتمكن من الأداء. (الشرح الكبير وحاشية الدسوقي ج 1 ص 504).