رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد وقف التراخيص.. كيف تنجو مصر من أزمة العقارات المخالفة؟

مخالفات البناء
مخالفات البناء

في أبريل الماضي، شدد الرئيس عبدالفتاح السيسي على ضرورة التصدي لمخلفات البناء العشوائية دون تراخيص التي استغل أصحابها انشغال الدولة بالتصدي لمكافحة فيروس كورونا المستجد، واستغل الكثيرين فترة الحظر الجزئي المفروضة على الدولة في هذا الأمر.

وعقب هذا التشديد، قرر اللواء محمود شعراوي، وزير التنمية المحلية، وقف إصدار التراخيص الخاصة بإقامة أعمال البناء أو توسعتها أو تعليتها أو تعديلها أو المساكن الخاصة، مع إيقاف أعمال البناء للمباني الجاري تنفيذها لحين التأكيد من توافر الشروط البنائية لمدة 6 أشهر بمحافظات القاهرة والإسكندرية وعواصم المحافظات والمدن ذات الكثافة السكانية العالية.

وكان الهدف من هذا القرار هو التصدي بحسم لمخالفات البناء ومواجهة الفساد والذي ترتكز بؤره داخل المحليات وتحديدًا في الإدارات الهندسية، وفق ما قاله الوزير أمام نواب البرلمان.

وكان وصل عدد مخالفات البناء منذ يناير 2011 وحتى ديسمبر 2019 إلى ما يقرب من 133 ألف مخالفة بين بناء دون ترخيص أو مخالفة الترخيص أو تجاوز عدد الأدوار.

في حين وصل عدد مخالفات البناء منذ بداية يناير للعام الحالي 2020 وحتى شهر مايو إلى ما يقرب من 1773 مخالفة.

وفي آخر تقرير صدر لوزارة التنمية المحلية، رصد إجمالي ما تم إزالته من تعديات ومخالفات بناء في عدة محافظات عن فترة من مارس الماضي وحتى ٣٠ مايو.

وأوضح التقرير إزالة ما يقرب من 10611 مخالفة بناء على الأملاك التابعة للدولة وعلى الأملاك الخاصة.

خبير ادارة محلية: وقف البناء يؤثر سلبًا على العمالة اليومية وعلى الحكومة تشريع قوانين جديدة

قال الدكتور حمدي عرفة، أستاذ الإدارة المحلية وخبير استشاري البلديات الدولية، إن قرار وقف إصدار تراخيص البناء لمدة 6 أشهر له جوانب سلبية وإيجابية، ومنها أن تعيد الحكومة تفكيرها في تشريعات بعض القوانين بوقف البناء المخالف.

وأوضح عرفة، في تصريح خاص لـ"الدستور"، أن من سلبيات هذا القرار التأثير على العمالة اليومية في مصر، والتأثير على غالبية الصناعات التي تعتمد على البناء من شركات الحديد والأسمنت والإكسسوارات الخاصة بالمنازل، وكذلك عدد من المهن البسيطة، مضيفًا أن فترة الصيف يزداد فيها معدل البناء ما يزيد معه ارتفاع معدل العمالة، وإيقاف البناء هذه الفترة سيؤثر بالسلب عليهم.

وذكر أن تشريع قوانين جديدة تُسهل من عملية إصدار التراخيص يعد من أنسب الحلول البديلة لمحاربة البناء المخالف، فالموافقة على بناء عمارة أو برج سكني يجب أن تتم من خلال القانون رقم 119 لسنة 2008 ؛ وهو قانون البناء الموحد والذي يلزم صاحب العمارة أن يلف على 5 وزارات من أجل الحصول على الترخيص، وكل جهة تطلب عددا من الأوراق.

كما أن تعديل القانون رقم 43 لسنة 79 وهو قانون المحليات، لأنه لا يعطي للمحافظين الصلاحيات الكاملة بالتعامل، وإنما لابد من الرجوع للوزارة، وهو يسبب تعطيل التراخيص فيلجأ المواطن إلى البناء المخالف لهذه الأسباب.

وأشار عرفة إلى أن العاملين في الإدارات الهندسية 92% من العاملين بها من حملة الدبلومات التجارية، وهذا لا يصلح فلابد من تعيين مهندسين ولكن الراتب الضعيف يجعل المهندسين يرفضون العمل بها، لذلك تصحيح هذه النقطة تساهم في التقليل من اللجوء للبناء المخالف، إلى جانب إدخال التعامل الرقمي والتكنولوجيا بالمحليات فكل هذه العوامل بتساعد وتسهل في إحكام عملية البناء.

قال المستشار صبري الجندي، مستشار وزير التنمية المحلية السابق، إن فوضى مخالفات المباني التي انتشرت بكثرة وزادت عن الحد في كافة أنحاء الجمهورية وخاصة في محافظتي القاهرة والإسكندرية؛ كانت السبب الرئيسي وراء إصدار قرار اللواء محمود شعراوي، وزير التنمية المحلية بوقف ترخيص المباني لمدة 6 أشهر، ولذا كان لابد من إجراء رادع لإعادة ترتيب الإدارات الهندسية في مراكز وأحياء تعاني من الفساد.

وأوضح الجندي، في تصريح خاص لـ"الدستور" أن هذه المخلفات لم تصدر في الخفاء ولكنها كانت على مرمى ومسمع الجميع، ولذا يأتي دور المحافظ ورئيس الحي ورئيس المدينة ألا يسمحوا باستمرار هذه الجرائم.

وأضاف أنه لابد من طرح تساؤلًا مهمًا هل إيقاف التراخيص لمدة 6 أشهر سيحل هذه المشكلة، وهو ما لن يحدث، وذلك لوجود أبواب خفية للفساد يمكن للمفسدين والفاسدين التسلل من خلالها على الاستمرار بشكل أو بأخر، فإيقاف التراخيص يعني أن من يتقدم بطلبه لاستخراجه لن توافق له الأحياء والمدن عليه، ولكن الحاصل على رخصته بالفعل هل هذا القرار ينطبق عليه أم لا كان لابد من توضيح هذه النقطة.

وأشار الجندي إلى أن هناك عشرات المهن المرتبة بالبناء فهل هناك بديل لعمل هؤلاء العاملين بهذه المهن؟ فالمشاريع القومية الخاصة بالدولة استطاعت تشغيل وتكليف مئات العاملين فيها، ولكن العاملين في هذه المهن في مجال البناء من أبناء المحافظات في الصعيد يجب على متخذي القرار أن توفر لهم فرص العمل حتى تعود حركة البناء من جديد.

وأوضح أن إيقاف التراخيص لابد أن يتبعه رقابة شديدة من المحافظين والأحياء وحركة البناء، فمن الممكن التحايل على هذا الإيقاف باستغلال أيام الإجازات والحظر الجزئي المفروض حاليًا في استكمال عمليات البناء في العمارات المخالفة وغيرها.

وشدد الجندي على ضرورة اتخاذ إجراءات رادعة ومشددة تجاه من يقومون بالبناء دون تراخيص، لتمنع المخالفين للقوانين من تنفيذ هذه المخالفات، فهناك العديد من الإجراءات القانونية الطويلة والعقيمة التي تجعل المخالف يخالف بالفعل "ويقول حلني بقى عقبال ما القانون ياخد مجراه"، ولذلك طرح فكرة تحويل أصحاب البناءات المخالفة إلى المحاكمات العسكرية هدفه أن يكون إجراءً رادعًا وسرعته في تنفيذ القانون بطريقة أكثر إنجازًا.

واختتم أنه لابد من إعادة النظر في اختياراتنا في الإدارات الهندسية في المدن والأحياء وأن نمدها بالمهندسين الشباب كثيرين بنظام العقود في ظل وقف التعيينات، لسد العجز الذي يشكو منه رئيس الحي ورئيس المدينة والإدارات الهندسية.