رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحج في زمن كورونا.. الخسائر للشركات والحزن للمواطنين

الحج
الحج

"حج البيت من استطاع إليه سبيلا" آية يتنافس الآلاف حول العالم لتحقيقها ابتغاء مراضاة الله عز وجل، وتطبيق كل شعائر هذا الطقس الديني، والوقوف على جبل عرفة مبتغاهم، إلا أن هذا العام صار من الممكن إلا يحدث هذا، عقب إعلان وزارة الحج والعمرة بالسعودية عن احتمالية إلغاء موسم الحج لهذا العام بسبب تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وزيادة عدد الاصابات حول العالم.

وعقب إلغاء عمرة شهر رمضان الكريم للمقيمين والزوار، كان الأمل يتخلل الكثير من الحجاج والمعتمرين بتعويض عدم سفرهم لأداء مناسك العمرة بالسفر للحج هذا العام، ولكن هذا الأمر أيضًا أصبح غير مؤكد عقب هذا الإعلان الذي أعلنته السعودية.

وفي هذا الصدد، قال محمود جعفر، مدير السياحة الدينية في إحدى الشركات السياحية القائمة على رحلات الحج والعمرة، إنه لم يتأكد بعد خبر وزارة الحج والعمرة بالسعودية عن إلغاء موسم الحج هذا العام، وفي انتظار القرار النهائي، ويأمل أن يُتاح موسم الحج للبدء في الترويج له.

وأوضح جعفر في حديثه لـ"الدستور"، أن موسمي الحج والعمرة من الأساسيات الخارجية لمعظم الشركات السياحية، خاصة مع وقف السياحة الداخلية والخارجية، فكان الأمل في هذين الموسمين، ومع إلغاء العمرة تأثرت معظم الشركات السياحية من الناحية المادية، بسبب إعادة أموال الحجوزات للمعتمرين عقب إلغاء العمرة، إلى جانب العمالة التي تحتاج إلى مرتباتها ولا بد من دفعها دون عائد جديد يدخل إلى الشركة معلقًا: "بدفع المرتبات من جيبي فالموضوع صعب".

في الوقت نفسه، يرى محمود الزناتي - مدير شركة - أنه من المحتمل أن تقل نفقات الحج هذا العام في حال لم يتم إلغاء الموسم عن الأعوام الماضية، وكذلك ستمنع بعض الدول مواطنيها من أداء مناسك الحج خوفًا من جائحة فيروس كورونا، موضحًا أنه من الممكن أن تسمح السعودية بفتح طيرانها من أجل موسم الحج ولكن ترفض مصر حتى لا تزيد الأعداد من جديد عند عودة الحجاج.

وأوضح الزناتي في حديثه لـ"الدستور" أنه رغم تفشي فيروس كورونا والأزمة الصعبة التي تمر بها البلاد إلا أن هناك الكثير من المواطنين الذين مازالوا يسألون عن ظروف الحج هذا العام، مضيفًا أن نسبة الحجاج هذا العام لن تزيد عن 25% من المعدل الطبيعي لكل عام.

فيما يرى محمد بدر، مدير إحدى الشركات السياحية الدينية، أنه في حالة سمحت السعودية هذا العام بفتح أبوابها أمام الحجاج لأداء مناسك الحج، سترتفع نفقات الحج بصورة كبيرة يمكن أن تصل إلى الضعف، لتعويض الخسائر التي أصابتها من إلغاء الرحلات الداخلية والخارجية وكذلك إلغاء موسم العمرة.

وأوضح السيد عبده - مدير شركة سياحة - أن معظم الشركات السياحية القائمة على رحلات الحج والعمرة تعرضت هذا العام لخسارة كبيرة عقب إلغاء موسم العمرة في شهر رمضان، متابعًا: "عمرة رمضان بتكون بالسنة كلها بنحقق فيها أرباح ومكاسب كويسة على عكس باقي السنة"، مضيفًا أنه في حالة إلغاء موسم الحج كذلك سيُضعف هذا من الشركات ومن الممكن أن يغلق بعضها لحين إشعار أخر، فمن الصعوبة دفع أجور العمالة متابعًا: "مفيش شغل بيدخلنا عائد منه وهما مش ذنبهم حاجة".

وأضاف عبده في حديثه مع "الدستور"، أن نسبة الحج ستقل هذا العام عن الأعوام الماضية فمن الممكن أن تصل إلى 20%، فعلى الرغم من إبداء العديد من المواطنين رغبتهم في السفر لأداء مناسك الحج، إلى أن الخوف من انتشار فيروس كورونا سيحجم من رغبات الكثيرين، وخاصة كبار السن وهم الأكثر طلبًا للحج.

ومنذ بداية العام الحالي قررت "صباح مصطفى عمر" أنه عقب تسويتها لمعاشها هذا العام، أن يكون أول شيء ستفعله أن تذهب لأداء مناسك الحج لأول مرة في حياتها، وتحقيقًا لحلم كانت تتمناه كثيرًا وتتمنى تحقيقه هي وزوجها، إلا أنه توفى منذ عامين تقريبًا، فقررت أن تذهب لتحقيق رغبتهما معًا.

كان زوج "صباح" من حجاج بيت الله لعدة مرات إلا أنها لم تستطع الذهاب معه في سفره، لظروف عملها وكذلك للاعتناء بمنزلهم وأولادهم الخمسة، لذلك كان قرارها بالحج لهذا العام هو الحلم الذي رغبت في تحقيقه.

وتعمل "صباح" مدرسة في إحدى مدارس محافظة البحيرة، حيث قالت: "من بداية هذا العام بدأت أعرف كل الإجراءات التي احتاج إلى تنفيذها من أجل السفر، وعندما قررت السعودية إلغاء العمرة في شهر رمضان الكريم حزنت كثيرًا" وأبدت خوفها من إلغاء موسم الحج كذلك.

وأكدت "صباح" خلال حديثها لـ"الدستور"، أنه في حالة لم تلغ السعودية موسم الحج وفتحت أبوابها للحجاج ستسعى بكل جهدها للحج هذا العام مثلما كانت تنوي، رغم تخوفات ابناءها ومحاولاتهم لإثناءها عن هذا القرار خوفًا من تفشي فيروس كورونا المستجد وخاصة وأنها مصابة بداء السكر معلقة: "بس اللي ربنا كاتبه هيكون ويا عالم هقدر أسافر بعد كدا ولا لا".

من ناحية أخرى، اغترب "عبدالحميد حمدي" في دولة الامارات العربية المتحدة عن أسرته منذ ما يقرب من 7 سنوات، حتى بعد أن تزوج وأنجب طفلته الأولى، وترك زوجته لتعيش في مصر ويأتي للزيارة كل عدة أشهر، لتوفير نفقات معيشتهم.

وفي زيارة زوجته له منذ عدة أشهر وقبل وقف الطيران في شتى الدول، قرر أن يذهب بهم إلى السعودية لأداء مناسك الحج هذا العام كأسرة واحدة، أسباب عدة وضعها "عبدالحميد" وزوجته من أجل زيارتهم، ولكن كان السبب الأكبر لزوجته: "عايزة أطلب ربنا يشفي زوجي من مرض السكر اللي جاله فجأة".

وحزن حمدي بإلغاء السعودية لمناسك موسم العمرة في شهر رمضان الكريم، وأكد خلال حديثه مع "الدستور": "لم أتخيل أن يأتي الوقت الذي تتوقف فيه هذه المناسك أبدًا، وهذا يعني أنه من الممكن أن تلغي السعودية موسم الحج كذلك عندها لن أجد الفرصة لأداءها مع زوجتي وطفلتي من جديد".

رغم تحذيرات الأطباء لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة من الخروج من المنزل وذلك لأنهم الأكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا المستجد، أوضح "عبدالحميد" أنه سيسافر إلى السعودية لأداء مناسك الحج بالتأكيد إذا سمحت بها هذا العام ولم توقفها بسبب هذا الفيروس المنتشر.

وأدى تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) في دول العالم والدول العربية كذلك منذ بداية العام الحالي 2020 لتأثيرات سلبية على كل نواحي الحياة، واتخذت الدول عددًا من التدابير الوقائية الاحترازية للحد من تفشيه بشكل أكبر ومحاولة احتواءه، من فرض حظر التجول الكلي والجزئي في بعض الدول، ومنع السفر بين مختلف الدول وغيرها من الإجراءات.