رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الخوف القاتل.. هل الولادة فى المنزل خوفًا من عدوى «كورونا» آمنة؟

الولادة
الولادة

مع انتشار فيروس «كورونا المستجد» وزيادة احتمالات الإصابة به داخل المستشفيات، أصبحت السيدات الحوامل فى وضع لا يُحسدن عليه، بين الخوف من عملية الولادة نفسها، والخوف الآخر من «كورونا». ومما يزيد الأزمة خطورة أن التغيرات فى جهاز المناعة عند النساء الحوامل تجعلهن معرضات للإصابة بالتهابات الجهاز التنفسى بشكل عام، وبالتالى يصبحن أكثر عرضة للإصابة بفيروس «كورونا». لذلك باتت أسئلة عديدة تدور فى أذهان الحوامل حول ضمانة تأمين المستشفيات وتعقيمها، حتى تتم الولادة بشكل آمن دون أن تتسرب العدوى إلى الأم أو الطفل حديث الولادة، خاصة أن بعض المنظومات الصحية فى عدد من الدول عادت لطريقة الولادة فى المنزل، لكن ليس على يد «الداية» بل بمساعدة طبيب.
لكن هل تعتبر الولادة فى المنزل بديلًا آمنًا؟.. هذا ما تحاول «الدستور» الإجابة عنه فى السطور التالية، عن طريق عدد من أطباء النساء والتوليد، لمعرفة آرائهم فى عملية الولادة داخل المنازل، وإمكانية تنفيذ الفكرة فى مصر من عدمه، والمخاطر المحتمل حدوثها إذ تم تطبيق هذا الأمر.


«مريضة سكر» تفقد جنينها.. و«الإسعاف» تنقذ أخرى من الموت

صرخات متتالية خرجت من أحد المنازل فى قرية صغيرة بمحافظة المنوفية، بعد أن قررت سيدة متزوجة حديثًا أن تلد أول طفل لها داخل منزلها الخاص، على أيدى «داية»، دون دراية منها بخطورة الأمر عندما يتعلق بالولادة الأولى، فضلًا عن كون السيدة تعانى مرض «السكرى».
وعندما جاءت اللحظة التى انتظرتها الأسرة طيلة فترة الزواج، اكتشفت أن الجنين خرج من رحمها متوفى، وما لا يعرفونه فى هذا الحين أنهم كانوا السبب فى وقوع الحادث، بعد أن قرروا عدم إجراء الولادة داخل أحد المستشفيات، خوفًا من الإصابة بعدوى «كورونا».
روى تفاصيل هذه الواقعة أحد أقارب الفتاة الذين عايشوا المشهد، ويدعى محمد نبيل، الذى قال: «توجهنا مع السيدة إلى المستشفى بعد وفاة الطفل، لاتخاذ الإجراءات الطبية الصحية تجاهها، واستخراج تصريح لدفن المولود».
وفى واقعة ثانية، سيدة ثلاثينية من قاطنى إحدى القرى الصغيرة فى محافظة الغربية، كانت تحمل جنينًا لأول مرة، وقررت أن تلده فى البيت بسبب شعورها بالقلق والخوف من الذهاب إلى أى مستشفى فى ظل انتشار فيروس «كورونا».
وقالت السيدة: «خفت على بنتى تتصاب بالفيروس هناك»، مشيرة إلى أنها لم تكن تعلم مدى خطورة الولادة لأول مرة داخل المنزل، لكنها أصرت على فعلها بـ«الطريقة القديمة»، وشجعها ذووها على ذلك، حتى إن أمها هى التى أجرت لها الولادة.
وأوضحت: «والدتى كانت تلد بنفس الطريقة داخل منزل ذويها، واكتسبت خبرة فى الأمر، وسبق أن أسهمت فى توليد الكثير من قريباتها وشقيقتى الأخرى، لكن هذه المرة تسبب الأمر فى حدوث مضاعفات لى لم نتداركها بسبب عدم توافر أجهزة طبية أو أطباء».
عانت السيدة من نقص حاد فى الأكسجين بعد أن وضعت جنينها على الفور، وزاد ضيق التنفس لديها ما جعل جسدها يرتعش بقوة، وهو ما ظهر أيضًا على حال الطفل الرضيع، لذا طلب زوجها سيارة إسعاف لتحضر سريعًا وتنقل زوجته إلى أقرب مستشفى، من أجل تدخل طبيب لإنقاذ الموقف.
ولم تضطر السيدة لإجراء عملية قيصرية، بفضل سرعة تدخل الطاقم الطبى فى متابعة حالتها الصحية، وكذلك كان وضع الجنين جيدًا، بعدما وفروا له جميع الأدوات الطبية التى يحتاجها.
وكذلك فكرت مروة العزبى، ٢٤ عامًا، أن تلد جنينها الأول بنفس الطريقة، لكنها تراجعت فى النهاية وقررت اللجوء إلى إحدى العيادات الخاصة بمحافظة الجيزة، بدلًا من الذهاب إلى مستشفى، لشعورها بالخوف تجاه الاختلاط بالمرضى داخل المستشفيات، والإصابة منهم بعدوى فيروس «كورونا»، لذا اتفقت مع أحد الأطباء على ولادة جنينها قيصريًا داخل العيادة الخاصة به.
كانت الفتاة تنوى فى البداية إجراء العملية داخل منزلها مع الاستعانة بذات الطبيب، خوفًا من الذهاب إلى العيادة أو الخروج من المنزل نهائيًا، لكن الطبيب حذرها من خطورة إجرائها فى مكان لا تتوافر به أدوات طبية تحتاج إليها عمليات الولادة فى حالة تعرضت السيدة الحامل أو الجنين لوضع خطير.


أطباء: الخطر مرتفع فى «البيت».. 40% من الأطفال ماتوا بسبب «الداية».. والحل فى المراكز المتخصصة
 
قال الدكتور على عبدالجواد إن هناك ارتفاعًا كبيرًا فى إجراء عمليات الولادة داخل العيادات الخاصة بدلًا من المستشفيات، وذلك بسبب تخوف بعض السيدات على أطفالهن حديثى الولادة من الإصابة بالعدوى فى المستشفيات.
وأضاف: «استقبلت العيادات الخاصة العديد من النساء اللاتى اضطررن للولادة قيصريًا، وكان من الصعب إجراء تلك العمليات داخل المنازل، بسبب نقص الأدوات الطبية اللازمة وخوفًا من حدوث مضاعفات للحامل أو الجنين بعد عملية الولادة مباشرة».
ونصح الطبيب النساء الحوامل اللاتى يذهبن إلى العيادات الخاصة بالتأكد من كفاءة الطبيب الذى سيجرى العملية، وتوافر التخصصات الأخرى من الأطباء داخل العيادة لإتمام العملية بشكل سليم، مستدلًا على ذلك بحادثة وقعت فى محافظة المنيا منذ أشهر، لطبيب تسبب فى وفاة سيدة وهو يجرى لها عملية ولادة داخل عيادته، وأعطى لها جرعة «بنج» زائدة فتوفيت على الفور.
وحذر الدكتور محمود على، طبيب النساء والتوليد، من وجود صعوبة فى الولادة داخل المنزل، لعدد من الأسباب المرتبطة بسلامة الجنين والأم، موضحًا أن الأسرة لن تستطيع توفير جهاز نبض للجنين، وفى حال حدوث تدهور فى حالته ستكون هناك صعوبة فى نقله من المنزل إلى المستشفى، كما أن الأم قد تحتاج إلى تدخل جراحى حال تعذر ولادتها بشكل طبيعى، وهو ما يصعب توفيره فى المنزل.
وشدد على أن الأضرار الناجمة عن الولادة فى المنزل أكبر بكثير من الولادة داخل المستشفيات، معتبرًا أن مخاوف الأمهات من انتقال عدوى «كورونا» يمكن التغلب عليها باتباع التعليمات الوقائية، والتأكد من إجراءات المستشفى الاحترازية، وعندها ستكون بمأمن من الإصابة.
واتفق معهما أحمد عبدالمجيد، استشارى النساء والتوليد، فى وجود صعوبة بالغة لإجراء عملية الولادة داخل المنزل، خاصة أن «الولادات المتعثرة لا يمكن إنقاذها من غير وجود آليات حماية أو دعم، وهذه أمور يصعب توفيرها فى المنزل».
وكشف «عبدالمجيد» عن أن الولادات التى كانت تتم فى المنازل قديمًا عن طريق «الدايات» راح ضحيتها ٤٠٪ من الأطفال، لعدم إمكانية إنقاذ الأم أو الجنين حال تدهور الحالة، مضيفًا: «الخطر كان ينتظر السيدات اللاتى يحاولن الإقدام على هذه التجربة من غير وجود طبيب أو فى مكان مختص».
ونصح السيدات اللاتى يتخوفن من عملية الولادة فى ظل انتشار عدوى فيروس «كورونا»، بالولادة داخل المراكز المختصة لذلك، وعدم الولادة فى المستشفيات العامة، خاصة أن المراكز الخاصة تكون بعيدة نسبيًا عن بؤر الإصابة بالمقارنة بالمستشفيات التى يقصدها المصابون.
بدوره، قال محمد فرحات، طبيب نساء وتوليد يعمل فى إحدى الدول العربية، إن الولادتين الثانية والثالثة للأم تكون أسهل من الأولى، مشيرًا إلى أنه فى الأولى لا يمكن الولادة داخل المنزل، لأن ذلك ينطوى على مضاعفات خطيرة قد تتعرض لها الأم، أما فى المرتين الثانية والثالثة فيمكن ذلك باتباع عدة إجراءات.