رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الكولاجين».. «الدستور» تخترق عالم «الحلزون الرخو» في مصر

الحلزون
الحلزون

تستخلص شركات التجميل، من "الحلزون" سائل يعرف باسم "السائل الذهبي"، يدخل في تصنيع العديد من مستحضرات التجميل، التي تستخدم في علاج مشكلات البشرة، ولكن لم يقتصر الأمر على ذلك، بل اعتمدت صالونات وبيوت التجميل هي الأخرى على ذلك الحيوان ولكن في صورته الحية، لاعتقادهم أن السائل الهلامي "كولاجين" الذي يفرزه عن ملامسته للجلد، سوف يساهم في علاج العديد من الأمراض الجلدية، مثل حب الشباب

فما هو الحلزون؟ ومن أين يأتي؟ وكيف تتم تربيته؟ ولماذا ترتفع أسعاره إلى هذا الحد؟ وهل له أضرار على بشرة الفتيات؟، أسئلة عدة أجابت عنها "الدستور" في هذا الملف عبر تجارب خاصة لفتيات قمن باستخدامه، وبالتواصل مع تجار ذلك الحيوان الرخوي وبائعوا التجزئة، إلى جانب بعض الصيدليات التي باتت توفره مؤخرًا، لمعرفة تفاصيل عالم الحلزون الرخوي.

منى: جلسة الحلزون مخيفة في بدايتها لكنها مفيدة للغاية

منى أحمد، 26 عامًا، كانت تشعر بالخوف الشديد، وهي في طريقها إلى اجراء جلسة لتنظيف البشرة باستخدام الحلزون "حيوان رخوي"، في أحد مراكز التجميل الشهيرة بمنطقة مصر الجديدة، بعدما قررت خوض تلك التجربة مثل كثير من الفتيات خلال الفترة الأخيرة.

تروي منى تجربتها مع قواقع الحلزون قائلة: "بمجرد أن وضعته على وجهي شعرت بأن هناك حشرات لديها أقدام صغيرة تسير على بشرتي، وسائل بارد بشدة ينسدل على الجلد، كان يتنفس فوق بشرتي وأشعر بأنفاسه الضعيفة".

وصفت الفتاة تلك التجربة بالجيدة بالرغم من أنها مرعبة على حد وصفها: "صرخت عدة مرات أثناء الجلسة من الخوف، وكلما حاولت إزاحته من على وجهي كانت صاحبة المركز تمنعني حتى لا تسقط ماد الكولاجين المفيدة أرضًا".

وتابعت: "من الجلسة الأولى شعرت بفارق رهيب في بشرتي، فأصبحت أكثر نقاءً وصفاءً"، مضيفة: "مادة الكولاجين التي يفرزها الحلزون مهمة ومفيدة لبشرة الفتيات، الأزمة أن أسعاره مرتفعة للغاية لكونه مستورد من الخارج فلا يوجد منه في مصر، والجلسة الواحدة تصل في بعض الأحيان إلى 500 جنيه وتتوقف على عدد الحلزونات التي ستستخدمها الفتاة على وجهها".

ليست منى وحدها، التي شعرت بفارق شديد قبل وبعد تلك الجلسة، بفضل استخدام الحلزون، والذي انتشر بين الفتيات مؤخرًا، ما بين بيع وشراء له من قبل تجار وبائعون تجزئة، أو جلسات تنظيف بشرة يعلن عنها مراكز التجميل بأسعار خيالية.

هند: لم أخف من الحلزون فهو لا يملك أسنان أو حوافر

لدى هند ناجي، 30 عامًا، تجربة أخرى مع حيوان الحلزون، والتي ابتاعت واحد منه من أحد صفحات الميديا بسعر 500 جنيهًا، تقول: "لم أشعر بالخوف بمجرد ما تفحصته جيدًا لأنه لا يملك أي أسنان في فمه، وليس لديه حوافر أو ما شابه فلا مانع من وضعه على البشرة".

تضيف: "وضعته على بشرتي على كل الأجزاء لمدة نصف ساعة، وبالفعل أفرز مادة هلامية ليس لها رائحة، وكلما سار على وجهي زاد الإفراز، وكانت نتيجته مفيدة جدًا، فأزال الحبوب والتصبوغات من بشرتي، وأكل الجلد الميت كما أنه يشد جلد البشرة".

توضح أنه يمكن استخدامه أكثر من مرة، والاحتفاظ به في تربة طينية ويتكاثر ذاتيًا مع وضع بعض الخضراوات له، مشيرة إلى أن الحلزون الواحد أنتج إثنان، وأخذت المادة التي يفرزها الحلزون وصنعت منها كريم الحلزون الخاص والذي وصفته بأنه غالي السعر في الصيدليات لذلك صنعته منزليًا.

الحلزون ومادة الكولاجين

الحلزون هو حيوان رخوي جسده طريًا للغاية، ويحمل قوقعة أو صدفية على ظهره وهي التي تمده بمادة الكالسيوم، وأنواعه تصل إلى أكثر من 50 ألف نوع منها البري والبحري، ينتج الحلزون مادة الكولاجين، فبمجرد وضعه على أي سطح يتحرك بأقدامه الصغيرة فيحدث حركات ضئيلة من الانقباض والانبساط ليفرز مادة مخاطية هي الكولاجين، وكلما زادت خطواته على السطح يترك خلفه مادة فضية لامعة.

الكولاجين هو بروتين تفرزه العضلات والجلد والغضاريف وفي المفاصل، ويعاني البعض من نقص في تلك المادة، برغم أهميتها في تقوية العظام، وتكوين الأسنان، إلى جانب فوائدة للبشرة لكونه بروتين صلب غير قابل للذوبان.

الناظر: الحلزون آفة زراعية تؤذي البشرة

برغم من تلك الفائدة، وتجربة "منى" مع الحلزون التي وصفتها بالجيدة، إلا أن الدكتور هاني الناظر، استشاري الجلدية، ورئيس المركز القومي للبحوث سابقًا يحذر بشدة من استخدام الحلزون، لكونه من الآفات الزراعية التي تؤذي النباتات ويعيش داخل قوقعة.

يضيف: "يروج له البعض بأنه بوضع على البشرة، فيفرز مواد هلامية على جلد الوجه، تؤدي إلى تحفيز الجلد لتكوين الكولاچين وبالتالي يعطي نضارة ويمنع التجاعيد، وهو أمر غير صحيح وليس له أساس علمي، وقد يؤدي إلى أضرار أخرى".

الناظر شدد على أنه تلك الفترة لا تحتمل المجاذفة بوضع ذلك الحيوان الرخوي على البشرة وتعريضها لأي ملوثات، قد تؤدي إلى حساسية في الجلد والتهابات مؤلمة ومضاعفات كثيرة، مطالبًا بعدم الانسياق وراء الترويج لهذ التجارة الغريبة وتجنب أخطارها.

صفحات الميديا: الأسعار تبدأ من 800 جنيه للحلزون الواحد

المنفذ الأول لبيع الحلزون في مصر كان مواقع التواصل الاجتماعي لا سيما موقع "فيس بوك"، والذي انتشرت عليه تلك التجارة بشدة وخاصة على مجموعات الفتيات التي تغنت بفوائده الكثيرة، ويباع بأسعار خيالية وأحجام متنوعة وتحديدًا الإفريقي منه ذو السعر المرتفع للغاية.

إحدى الصفحات حملت اسم "Baby Snail"، عرضت بيع الحلزون عمره 6 أشهر بسعر 800 جنيه للواحدة، وتوفر الصفحة التربة التي يحتاجها هذا الحلزون للتربية كي لا يموت، وصندوق التربية مجانًا لعملاء المزرعة الصغيرة التي تمتلكها مسؤولة الصفحة للحلزون.

مسؤولة الصفحة، قالت إنها تتعامل مع العملاء "أون لاين" فقط ولا يوجد منفذ بيع لها غير الإنترنت، موضحة أن المزرعة يتم فيها التربية ومن ثم البيع للجمهور على الصفحة والتوصيل عن طريق المندوب بعد الاتفاق على نوع الحلزون المناسب للبشرة والعدد.

لم يختلف السعر كثيرًا على صفحة أخرى تدعى "Milly Snail"، تنوعت بها عروض الحلزون، فوصل سعر الواحد منه إلى 850 جنيهًا ويكون على الواحد آخر مجانًا، وعرضت مسؤولة الصفحة على "محررة الدستور" بعض الفيديوهات والحلزون يسير على وجه فتيات وأطفال أيضًا منتجًا ماد الكولاجين.

وحين أخبرنا مسؤولة الصفحة عن أضراره كان الرد: "الحلزون الهجين فقط الذي له أضرار لأنه رخيص الثمن، وغير أصلي ويسبب الالتهابات الجلدية والعدوى البكتيرية"، واستمرت في تقديم العروض: "هناك الحلزون الصغير بحجم عقلة الإصبع الواحدة سعره 80 جنيهًا، وهو يتراوح عمره بين شهرين ونصف إلى ثلاثة أشهر".

أما الحلزون بحجم عقلة ونصف يباع بسعر 100 جنيه للواحد، ويتراوح عمره من 3 أشهر إلى 3 أشهر والنصف شهر، أما الحلزون بحجم العقلتين ونصف بطيء النمو سعره 100 جنيه ويتراوح عمره من 5 إلى 6 أشهر، وأخيرًا الحلزون بحجم العقلتين ونصف وهو سريع النمو سعره 160 جنيهًا ويتراوح عمرو من 5 إلى 6 أشهر.

بائعوا التجزئة، منشأه من إفريقيا والمصري منه ضار

بائعوا التجزئة يبيعون الحلزون الإفريقي فهو الأفضل والأكثر انتشارًا في مصر، وفقًا لـ"جهاد. م" إحدى الفتيات بائعات حيوان الحلزون، تقول: "الحلزون الإفريقي هو الأشهر والأجود كما هو الأكبر حجمًا، وهو بالتالي يمكنه إنتاج كميات كبيرة من الكولاجين فيصبح لديه مفعول قوي في تنعيم البشرة ونضارتها أكثر من الأصغر حجمًا".

تضيف: "الحلزون المصري ليس آمن، لأنه يسبب أمراض للبشرة فطرية مثل السلامونيلا لذلك ليس شائع، لا سيما أنه يتعرض لمبيدات حشرية كثيرة في تربته للحفاظ عليه، بينما لا يتعرض الحلزون الإفريقي العملاق إلى أي مبيدات فيتم تربيته داخل معامل خاصة بالمرابين في إفريقيا".


طبيبة جلدية: الكولاجين مادة ليس سهل الحصول عليها

تتفق الدكتورة هدى أحمد، طبيب الجلدية والتناسلية بجامعة عين شمس، مع الآراء الرامية بأضرار الحلزون على البشرة، مستندة على أن مادة الكولاجين ليس سهل الحصول عليها بتلك الطريقة، بمجرد وضع ذلك الحيوان الرخوي على البشرة.

تضيف: "الكولاجين مادة هامة، وهناك أبحاث ضخمة من كبرى الشركات العاملة في مجال التجميل وهو من أجل استخراج مواد طبيعية من جميع الكائنات البحرية؛ للتعرف على فوائدها للبشرة، وإجراء العديد من التجارب للحصول على الكولاجين بطريقة طبيعية ولا زال الأمر قيد البحث ولم يتوصل العلماء لشيء".

توضح أن الترويج لذلك الحيوان الآن ستكون عواقبه وخيمة على الفتيات بمرور السنين وتقدم العمر، لأنه يسبب التهاب جلدية وبكتيريا وفطريات، مشيرة إلى أن المادة التي يفرزها لا يوجد دليل علمي واحد على أنها مادة الكولاجين.

تاجر: استورده من إفريقيا وآسيا وينتج 150 بيضة

لكن لا زال السؤال الأهم، هو من أين يأتي ذلك الحلزون إلى مصر؟، الإجابة كانت لدى تجار الحلزون الذين يستوردنه من دول آسيا وبعض دول إفريقيا بعدما تم حظره في أمريكا وبعض الدول الأوروبية لأضراره البالغة، ومن التجار إلى بائعي التجزئة ومنهم إلى المستهلك بحسب التجار.

"أحمد. ع"، أحد تجار الحلزون الذين تواصلنا معهم، يقول: "نقوم باستيراده من بعض الدول الإفريقية لأنه إفريقي المنشأ، ومتاح في قارة آسيا أيضًا، ولا أحتاج إلى شراء كميات كبيرة، لأنه لا يوجد منه ذكر وأنثى، لأن الحلزون مخنث فيتكاثر ذاتيًا، وينتج لي أعداد أخرى من الحلزون لأنه يبيض في المرة الواحدة نحو 150 بيضة".

وعن أسعاره قال: "تختلف حسب عمره ونوعه فهناك حلزون 3 أشهر سعره 100 جنيه، أما الحلزون ذو الـ4 أشهر يصل سعره إلى 150 جنيهًا؛ والحلزون الذي يبلغ عمره 5 أشهر سعره 200 جنيه؛ وهناك الحلزون ذو الـ6 أشهر بسعر 250 جنيهًا؛ والحلزون 8 أشهر بسعر 300 جنيه، وهكذا".

ينفي التاجر أن يكون له أضرار أو حدوث شكوى من مستخدميه، مؤكدًا أنه له فوائد للبشرة في تحفيز الكولاجين، ويساعد على النضارة والجمال من خلال ما يفرزه من ماده هلامية تساعده في المشي، وينتج عنها توحيد لون البشرة وإخفاء التجاعيد، ويحتاج الوجه الواحد إلى ثلاث حلزونات.

ياسر: الحلزون يتغذى على الخضراوات وأغلب زبائني صينيين

"ياسر. ج"، تاجر وصاحب مزرعة حلزون، يوضح أن إنتاج المزرعة خلال تلك الفترة يباع كاملًا بسبب الطلب الشديد عليه من النساء وصالونات التجميل، مبينًا أن الحلزون الغامق أفضل من الأبيض لأنه يساعد بشكل أكبر في توحيد لون البشرة وإفراز كمية إكبر من الكولاجين المفيد.

وعن طرق العناية بالحلزون، يقول: "لا يمكن استخدامه قبل 3 أسابيع من عملية الشراء، كي يعمل بكفاءه أكبر، ويتم وضعه في صندوق بلاستيك، ويتغذى على الخس والخيار، على عكس الفواكه قد تؤدي إلى وفاته، ولا بد من توفير بيئة رطبة له وتغذيته بعناصر البروتين والكالسيوم".

يوضح أن سعره يبدأ من 50 حتى 400 جنيه حسب الحجم والنوع، وارتفاع سعره يعود إلى أنه يتغذى على مواد طبيعية وينتج مواد طبيعية، مشيرًا إلى أن أغلب زبائنه من الصينيين والكوريين وعادة ما ترى بشرتهم نضرة ولامعة.

سلمى: من مستخدمة للحلزون إلى مربية وتاجر

تجربة سلمى عماد، 35 عامًا، تعد الأكثر اختلافًا، فقد كانت إحدى المستفيدات ومستخدمات الحلزون فقط مثل أي فتاة، ثم تحولت بمرور الوقت إلى مربية له، وأضحى لديها مزرعة صغيرة في المنزل لإنتاجه وتكاثره ومن ثم بيعه.

تقول: "بدأت معرفتي به من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، حين كان الاثنان منه بـ500 جنيه فقط، وبالفعل اشتريته واستفدت منه كثيرًا على بشرتي، وبالصدفة وجدت فيديو على موقع اليوتيوب يشرح كيف تصبح مربي وبائع للحلزون ومن هنا أخذت ذلك الطريق والتجارة المربحة".

تضيف: "الأمر غير مكلف ولا يحتاج إلى عناء، فيجب تجهيز كمية من التربة كافية له، ويتم ترطيبها بالماء المفلترعن طريق رشها بالبخاخ، لكون الحلزون يحتاج إلى الماء كثيرًا فيمتص الماء من التربة في حال العطش، وفي حال كانت التربة جافة يلجأ إلى دفن نفسه داخلها بحثًا عن الماء مما يتسبب في موته".

توضح مربية الحلزون، أنه لا بد من وضع التربة بمكان جيد التهوية كوضعها بعلبة من البلاستيك محكمة الغلق، ويتم ثقبها ثقوبًا عديدة للتهوية الجيدة نظرًا لحساسية الحلزون لدرجات الحرارة المختلفة، وتأثره خاصة بدرجات الحرارة المرتفعة.

يوضع بالتربة وفقًا لـ"سلمى" غذاء الحلزون، وهو ذلك الغذاء الذي يجب أن يكون صحيًا ويحتوي على عناصر مفيدة مثل البروتينات والكالسيوم، كالخضروات الورقية الطازجة المغسولة جيدًا، وعلى رأسها الجرجير، كما يمكن وضع عظم السبيط كغذاء له نظرًا لفوائده الغذائية العديدة، بالإضافة إلى قشر البيض لكونه يحتوي على الكالسيوم الذي يحتاجه هذا الحيوان.

صيدليات: الأسعار تصل إلى 2860 جنيهًا لمنتج الحلزون

آخر منفذ لبيع الحلزون في مصر هي بعض الصيدليات، والتي تربيه وتستخلص منه المواد التي يفرزها أهمها الكولاجين والبروتين؛ من أجل بيعها على هيئة كريمات مفيدة للبشرة، وبنفس الأسعار المرتفعة أيضًا، والتي تعطي نفس النتيجة.

في أحد صيدليات منطقة المنشية، عرضت كريم الحلزون بأنه يساعد على فتح مسام البشرة وشد الوجه لتقليل التجاعيد ومنع حبوب الشباب وكان سعر العلبة الواحدة 500 جنيه، وهناك علب كريم أخرى تصل أسعارها إلى 700 جنيه.

وفي صيدلية أخرى بمنطقة مصر الجديدة، وصل سعر كريم الحلزون إلى 1000 جنيه، وذلك بسبب إضافة خلاصة الكفيار مع الحلزون وعسل النحل والأرغان والألوفيرا؛ من أجل تحقيق العناية المتكاملة للبشرة وفقًا للعرض.

الأعلى في السعر كان بإحدى الصيدليات الأخرى والذي وصل إلى 2860 جنيهًا لعلبة الكريم الواحدة، بسبب احتوائها على خلاصة الحلزون، وأكد الإعلان أن الصيدلية لديها حلزونات تعتني بتربيتها وتستخلص منها إفرازات الحلزون.