رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بزيادة قدرها 60%.. لماذا يتعلم المصريون «الألمانية»؟

تعليم لغة
تعليم لغة

"التعلم.. السياحة.. العمل".. كلها أحلام تراود الكثير من الشباب داخل أرض الوطن، ولا يستطيع الشاب تحقيق حلم حياته في السفر لأجل الترحال أو التعليم أو البحث عن فرصة عمل إلا إذا حمل معه سلاح اللغة، وربما يفسر هذا الإقبال الكبير من المصريين على تعلم اللغة الألمانية، بحيث تصدر المصريون قائمة أكثر شعوب العالم سعيًا لتعلم تلك اللغة المستخدمة في 3 بلدان هي ألمانيا وسويسرا والنمسا..

تقول كوثر سامي، الفتاة العشرينية، التي انتهت لتوها من دراسة العلاقات العامة بجامعة المنصورة، إن حلم التعليم لم ينتهِ بعد، والسفر إلى ألمانيا لا يزال على قائمة أولوليتها، ومن ثم قررت تعلم اللغة الألمانية، لتكون خطوتها الأولى للسفر إلى الدولة التي تحلم بها طوال عمرها، وقصدت معهد جوتة الألماني بالقاهرة ومقره في الدقي، لتعلم اللغة وتحقيق الحلم.

كوثر ليست وحدها فبحسب وزارة الخارجية الألمانية، فإن مايقرب من نسبة الـ60% بالمائة من متعلمي اللغة الألمانية، أو الدراسين لها هم من مصر، الأمر الذي جعلها في مقدمة دول العالم تعلمًا للغة بواقع 405262، دارسًا ومتعلمًا مصريًا، منذ العام 2015 وحتى الآن، وأعربت الخارجية في بيانها عن بالغ السعادة لتصدر مصر هذه الدراسة التي أجريت مطلع الشهر الجاري.

لتوجه المصريين إلى دراسة اللغة الألمانية أسباب متعددة كانت هي السر وراء هذا الانتشار الواسع لمتعلمي اللغة داخل مصر، على الرغم من محدودية الأماكن المتعمدة من قبل الخارجية الألمانية فهما في الواقع مكانان لا ثالث لهما، معهد جوتة الألماني بالقاهرة ومقره الدقي، وأكادمية "MIG".

قال على منصور، مدرب لغة ألمانية، ويعمل من خلال أكادمية MIG، إنه بدأ في تدريس اللغة الألمانية منذ العام 2013، من خلال الأكادمية التي اتسعت رقعتها الجغرافية بتساع عدد الأشخاص الراغبين في تعلم اللغة الألمانية، فبعد أن كانت الوكالة مقرها غرفة صغيرة، أصبح الآن لها عدد كبير من الفروع في مدينة نصر والمهندسين، والاسكندرية وغيرها، نظرًا للإقبال الشديد من المواطنين على تعلم اللغة الألمانية خاصة في الفترة من 2015 حتى الآن.

وأشار إلى أن الأسباب التي دفعت المصريين لتعلم اللغة الألمانية، هي فتح ألمانيا أبوابها أمام المصريين من مختلف التخصصات نظرًا لاعترافها المسبق بالشهادات التي تقدمها الجامعات المصرية سواء حكومية أو خاصة، فلا يحتاج المصري إلى البدء من جديد بعد هجرته إلى ألمانيا، لأن المؤهل الدراسي الحاصل عليه معترف به في ألمانيا.

بالإضافة إلى حاجة ألمانيا الشديدة ومن قبل انتشار فيروس كورونا إلى العمالة من التمريض، حيث يحتاج المجتمع الألماني بشكل مستمر للتمريض من الخارج، نظرًا لقلة عددهم وارتفاع عدد كبار السن الذين يحتاجون إلى رعاية، ومن ثم لا يبقى أمام الممرض أو الممرضة المصرية حائل دون السفر إلى ألمانيا سوى اللغة وعندها يسهل كل شيء.

وأوضح أن هناك الكثير من المجالات الأخرى التي يقصدها المصريون، مع شروط إقامة ليست صعبة، فقط عامين من المكوث في ألمانيا يمكن بعدها الحصول على إقامة دائمة ثم الجنسية الألمانية ثم استقدام الأسرة للاستقرار هناك.

واتجهت الكثير من المؤسسات والشركات الألمانية الكبرى إلى قصد مصر لفتح أبواب خدمة العملاء لديها، بحيث يبدأ راتب صاحب اللغة الألمانية من الـ12 ألف جنيه مصري، وهو المبلغ الذي لا يمثل شيء بالعملة الألمانية، فاتجهت الكثير من الكيانات والشركات إلى فتح أبوابها في مصر، وبالطبع هي في حاجة إلى مصريين ناطقين باللغة الألمانية.

اللغة وبحسب منصور، ليست صعبة، بل هي على كل حال أسهل من اللغة الإنجليزية، التي انحسر سوقها بعد أن طغت اللغات الأخرى على السوق، بالإضافة إلى التسهيلات التي توفرها الدول أصحاب هذه اللغات، وفي مقدمتها ألمانيا.

يقوم المدرب الآن وفي ظل انتشار فيروس كورونا بالتدريب الأونلاين، وهو الخط الموازي للتعليم العادي، وقد بدأته الأكاديمية قبل سنوات، الأمر الذي سهل على القائمين نقل جميع الدروس أونلاين بعد انتشار الفيروس، ولاقت التجربة قبولًا لدى الطلاب وكانوا رافضين للفكرة في البداية، ولكن وجدوا فيها حلًا مناسبًا فيما بعد.


المستشار الإعلامي لمعهد جوته: التقرير ليس مفاجئًا.. ومصر في المقدمة على مدار التاريخ

أكد عادل يونس، المستشار الإعلامي لمعهد جوته، الأرقام التي أعلنتها الخارجية الألمانية استنادًا للأعداد التي تتردد بشكل مستمر على المعهد لتعلم اللغة الألمانية، بحيث بلغ عدد الطلاب خلال السنوات الأخيرة قرابة الـ10 آلاف طالب نظامي خلال العام الواحد، وخمسة آلاف دارس أونلاين أو جامعي يقصد المعهد للحصول على الشهادة بعد تجاوز الامتحانات المقررة.

وأشار يونس إلى أن الإقبال الكبير لدى الدراسين يرجع إلى توسع سوق العمل داخل مصر قبل خارجها، فهناك العديد من الكيانات والمؤسسات الألمانية داخل مصر في حاجة إلى أصحاب اللغة الألمانية من المصريين، حتى أن معهد جوته نفسه يقوم بالاستعانة ببعض هؤلاء الدراسين الذين أتقنوا اللغة بجدارة فائقة.

وأوضح أن السبب المباشر وراء قصد الغالبية العظمى من الراغبين في تعلم اللغة الألمانية داخل مصر، معهد جوته، أن شهادته معتمدة في حالات السفر للدراسة والعمل خارج مصر، وموثقة من الخارجية الألمانية، فهي بمثابة صك آمن للمرور من بوابة ألمانيا إلى مختلف المناحي من تعليم وتوفير فرص عمل.

وتابع أن هناك أسباب تتعلق بإعلان ألمانيا في الأونة الأخيرة حاجتها إلى عاملين في مختلف مناحي الحياة، والشيء الوحيد الذي يجب أن يجتمع عليه هؤلاء هو تعلم اللغة ومن ثم قصد الكثيرين المعهد لتعلم اللغة رغبة في الحصول على فرصة عمل داخل ألمانيا، وحتى من لم يحالفه الحظ في الحصول على فرصة في البلد الأجنبي يمكنه الالتحاق بأي من الكيانات الكبيرة والكثيرة داخل مصر، التي تحتاج بشكل دائم إلى أصحاب اللغة الألمانية.

يقول يونس، إن عمر المعهد الآن في مصر هو 102 عام، وخلال الاحتفالية الكبيرة التي أقامها عام 2018، للاحتفال بمرور 100 عام على وجود المعهد في مصر، لاحظ من خلال المراجعات أن مصر كانت دائمًا وعلى مدار تاريخها من أوئل الدول المهتمة بدراسة اللغة الألمانية، فيما يعني أن تقرير الخارجية الألمانية ليس مفاجأة.

يقترح المتحدث الإعلامي تفعيل المقترح الخاص بتطبيق اللغة الألمانية كلغة أساسية على الطلاب من الصف الأول الإعدادي، نظرًا للأعداد الكبيرة التي أصبحت تتجه إلى دراسته وتنظيم المعهد عدد كبير من الكورسات للأطفال دون العاشرة، كما أن المعهد قدم بالفعل عددًا كبير من الدورات التدربية لمدرسي اللغة الألمانية في مختلف مدارس مصر، مما يجعلهم مؤهلين للتعمق في التجربة أكثر من طلاب أصغر بشكل منهجي.