رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«موتى على قيد الحياة».. أهل مستعمرة الجذام:«احنا منبودين»

مستعمرة الجذام
مستعمرة الجذام

على مساحة ١٢ فدانا بمنطقة أبو زعبل بالقليوبية، يعيش نحو ٥٦٠ مريضا بالجذام، يهرب منهم الجميع عن جهل خوفًا من العدوى، لذا قرروا الهروب من المجتمع ونظراته التي تقتلهم ليسكنوا في قسمين أحدهما للرجال وأخر للنساء.

مرض الجذام تسببه بكتيريا بطيئة التكاثر، تصيب الجلد والأعصاب والغشاء المخاطي للقناة التنفسية العلوية والعينين، وبالرغم من أنه ليس شديد العدوى لكنه ينتقل عبر رذاذ الأنف والفم أثناء المخالطة ؛ لذلك يعيش سكان هذه المستعمرة عمرهم كاملًا في هذا المكان بمعزل عن الحياة ينتظرون وجوه جديدة من أهل الخير يتبادلون معهم الحديث والتعبير عن معاناتهم؛ حتى عند الموت يتم دفنهم بمقابر تابعة للمستعمرة، كما أنهم يتزوجون من بعضهم.

" الدستور" تواصلت مع بعض المرضى والمسئولين بمستعمرة الجذام للتعرف على سكان هذه المستشفى وكيف يقضون يومهم في ظل أزمة كورونا، والتعرف على طرق الوقاية من الفيروس كونهم مجتمع متكامل داخل أسوار المستعمرة.

كلمة السر "صابحة"

“ صابحة “ أقدم مريضة بالمستعمرة، تبلغ من العمر 83 عاما، دخلت المستشفى في سن 7 سنوات بعد موت الزعيم جمال عبد الناصر، تتذكر تفاصيل 70 عاما قضتها بالمكان بعد وفاة والدتها وزواج والدها بأخريات ولا تعلم عدد أخواتها من والدها لكثرة زيجاته ؛ تقول "صابحة": مرضى الجذام لهم مقابر التابعة للمستعمرة، ومن يتم شفائه يتزوج بواحدة منا، وينتقلون إلى “عزبة الصفيح” التي اتخذوها سكنًا لهم بعيدًا عن زحمة الحياة وأعين الناس الرافضة لوجودهم.

وتضيف أقدم نزيلة بالمستعمرة أن يومها لا جديد فيه، تعيش على ما يجود به أهل الخير عند زيارتها لمدة دقائق لخوفهم من ملامستها خشية من العدوى ؛ فالعزلة مفروضة علينا بالرغم من شفاء جميع نزلاء المستعمرة ؛ مؤكدة أن عددهن ١٨١ سيدة، تقيم منهن ٣٣ سيدة إقامة كاملة، أما الأخريات يذهبن يوميا لبيوتهن وأسرهن فقد تزوجن، ومنهن لديه أبناء في كليات الطب والهندسة.

وتستطرد "صابحة": استيقظ صباحًا كى أطمئن على أخوتى من المقيميات في عنبر الحريم معى وتساعدهن في قضاء طلباتهن ؛ ثم تساهم في تجهيز الغداء ؛ فالمستعمرة وطن صغير نعيش داخل حدوده بالرغم من قلة الخدمات المقدمة لهم ـ على حد قولهاـ مضيفه أنه بعد ظهور كورونا اتحرمنا حتى من الوقوف عند سور المستعمرة لنرى الشارع.

وتقول: "نفسي أشوف الدنيا وأخرج من المستعمرة يوم واحد واشوف الناس والشوارع ؛ ونفسي ازور الكعبة بعد إنتهاء كورونا ؛ ونحتاج ملابس كثيرة.

مزرعة التين

تقول صابحة،: مزرعة التين يعمل بها جميع مرضى المستعمرة مقابل مبلغ مالي؛ مشيرة إلى أن معظم زميلاتها لهن حكايات مأساوية، منهن رماها أولادها بعد ظهور المرض عليها وخوفهم من العدوى وأخرى تعيش مع ابنتها بالمستعمرة بعد اصابة عينيها بالمرض، ومن جاءت بإرادتها ويزورها اولادها كل شهر وحكايات أخرى لنزيلات.

أحمد ثابت مسئول بمستعمرة الجذام بمنطقة أبو زعبل، يقول:إنشئت المستعمرة عام ١٩٣٣بطاقة من 560 نزيلا حاضر غائب، بمعنى المقيمين إقامة كاملة وغير مقيمين، ومع ذلك هناك تزايد في حالات الاصابة بالمرض لأسباب مجهولة حتى الان ؛ ولا نستطيع قبول حالات جديدة فوق الطاقة الاستيعابية للمستعمرة ؛ مؤكدا ان جميع النزلاء تم شفائهم ونتائج التحاليل الخاصة بهم سلبية ولا مجال للعدوى كما يعتقد البعض ؛ فالحذر يكون من شخص إيجابي التحاليل ويتم عزلة إنفراديًا حتى اكتمال شفائه.

ويوضح أن مرض الجذام يتاج نحو خمس سنوات كفترة حضانة ويظهر على شكل بقع حمراء بمختلف الجسم وفقدان الإحساس بالاطراف.

وعن الرعاية الطبية،أكد أن وزارة الصحة تقوم بواجبها في توفير الادوية للمرضى خاصة أصحاب الامراض المزمنة مثل السكري والضغط والقلب ؛ وعن كيفية قضاء يوم مريض الجذام، يقول "ثابت": يمارسون حياتهم الطبيعية مثل الأصحاء ؛ فهو مرض غير معد، وبعد تناول اول جرعة من الدواء يتوقف نشاط البكتيريا ولا يمثل خطورة على المحيطين.

من جانبه، أكد هاني الناظر أستاذ الجلدية، أن مرض الجذام ليس وراثيًا ولكنه ناتج عن نوع من أنواع البكتريا ينتقل للأنسان عن طريق لمس مصاب أو التنفس شرطًا أن يكون متعايشا ومخالطا للمريض مستخدمًا نفس أدواته الشخصية؛ فالجذام يمكن علاجه دون ترك تشوهات بالاطراف اوالعين ؛ وتستغرق مدة العلاج من سنة إلى 30 شهرا ليكون المريض سلبيا.

يذكر أن أعداد مرضى الجذام في مصر يقدر بـ ٣ الاف موزعين على ثلاث مستعمرات على مستوى الجمهورية، ويعد عام 48 كانت سنة فارقة في علاج مرضى الجذام باكتشاف أول علاج في صورة حقن، وبعد ذلك تم اكتشاف أدوية ثلاثية في مالطا توفرها منظمة الصحة العالمية مع بروتوكول عالمي للعلاج.