رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«طوق نجاة».. كيف نجحت بلازما المتعافين في علاج مصابي كورونا؟

بلازما المتعافين
بلازما المتعافين

فترة عصيبة قضتها الفنانة رجاء الجداوي، داخل مستشفى أبو خليفة للعزل الصحى بمحافظة الإسماعيلية، بعد إصابتها بفيروس كورونا المستجد، فقد أصبحت حديث المصريين فور إعلان إصابتها، وكان علاجها في البداية صعبًا للغاية بسبب الأعراض الشديدة التي عانت منها، حتى حصلت على طوق النجاة.

الآمال فى الشفاء بدأت تتزايد، بعد حقنها ببلازما دم المتعافين من كورونا، وظهور علامات التحسن عليها، وهذا ما أكده الدكتور حسام حسني، رئيس اللجنة العلمة لمكافحة فيروس كورونا بوزارة الصحة، قائلًا: "حالة الفنانة رجاء كانت من الحالات اللي لازم يتم حقنها ببلازما".

وتخضع الفنانة حاليًا للعلاج على جهاز "السيباب" الخاص بالتنفس، وتبين أن درجة حرارتها 37 درجة، ونسبة الأكسجين فى الدم 97، والضغط والنبض مستقرين، وفي حالة تطور حالتها للأفضل ستترك العناية المركزة، فالسبب الرئيسي في تأخير نقلها عمرها الذي بلغ 82 عامًا، أما عن جرعة مصل البلازما التي حصلت عليها، فقد كانت مقسمة على مرتين، بحسب قول مصدر طبي داخل المستشفى.

في إبريل الماضي، أعلنت وزارة الصحة عن بدء تجربة حقن المصابين بفيروس كورونا المستجد من بلازما المتعافين منه، ليكون استخدامه مقتصر فقط على علاج الحالات الحرجة، كما نوهت منظمة الصحة العالمية حول هذا الأمر.

وقبل أيام قليلة، فجرت الوزارة مفاجأة سارة بنجاح التجربة، واستخدام البلازما بشكل أساسي في علاج المصابين من المرض، لتنهال طلبات على صفحات التواصل الإجتماعي حول متبرعين ببلازما الدم، دون أي دراية منهم حول الطرق الصحيحة لاتباع الأمر تحت إشراف طبي كامل.

"الدستور" تجيب عن السؤال الذى يدور بذهن كل مصاب، وهي كيف تنجح بلازما المتعافي في علاج المصاب، وكذلك خطورة التبرع بشكل غير رسمي عبر صفحات فيسبوك كما حدث خلال الفترة الأخيرة.

ما هو علاج البلازما، وما هي الأمراض التي يساعد في التعافي منها؟
هذا النوع من العلاج فعال للغاية في علاج أمراض عدة، ويسمى بـ"بلازما النقاهة"، ويعتمد على استخلاص بلازما المناعة من دم المتبرعين، فالبلازما هي الجزء السائل من الدم.

وتبدأ المرحلة التالية بعد التبرع بالبلازما بإجراء تحليل الوجود الفعال للأجسام المضادة لفيروس كورونا، والتدفق اللاحق في الجسم للمرضى المصابين بأمراض خطيرة، وحقنهم بها.

يفيد علاج البلازما الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة، مثل المصابين بحالات طبية مزمنة كأمراض القلب أو السكري أو المصابين بضعف جهاز المناعة، فتساعدهم البلازما في الحماية من تفاقم الأعراض حال إصابتهم بالفيروس.


أول حالة تعافي: كنت مكتئبة والبلازما أعادتني لى الحياة

بتتبع الحالة رقم واحد في العالم للتعافي من كورونا باستخدام بلازما الدم، تبين أنها سيدة إيطالية حامل، كانت تخضع للعلاج داخل مستشفى "مانتوفا" بإقليم لومبارديا، بحسب "l'Asst mantovana".

لم يمر على حقنها ببلازما أحد المتعافين سوى أيام قليلة لتستعيد عافيتها، وتنتصر على فيروس كورونا المستجد، وبالفعل لم تكون الأخيرة التي يطبق عليها تجربة الحقن، ليكون أكبر إنجاز حدث في العالم منذ ظهور المرض.

مصري في إيطاليا: تبرعت لزوجتي بعد شفائي

مصري هاجر إلى إيطاليا منذ خمس أعوام، رب أسرة، ظهر ت عليع أعراض فيروس كورونا، بل أصيبت زوجته الإيطالية.

يروي عبدالله مبارك،29 عاما، من محافظة الدقهلية، لـ "الدستور"، تجربته مع التعافي من فيروس كورونا بواسطة بلازما المتعافين، مشيرًا إلى أن حالته كانت مستعصية للغاية، حتى تم عزله لمدة أسبوعين داخل إحدى المستشفيات، وكان قد يأس من فرصة تعافيه.

ويستكمل حديثه متذكرًا حالة زوجته التي تدهورت أثر إصابتها بعدوى المرض من خلاله، عندما اختلطت به دون أن يعرف أحدهما الأخر مدى توغل الفيروس داخل أجسادهما، لكنه يأمل الآن في تعافي زوجته تمامًا بذات الطريقة التي تخلص بها من الوباء.

وعن يوم حقنه بالبلازما، قال: "أخبرني الطبيب المسئول عن متابعة حالتي الصحية بنجاح تجربة العلاج ببلازما المتعافين من الفيروس، وتم حقني ببلازما أحد المتبرعين الذين شكرتهم بشدة بعد خروجي من المستشفى.

وفور تعافي "مبارك" من فيروس كورونا، قرر التبرع بالبلازما الخاصة به لزوجته التي تحمل فصيلة الدم نفسها، ليكون سببا في شفاءها، ليعيش الزيجان حاليًا حياة خالية من الإصابة بالأمراض، بل أصبحا ليهما مناعة كافية من الأمراض المزمنة بسبب خوضهما للعلاج ببلازما الدم.

متعافي: خضعت للعلاج بالبلازما بسبب كبر سني

في 15 إبريل الماضي، عادت إليه الحياة من جديد، بعد أن تمكن المرض من جسده، وتسبب في نقص نسبة الأكسجين وارتفاع درجة حرارته، ما جعله يتوجه إلى مستشفى حميات العباسية لإجراء المسحة الخاصة بتحليل كورونا، وبعد ساعات قليلة تأكد إيجابية إصابته،ليتطور الأمر وتم نقله إلى مستشفى 15 مايو.

عانى محمد رازق، من التهاب في الرئة، ما تسبب في خضوعه للرعاية المركزة لفترة دامت 10 أيام، حتى بدأت تجارب حقن بلازما المتعافين، وكان هو أول الأشخاص الذين خاضوا التجربة، وأثبتت نجاحها عليه.

كان سن الرجل عاملا أساسيا في ضعف مناعته، فهو يبلغ من العمر 70 عام، ما جعله غير قادرًا على التصدي للفيروس، لكن تجربة حقن البلازما كانت الطريقة السحرية التي أنقذته من فيروس كورونا.

تناول الرجل السبعيني جرعتين من البلازما، مكث بعدهما أسبوع كامل داخل الرعاية المركزة، ليشعر بتحسن كبير خلال هذه الفترة، ثم تم نقله إلى غرفة عادية مكث فيها هي الأخرى 12 يومًا ليخرج بعدها إلى النور حاملًا شهادة في يديه، دون عليها أنه خالي من فيروس كورونا.

استطاعت العديد من الدول تحقيق نجاح كبير في تجربة حقن بلازما المتعافين من فيروس كورونا المستجد للمصابين به، كانت أبرزها إيطاليا التي بادرت في إجراء هذه التجربة لإنقاذ حياة العديد من المصابين، وكذلك فرنسا وبريطانيا وأمريكا، لتثبت العملية نجاحها بشكل كبير على مستوى العالم.

وقال الدكتور محمد فطين، استشارى أمراض الدم بمستشفى قصر العينى، في بداية حديثه لـ"الدستور"، إن المرضى الذين يعالجون من الفيروسات تتكون تلقائيًا لديهم أجسام مضادة، النوع الاول منها يظهر في المرة الأولى لمواجهة الفيروس، وبعد أسبوعين بحد أقصى من الإصابة، يصدر الجسم أجسامًا مضادة أخرى تظل مدى الحياة، وتحمي من التعرض للعدوى مرة أخرى.

وعن طريقة استخدام البلازما في علاج فيروس كورونا، قال: "يتم الحصول على البلازما من المتعافى بعد التأكد من سلبية إصابته بالفيروس،يتم الكشف عنها على الأجهزة المعنية بها للتأكد من مدى فعاليتها مع الشخص الذي تنقل إليه، أو مدى خطورتها.

ويشرح طريقة نقل البلازما، قائلًا: "البلازما تحتوي على مواد تخرج من الجسم مع وجود عدوى الفيروس، هذه المواد هى المسئولة عن رفع درجة الحرارة والالتهابات ورد الفعل المبالغ الذى يُسبب أعراضًا جانبية، لذا نحاول تقليل هذه المواد من الجسم لتجنب الأعراض، عن طريق الحصول على البلازما من المريض، وتبديلها بالبلازما الجديدة التى تساعده على التعافى".

ويحذر "فطين" من وجود سوق سوداء لبلازما المتعافين من كورونا، كونها تؤدي إلى الإصابة بفيروسات خطيرة مثل فيروس سي عبر البلازما المنتقلة من خلال الأشخاص الذين يتبعون تلك الأمور دون إشراف الجهات الرسمية والمعنية بعلاج المرض، وهى أماكن نقل البلازما ومستشفيات العزل المخصصة لمتابعة حالات كورونا.

من جانبه، أوضح الدكتور أيمن راتب، مورد أجهزة الطبية لسحب الدم واستخلاص البلازما، أن أجهزة فصل البلازما متوفرة في جميع محافظات مصر منذ شهور عدة، وأن فكرة فصل البلازما عن الدم يتم استخدامها في العمليات الجراحية مثل النزيف وأمراض الأطفال والأورام، مؤكدًا أنه إجراء غير مكلف تمامًا، ولا يستغرق وقت كبير.

وأضاف "راتب" أن أصحاب الأمراض الصدرية والقلب يحتاجون ما يساعد أجسادهم على مواجهة الفيروس قبل دخولهم مرحلة المضاعفات الخطيرة، واستخدام العلاج ببلازما دم المتعافين من كورونا يقتصر على الحالات الحرجة فقط، وتتمكن أجهزة المناعة من القيام بمهمة مواجهة الفيروس مع الحالات الأخرى، بجانب البروتوكول العلاجي المحدد من قبل وزارة الصحة.

في الأيام الأخيرة، انتشرت وسائل مختلفة للحصول على بلازما المتعافين من فيروس كورونا المستجد، كان أبرزهم البحث عبر صفحات التواصل الإجتماعي عن متبرعين بفصائل دم معينة، لكنهم لا يدركوا خطورة الأمر، فقد أكدت وزارة الصحة قبل أيام، أن هناك 5 أماكن فقط هم المسؤولين عن نقل البلازما للمصابين، لتشمل المركز القومي لنقل الدم بمنطقة العجوزة بالجيزة، بالإضافة إلى عدد من المراكز الإقليمية لنقل الدم بمحافظات الإسكندرية والمنيا والأقصر وطنطا.

وتضمنت تلك الصفحات أيضًا سماسرة للاحتيال على الأشخاص الراغبين في الحصول على بلازما الدم، بتوفير المتبرعين مقابل مبالغ مالية في الخفاء، وغالبا ما يؤدي الأمر إلى الوفاة مباشرة، وهذا ما أثبتناه في تحقيق نشرته "الدستور" عن السوق السوداء لبلازما المتعافين من كورونا.

يمكن الإطلاع على التحقيق من خلال الرابط التالي: اضغط هنا