رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السيسى.. القائد الأمين على مصالح العرب


أثبت الرئيس عبد الفتاح السيسي، منذ توليه الرئاسة وحتى اليوم، أنّ مصر بيت العرب الكبير، وما إعلان القاهرة الخاص بحل الأزمة الليبيّة، إلاّ دليل على أنه قائد من طراز القادة الأمناء على مصالح أمّتنا العربية، وبشكل واضح ممَن يرفض أن يكون أي جزء من أمتنا تابعًا لأي محور إقليمي تركي أو إيراني غير محور مصالح أمتنا العربيّة.

في لحظات ما، توهّم العثماني أردوغان أن صبر مصر سينفد، على ما يجري في ليبيا، وأن انتصاراته وميليشياته الوهمية في ترهونة وتراجع الجيش الوطني الليبي عن محيط العاصمة طرابلس؛ حفاظًا على سلامة ساكنيها ستعطيه، واهمًا، القدرة على تهديد الأمن القومي الليبي والمصري، خصوصًا أن الجيش الليبي حقق انتصارات مهمة في شهر رمضان، ولولا تدخل الطيران التركي لانتهت المعركة، إضافة إلى تدفق نحو 10 آلاف مقاتل من المرتزقة السوريين والتركمان، إضافة إلى وصول أسلحة ومدرعات ودبابات من أنقرة ساهمت في دعم ميليشيات حكومة السراج المتواجد في إسطنبول، لإتمام اتفاق تدشين قاعدة عسكرية في ليبيا وانطلاق عمل شركات تنقيب الغاز التركية في الساحل الليبي.

لكن مصر تعلم جيدًا أن كل المؤامرات التركية الإخوانية ضعيفة أمام الرؤية المصرية التي وضعت العالم أجمع أمام مسئولياته، عندما خطّ الرئيس عبدالفتاح السيسي إعلان القاهرة من خلال وقف إطلاق النار، وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها واستكمال أعمال اللجنة العسكرية بالأمم المتحدة 5 + 5، مع تشكيل مجلس رئاسي ينتخبه الشعب الليبي لأول مرة في تاريخ البلاد، كما أن الإعلان أوضح وجوب التوزيع العادل والشفاف للموارد اللليبية على كافة الأراضي الليبية، وعدم استحواذ الميليشيات على أرض ليبيا.

ووضع الرئيس السيسي العالم أمام مسئولية أخلاقية كبيرة، وأمام حقيقة تدخل تركيا في المشهد الليبي، ووضع حلفاء السراج في نفق ضيق وأن الأمر يحتاج طرفًا آخر يتدخل لضمان التزام تركيا والسراج، وغالبًا قد يكون أوروبيًا في وجود روسيا، وهذه الخطوة تراها مصر ذات أهمية عندما دعت سفراء الاتحاد الأوروبي وخماسي مجلس الأمن وعددا من السفراء العرب، وهنا لا بدّ أن نشيد بالدبلوماسية المصرية التي تتعامل بمسئولية بأن ترك ليبيا بدون حلول حقيقية والتزام أممي بكل مخرجات المؤتمرات السابقة، يعني أننا أمام مشهد مكرر في سوريا وهذا ما لا يرغب فيه أردوغان وجوقة الإخوان.

الموقف على الأرض يشير إلى منعطف خطير في القضية الليبية تسير إلى التقسيم، لا سمح الله، حال تعثر تفاهم قوى إقليمي ودولي، وتراجع المشير حفتر وانسحاب الجيش الوطني من الجفرة وسرت والوشكة، أعطى مؤشرا خاطئا لتركيا بأنها القوة المنفذة على الأرض وأنه لا اتفاق دون ضمانات أوروبية وتفاهمات روسية التي ترى أن ليبيا هي إحدى أهم أوراق اللعبة مع واشنطن، التي لم تعد منطقة الشرق الأوسط مهمة لصناع القرار الأمريكي المنشغل بأزمة الشارع المنتفض، وفيروس كورونا والأهم هو الانتخابات الرئاسية المقبلة.

يبقى هناك خطر سلاح الميليشيات ودور القوات التركية المريب في طرابلس وطبيعة وجودها في المنطقة الغربية وحدود سلطتها، خاصة أنها تمثل الحامية الرئيسية لطرابلس ومقر السراج، وآلاف المرتزقة السوريين الذي جلبهم أردوغان هو السؤال الأهم في تفكيك المشهد الليبي، الذي يتحتم فيه طرح السؤال المهم وهو كيف سيتم التعامل معهم والسيطرة عليهم وإبعادهم خارج ليبيا؟ وهذه مهمة كبيرة تحتاج إلى تكاتف دولي وإلى عمل أوروبي يحمي حدود أوروبا من وصول المرتزقة إلى سواحل شمال المتوسط وهذا ما قالته مصر للأوروبيين بأنهم لن يكونوا بمأمن من أردوغان وميليشياته وسلاحه المنفلت والذي لن يستثنى أوروبا.

كان واضحًا رفض السراج لإعلان القاهرة، وهو واهم بالتأكيد بأن الإعلان موجه له أو لأردوغان وحلفائهم فإعلان القاهرة موجه إلى المجتمع الدولي بأن مصر قوية وقادرة على أن تصحح مفهوم أن مسألة تهديد الأمن القومي المصري عبر التدخل المباشر أو غير المباشر، يعني أن القاهرة ستضرب بقوة وبلا أدنى حساب لمَن تسول له نفسه المساس بأمنها ومقدّراتها.

لقد كانت كلمات الرئيس السيسي واضحة ومباشرة لا تقبل التأويل والتفسير، فالأمن القومي الليبي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، والأمن القومي العربي هو الأساس في الأمن القومي المصري، نعمل بكل شرف وما تقوله مصر في الغرف المغلقة تقوله أمام العالم وعلنًا، سنقطع أي يد تهدد مصر أو أي بلد عربي.