رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصيدة الأندر إيدج.. ضحايا «تيك توك»: استقطبونا بـ«مطلوب مذيعة» واكتشفنا أنه «دعارة مقننة»

مودة الأدهم
مودة الأدهم

حنين حسام.. عمر هانى.. مودة الأدهم.. ومنة عبدالعزيز.. مراهقون أصبحوا حديث الساعة فى الآونة الأخيرة، بعد تحولهم من مشاهير على تطبيق «تيك توك» حيث يقدمون بعض الفقرات الكوميدية الخفيفة، إلى متهمين فى قضايا تتداولها المحاكم وتشغل الرأى العام.
فالأمر لم يعد مجرد تطبيق لمقاطع الفيديو «اللايت»، بل أصبح يقدم ما يمكن وصفه بأنه «دعارة مقننة»، وذلك من خلال مجموعات عمل عليه تستقطب الفتيات الصغيرات، وتطلب منهن الخروج فى «بث مباشر» لرواد التطبيق، والحديث معهم، وتجاوز الأمر إلى ما هو أبعد من ذلك، مقابل مبالغ مالية تصل لـ٢٠ ألف جنيه شهريًا. «الدستور» تلتقى فى السطور التالية عددًا من الفتيات اللاتى وقعن فى هذه «المصيدة الإلكترونية»، ليكشفن كيف تم استقطابهن؟ وما الذى طُلب منهن على وجه التحديد؟ والشروط التى تم اختيارهن على أساسها، فضلًا عن محاولة تحليل الظاهرة مع خبراء فى القانون والطب النفسى والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.


هاجر: الفتاة تصبح «مباحة» بمجرد فتح «اللايف»

تعرفت هاجر على، ٢٠ عامًا، على تطبيق «تيك توك» منذ عامين، عن طريق إحدى صديقاتها على «واتس آب»، التى دعتها للانضمام إلى التطبيق الذى يتيح للمتفاعلين «الحصول على أموال كثيرة دون جهد كبير»، مع تأكيد أن ما يُقدم خلاله «لا يتجاوز الفقرات الكوميدية والخفيفة، ولا يتعارض مع الأخلاق العامة». هذا الحديث جعل «هاجر» تفكر فى الانضمام إلى التطبيق الجديد، والمشاركة فى إحدى مجموعات الفتيات اللاتى تتولى مساعدتهن على تحقيق الشهرة عبر «تيك توك».
وقالت «هاجر»: «رغم أن المجموعة تضم فتيات فقط، إلا إننى فوجئت بأن ما تقوله إدارتها شىء وما تقدمه شىء آخر»، موضحة أنهم طلبوا من بعض الفتيات الظهور على الهواء «لايف»، ثم بدأت الفتيات فى التحدث بـ«طريقة غير أخلاقية»، بجانب توجيههن لإرسال صور مخلة لهن لمن يرغب.
وأضافت: «فوجئت بما يطلبونه فقررت الاختباء لحين التعرف على ما يحدث، ورأيت بعض الفتيات تفاعلن مع الأمر لصغر سنهن، واعتقادهن أن الأمر لن يضرهن، فى ظل وعدهن بالحصول على أموال طائلة».
وشددت على أن الفتيات الصغيرات لا يدركن ما يفعلن، وبمجرد فتح «اللايف» تصبح الفتاة متاحة لأى شخص، ويمكن، لكل من يريد، مراسلتها على الرسائل الخاصة، ويطلب منها أى شىء مقابل المال، لذا ما يحدث مجرد «دعارة مقننة».

قانونى: الحبس عقوبة من يصنع فيديوهات خادشة

كشف حمدى مرزوق، المستشار القانونى، عن أن الحبس والغرامة هما عقوبة كل من يصنع أو يروّج فيديوهات خادشة عبر مواقع التواصل الاجتماعى. وأوضح «مرزوق» أنه «بعد تحرير محضر لدى شرطة الإنترنت بشأن الواقعة، تتحرى المباحث عن صاحبها وتتأكد من صحة البلاغ المقدم، ثم بعد ذلك تضبط مرتكب الجريمة لتبدأ مراحل التقاضى». وأضاف أن المتهم يخضع لقانون مكافحة جرائم الإنترنت، الذى ينص فى مادته الـ١٣ على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ٦ أشهر، وبغرامة لا تقل عن ٥٠ ألف جنيه ولا تجاوز ١٠٠ ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أى من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصرى، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة، أو منح بيانات إلى نظام أو موقع إلكترونى لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته، أو بالقيام بنشر، عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات، معلومات أو أخبار أو صور وما فى حكمها، تنتهك خصوصية أى شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أم غير صحيحة».



بسمة: شركة بالمعادى اختارتنا.. وقالت لنا: «تحمّلن أى تحرش»
اقتربت بسمة محمود، ٢٤ عامًا، من الوقوع فريسة بين أيدى الشركات المشبوهة المتعاملة مع تطبيق «تيك توك»، لكن تم إنقاذها فى اللحظات الأخيرة قبل التورط فى مشكلة يصعب حلها.
عن ذلك قالت: «من زمان بحب مواقع التواصل الاجتماعى، وعندى اهتمامات بالموضة والميك آب والفاشون والتمثيل، وكنت أبحث عن أى طريقة تجعلنى مشهورة فى أى مجال، لحد ما لقيت إعلان عن مذيعات لايف على السوشيال ميديا، وإن فيه إنترفيو، وده إداهم مصداقية عندى شوية». وأضافت: «فعلًا رحت مقر الشركة فى المعادى، وكان فيه كاستينج بيختاروا منه بنات وأوديشن، ومضيت عقد معاهم، عرفت بعد كده إنه وهمى». وعما طلبوه منهن تحديدًا، كشفت: «كان المطلوب إننا ننزل أبليكيشن خاص، ونظهر عليه كل يوم لايف عشان نكلم الناس، ومنعوا إننا نتكلم فى الجنس والدين والسياسة، وتحديدًا الجنس، بحيث الكلام ميكونش فيه بشكل صريح، ومن هنا بدأت أقلق، لحد ما شوفت بوست على فيسبوك بيحذر منهم». وواصلت: «البوست كان بيتكلم عن أبليكيشن صينى، وشركته أبرمت تعاقدات مع مصريين هنا لإحضار وكلاء من البنات، وكل ما تجيب وكلاء أكتر نسبتك تزيد، وكل المطلوب هو وجه حسن يطلع لايف كل يوم، واللايف أوقات بيكون فيه تعليقات تعتبر تحرش لفظى، ومطلوب من البنت إنها تعديها عشان يتبعت ليها كوينز هدايا تُترجم لفلوس». وتابعت: «اللى بيتعامل معاهم بيبعت للشركة فى الصين وبيعمل معاهم عقد وبيبقى فيه اتفاق إنك هتاخد نسبة من كل شخص تجيبه، الوكيل ده بيأجر مكان ويجيب الناس ويعلمهم زى كاستينج وأوديشن، وبعد كده يمضى معاهم عقد، وده طبعًا عقد وهمى، بس علشان تطمن شوية إنك هتاخد فلوسك»، مختتمة: «لما عرفت كل ده بعدت عنهم».
استشارى نفسى: لا يملكون أى حياء اجتماعى

أرجع الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسى، إقبال الشباب على تطبيق «تيك توك» وغيره من تطبيقات الفيديوهات والبث المباشر إلى البحث عن «المشاهدات»، خاصة أن أكثر فئة مهتمة بهذه المواد هى المراهقون، الذين بطبعهم يميلون للفت الانتباه. وقال «فرويز»: «لا حدود للحياء الاجتماعى أمام رغبة رواد هذه التطبيقات فى الحصول على إعجابات ومشاهدات، خاصة أن الخارج عن المألوف تزيد مشاهداته بشكل كبير، فى ظل الانحدار الثقافى». ورأى أن تحرير محاضر قضائية لهؤلاء المراهقين، فى الآونة الأخيرة، يدفع البعض- ممن لديه إحساس- إلى التراجع عما يقدمه من محتوى خادش لا يليق بالمجتمع، أما البعض الآخر فهو من الشخصيات المضطربة، الذى يجد فى الأمر فرصة للاستحواذ على سوق «تيك توك» والتربح المادى. وتابع: «انتشار مثل هذه القضايا مؤخرًا يعد بمثابة إنذار للأهالى للالتفات بشكل أكبر إلى أبنائهم وكيفية قضاء أوقاتهم، خاصة الذين هم فى سن المراهقة، لأن التواصل بين الأهالى أصبح مفقودًا فى الآونة الأخيرة».
جنى: طلبوا مشاهدين بأى طريقة.. والراتب 20 ألفًا شهريًا

تعتبر جنى خالد، ٢٢ عامًا، إحدى ضحايا «تيك توك»، عمل الفتيات على هذا التطبيق أنه «دعارة»، موضحة أن المسئولين عن تشغيلها طلبوا منها «جذب المشاهدين بأى طريقة»، مقابل مبالغ تصل لـ٢٠ ألف جنيه شهريًا إن استطاعت «نيل إعجاب الجمهور». وقالت «جنى»: «تعرفت على تطبيق تيك توك منذ عامين، لم يكن حينها مشهورًا مثل الوقت الحالى، وانبهرت بشدة وحلمت بأن أصبح من مشاهيره، وبدأت فى إعداد الفيديوهات، لكننى لم أستطع إقناع الجمهور بمشاهدتى».
وأضافت: «بعد مرور عام واحد، صادفت أكثر من فيديو منشور لمشاهير تيك توك، يعرضون خلالها توظيف مذيعات فى التطبيق مقابل مبالغ مالية كبيرة، وبلا تفكير تقدمت للعمل معهم كى أحقق حلمى وأصبح مشهورة، وعلمت فى البداية أن كل المطلوب منّا هو بث فيديوهات لايف». وأشارت إلى أن الشروط المطلوبة لشغل تلك الوظائف تتضمن ظهور الفتاة فى أكثر من «بث مباشر» لمدة ٣٠ ساعة شهريًا، مقابل ١٠٠٠ جنيه، وهو الحد الأدنى حال «عدم تحقيق التارجت»، لكن إن حققت أى فتاة «التارجت» ونجحت فى جذب الجمهور لمتابعتها فستحصل على ٢٠ ألفًا. وأوضحت: «فى البداية لم أشعر بأى خطر، وكنت سعيدة جدًا بالأموال والشهرة التى يعدوننى بها إن نفذت تعليماتهم، وكنت أرى أن الأمر مثل أى لايف على فيسبوك أو إنستجرام، ثم بدأوا يصدّرون لنا عدة توجيهات، أولها أن يكون شكل الفتاة مبهجًا، وتتحدث مع الجمهور فى أى شىء».
وواصلت: «بعد ذلك طلبوا منى أن أستقطب فتيات أخريات للعمل، واشترطوا أن تكون الفتاة المرشحة غير محجبة، وكانت الأموال تزيد، وهنا بدأ الشك يتسلل إلىّ، ثم عرفت أن جذب الإعلانات شرط كى تحقق أى فتاة الشهرة المطلوبة، وفوجئت بأن المحتوى الذى نبيعه لهم يبث تحت عناوين إباحية كى يزداد عدد المتابعين، وتزداد الأموال والشهرة».
واختتمت: «تركت العمل بمجرد إدراك حقيقته القذرة، فكل ما فى الأمر أن أشخاصًا من الخليج يدفعون مقابل رؤيتنا، وما أكد لى ذلك الرسائل التى كنت أستقبلها على صفحتى، ففوجئت بأن رقم هاتفى موزع على عدد كبير من البشر، وأدركت أن الأمر مجرد دعارة مقننة، فغيّرت رقمى فورًا وتركت العمل، وحينما واجهت من طلب منى العمل أنكر علمه بكل ذلك».

خبير اتصالات: لا يمكن غلقه لبثه من الصين

أكد وليد حجاج، خبير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أن تطبيق «تيك توك»، لا يمكن غلقه بسبب بثه من الصين، ولكونه «نسخة دولية». واعتبر «حجاج» أن الحل يكمن فى وجود رقابة من الآباء على الأبناء، ورقابة على المحتوى المقدم والشباب الذين يقدمون ذلك المحتوى، خاصة أن أغلبهم أقل من ١٨ عامًا، بمعنى أنهم «قُصّر». وأضاف: «استخدام الشباب الصغار الهواتف لا بد أن يكون مقترنًا برقابة مشددة من الأهل، مع إمكانية استخدام برامج وتطبيقات يتم تحميلها على هواتف أبنائهم تمكنهم من الرقابة على هواتفهم، ومعرفة ما الذى يفعلونه، ويمنعونهم من استخدامهم البرامج الشاذة مثل تيك توك».
مودة