رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هنا القاهرة



عرفت مصر الإذاعات في العشرينيات.
بدأت الحكاية بـ مجموعة من الإذاعات الأهلية، يعني فرد أو أفراد يقرروا يعملوا محطة إذاعة خاصة مملوكة ليهم، اتعملت محطة "مصر الجديدة"، بعدها اتعمل راديو فؤاد لـ صاحبه عزيز بولس، ثم راديو فاروق لـ صاحبه إلياس شقال، ثم عدد من المحطات الشبيهة.
كانت المحطات دي بـ تبث من مكان صغير، أوضه أو شقة محدودة، وكان إرسال المحطة من دول يدوب يغطي الحي اللي فيه، في القاهرة أو الإسكندرية، وإرسال المحطة كان عدد ساعات محدود في اليوم، بـ يوصل في بعض المحطات لـ ساعتين يوميًا فقط لا غير.
كان المحتوى اللي بـ تقدمه المحطات دي طبعا محتوى ترفيهي لا أكتر ولا أقل، وكان يتراوح بين تقديم الأغاني عشوائيا طبعا، وترويج السلع، الإعلانات يعني، وتبادل رسايل الغرام بين مستمعي الإذاعة، اللي كانوا بـ يبعتوا جواباتهم لـ المحطة، والمحطة تتولى إذاعة ما في الخطابات، اللي كان بـ يبقى فيها رسايل حب.
سنة 1932، شافت الحكومة المصرية إنه وضع المحطات الإذاعية دي غير قابل لـ الاستمرار كدا، في نفس الوقت أدركت أهمية الإذاعة في توجيه الرأي العام وتعبئته، فـ اتفقت في يوليو من نفس السنة مع شركة ماركوني البريطانية على إنها تتولى تنظيم بث إذاعة تبقى مملوكة لـ الدولة، الإذاعة دي توصل لـ القطر المصري كله، وتبقى هي الإذاعة الوحيدة في البلد، والإذاعة دي تبقى تابعة لـ وزارة المواصلات.
أول مقر لـ الإذاعة المصرية كان في شارع علوي، من خلال 5 استوديوهات أسستها شركة ماركوني في مبناها، وبدأ تأسيس الإذاعة رئاسة سعيد لطفي باشا، أخو أحمد لطفي السيد، اللي كان دارس التاريخ في جامعة أوكسفورد، ولما رجع اشتغل إداريات في وزارة الداخلية، ولما فكروا في مشروع الإذاعة، لقوه أحسن من يصلح لـ إدارته، وهو كان لها.
29 مايو 1934 توقف بث جميع المحطات الإذاعية الأهلية، ويوم 31 مايو، من 86 سنة بـ اليوم، بدأ بث الإذاعة المصرية بـ صوت أحمد سالم، اللي أطلق النداء الشهير: "هنا القاهرة"، اللي هـ يبقى نداء الإذاعة التاريخي عبر عصورها.
أحمد سالم لو مش عارفينه هو الفنان العبقري، اللي حكيت حكايته أكتر من مرة، اللي راح درس الطيران في أوروبا، ورجع سايق طيارته، واللي كان مع محمد فتحي كروان الإذاعة أول المذيعين في الإذاعة المصرية، واللي ساب الإذاعة بعدين علشان يأسس ستوديو مصر مع طلعت باشا حرب، واللي عمل تاريخ كبير في عمر قصير.
بدأت برامج الإذاعة في أول يوم ليها بـ تلاوة الذكر الحكيم، وكان بـ صوت الشيخ محمد رفعت، ثم غنت الآنسة أم كلثوم في أول بث غنائي لـ الإذاعة، وكان أجرها عن الوصلة اللي قدمتها 25 جنيه، ثم توالت البرامج الغنائية والثقافية، وفي أول يوم غنى صالح عبدالحي، ثم غنى محمد أفندي عبدالوهاب، واتقرا على المستمعين قصايد لـ أحمد بك شوقي أمير الشعراء، وقصايد من علي الجارم.
استمرت الإذاعة بـ وضعها دا، اتفاق بين الحكومة المصرية وشركة ماركوني، لـ حد ما حصلت في الأمور أمور، واختلف الطرفين، فـ حصل تمصير لـ الإذاعة سنة 1946، وبدأت مصرية خالصة، سواء من حيث البرامج أو الإدارة، واتنقلت لـ شارع الشريفين، لـ حد ما جه 23 يوليو، واتنقلت الإذاعة لـ إدارة الظباط الأحرار، بس يا سيدي، ومن ساعتها.