رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«ماحدش قاللي».. مبادرة للتغلب على الأثر النفسي لجائحة كورونا


"ماحدش قاللي" هو اسم لمبادرة جديدة على وسائل التواصل الاجتماعي غير هادفة للربح تهدف إلى الوصول إلى الصحة النفسية في محاولة للتعايش بصورة أفضل في ظل انتشار فيروس"كورونا" المستجد وهذه المباِدرة أطلقتها إحدى الناشطات، تدعى ماريان بهادر خريجة كلية الإعلام بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، والتي تعمل بمجال التسويق الاستراتيجي، ومديرة لإحدى ورش العمل بهدف مساعدة الآخرين لاستكشاف مفاهيم هامة ومختلفة.

وفي هذه السطور نسلط الضوء على هذه المبادرة وأهدافها وكيفية مساهمتها في الصحة النفسية في ظل وجود هذا الفيروس وإحاطته بالعالم وليس بمصر وحدها.

"أقوم بعمل فيديوهات توعوية تناقش كافة الموضوعات خاصة تلك التي تعلق بفيروس كورونا وكيفية التعايش معه، وكل فيديو يبدأ بكلمة ماحدش قاللي"، بهذه الكلمات توصف ماريان بهادر حديثها عن المبادرة وطبيعة عملها وتوضح أنها تعرض محتويات فيديوهات المبادرة على طريقة قول "ماحدش قاللي.. ثم تبدأ بسرد المعلومات النفسية التي تساعد كل فرد للتعايش النفسي مع هذا الوباء، موضحة أن الهدف من ذلك الوصول إلى صحة نفسية متوازنة للجميع بقدر الإمكان.

وتتابع ماريان أن أكثر الأسباب التي دعتها إلى إطلاق هذه المبادرة هو أن أزمة كورونا ستترك العالم في احتياج إلى حالة من الاستشفاء النفسي الجماعي، وهو ما أيقنت به وجعلها تستشعر المسئولية الاجتماعية حيال ذلك موضحة أن العالم يعاني من الحزن الجماعي سواء بوعي أو بغير وعي، وذلك سواء كان على الصعيد الصحي أو الاجتماعي أو المالي، مؤكدة أن هناك الكثير من الأفراد بسبب هذه الأزمة فقد أحباء له، وبعضهم لم يستطع تكريم هؤلاء الأحباء قبل الوفاة بسبب هذا الوباء اللعين.

كما تؤكد ماريان أن الصحة النفسية لم تكن دائمًا ضمن أولويات الكثير من الأفراد لانشغالهم بسبل بالعمل وكسب الرزق، ولكن هذا ما اكتشفت عكسه تمامًا من خلال التفاعل الكبير من قبل العديد من الأفراد على صفحتها والفيديوهات التوعية بها، موضحة أن ذلك أظهر مدى تعطش الناس لمثل هذه المعرفة، وأن الكل يسعى إلى تحسين صحته النفسية، ولكنهم لا يعرفون من أين تكون البداية.

في هذه الفيديوهات حرصت مطلقة المبادرة حسبما وضحت على تشجيع المشاهدين بالسعي لطلب المساعدة في حالة الاحتياج لها بأي وقت، كما سلطت الضوء على بعض المؤسسات الخيرية التي تحاول التخفيف من التحديات القائمة الخاصة بأزمة فيروس "كورونا".

وتؤكد بهادر أنها استندت في هذه المبادرة على تقارير العديد من الأبحاث والكتب وكذلك المقالات أو الفيديوهات النفسية للعديد من الخبراء، كما تضيف أنها تحاول نقل بعض خبراتها الشخصية في التغلب على الأزمات وذلك سعيًا لمحاولة الجميع العيش بشكل أفضل رغمًا عن هذه الظروف الصعبة.

ومن الجدير بالذكر أن منظّمة الصحّة العالمية عرفت الصحة النفسية على أنها "ليست مجرّد غياب الاضطرابات النفسية، بل هي حالة من العافية يستطيع فيها كل فرد إدراك إمكاناته الخاصة والتكيّف مع حالات التوتّر العادية والعمل بشكل منتج ومفيد والإسهام في مجتمعه المحلي".

وتأتي مبادرة"ماحدش قاللي" من بين عدد كبير من المبادرات الأخرى التي شهدها الشارع المصري منذ انتشار فيروس "كورونا"، ولكن تلك المبادرات تخصصت أغلبها بعمل بعض الأعمال الخيرية الأخرى المتعلقة بالأزمة مثل تعقيم وتطهير الأماكن وتوزيع المطهرات والكحولات وخلافه، فيما يظهر الوجه الإيجابي لأزمة فيروس كورونا المتمثلة في تكاتف القوات المجتمعية مع بعضها البعض للمرور من هه الأزمة.

أما فيما يخص الصحة النفسية تحديدًا فسبق وأن قامت وزارة الصحة بتخصيص خطين ساخنين للأمانة العامة للصحة النفسية؛ لتقديم الدعم النفسي للمواطنين المتواجدين بالمنازل خلال هذه جائحة فيروس"كورونا" التي تعيشها مصر والعالم، بالإضافة إلى تدريب 150 متخصص في الصحة النفسية عبر وسائل الإنترنت للتواصل عن بعد من أجل تقديم الدعم النفسي للمصابين بهذا الفيروس كورونا المستجد، وأهالي المصابين والفريق العلاجي في مستشفيات العزل وباقي الفئات.

وعلى الرغم من تلك الخطوات الجيدة من جانب الحكومة، إلا إنه مازال ينقصها توافر قنوات لاستيعاب المزيد من المبادرات المجتمعية بالمجال النفسي، التي تأتي من خارج الحكومة والاستفادة منها عن طريق آليات واضحة ومحددة؛ وذلك بعيدًا عن البيروقراطية التقليدية، والتي تأتي من بينها مبادرة "ماحدش قاللي".