الرسول فى مصر (30)
محمد الباز يكتب: المجذوب الأعظم.. أرحنا بها يا شيخ ياسين
لست من مجاذيب الشيخ ياسين التهامى.
أعرف أن هذا يمكن أن يغضب الملايين من مريديه والمتمايلين على نغمات إنشاده، الذى هو قبس من السماء اختصه الله به فحافظ عليه، فارتقى فى درجات السموات العلا، دون أن يحجبه شىء أو يصده أحد.
على كثرة ما نشر الشيخ ياسين التهامى من عطره فى موالد آل البيت، وأمام العتبات المقدسة، وفى الحفلات الخاصة، إلا أننى لم أتوقف عنده طويلًا، كنت أعتبر حالة التماهى معه تلك التى يظهرها من يطلقون على أنفسهم مجاذيب الشيخ ياسين بالنسبة لى مستفزة، خاصة أن كثيرين ممن يدعون وصلًا به لا يعرفون معانى الكلمات التى يشدو بها، والتى ينتزعها انتزاعًا من أشعار الصوفية الكبار، وعلى رأسهم مولانا عمر بن الفارض الذى يعتبره التهامى هاديه ومرشده والآخذ بيده إلى حيث السمو والصفاء الروحى.
سعيت خلفه فى بعض موالده، وقفت وسط الآلاف من جمهوره، الزحام خانق، لا تكاد تمسك بنفسك لتتركها فى مراقى التأمل، فهذا يدفعك إلى الأمام، وهذا يؤخرك إلى الخلف.. رائحة العرق خانقة وأنفاس البشر تطاردك حتى تجد نفسك مجبرًا على الرحيل.
توقفت أمام الذين يهيمون ويتيهون به، أشفقت عليهم قليلًا، لكننى تركتهم فى حمى منشدهم، لعله يملك علاجهم، أو لعلهم يطيبون على يديه، فما دخلى أنا فيما يدور بينه وبينهم.
فى العام ٢٠٠٧ عرضت دور السينما فيلم «استغماية».
لم يكن هناك نجوم كبار، يمكنهم أن «يشيلوا» الفيلم بلغة السوق، كان هو هناك وحده، ياسين التهامى ينشد فى واحدة من حفلاته التى قصدها أبطال الفيلم، ليلتقطوا بعض الصور لمشروع التخرج.
أخذنى ياسين التهامى بمقطع قصير من أنشودة طويلة، لم يمنحه الفيلم فرصة أن يكملها.
سمعت التهامى بقلبى لا بعقلى: «أنعم بتطهير الفؤاد من الهوى وجد لى بتوفيق ومنة أنا إن كان جسمى عن جنابك قاطع فروحى نور من جمالك متكئ».
رحت فى كلماته، فشدنى إليه: «فى البعد لوعة وفى القرب رحمة وفى الوصل راحة إذا الحب منيتى».
لم أنتبه لقليل أو كثير فى الفيلم، خرجت لأبحث عن هذه الكلمات التى شعرت بأنه اقتطعها من الجنة، فوجدتها تبدأ: «ما حيلتى والعجز غاية قوتى وأمرى جميع تحت حكم المشيئة فخلصنى... خلصنى من أسر الطبيعة واهدنى بنورك يا الله وواصل قطيعتى خلصنى خلصنى».
لكل سر مفتاح واحد، وكانت هذه الكلمات هى المفتاح الذى فضضت به سر الشيخ ياسين التهامى، لم يكن ما قاله فقط هو الذى جذب القلب، ولكنها كانت الروح التى تحمل كلماته ونغماته، تعبر بها كل الحدود لتستقر فى الوجدان.
لا يمكننى الحكم على مريدى الشيخ ياسين، هؤلاء الذين يرحلون خلفه فى كل مكان، وهل يتوقفون عند كلماته يتأملونها ويسبحون فى بحارها التى بلا ضفاف فيستمتعون بها، أم أنهم يغرقون فى روحانيات صوته ورحابة نغماته، يحلقون إلى جواره وهو يسبح فى سماوات من صفاء، تحفه الملائكة، ويفرح به النبى صلى الله عليه وسلم ويمنحه الله التوفيق فى كل مرة يطل فيها منشدًا.
كل أحوال الشيخ ياسين تتجلى فى أحوال مريديه.
يعرف أن الكلمات التى يختارها من دواوين أقطاب الصوفية الكبار صعبة على جمهوره.
يعرف أن هناك آلافًا من جمهوره لا يعرفون القراءة والكتابة، قد لا يفهمون الكلمات.. لكنه يعرف أنهم يشعرون بها، لذلك لا يلتزم أحيانًا بنصوص الكلمات، يضيف إليها ويحذف منها، يدمج بينها، يرتجل، يصوغها كما يحسها فى اللحظة التى يلتقى فيها بقلوب مستمعيه.
وصل الشيخ ياسين التهامى، لأنه يعرف نفسه جيدًا.
عندما يقف أمام الآلاف الذين ينتظرونه، يدرك أنه ليس مؤديًا للكلمات، يستشعر كل كلمة، لا تخرج إلا بعد أن تمر على قلبه، يشعر أنه يتجلى، لأنه يلقى قصائده بروحه.
صدقته عندما قال: «أنا لا أنشد.. أنا أسبح فى عالم ربانى».
سألوه وكان ضيفًا على محطة إذاعية فرنسية عن سر الكلمات التى ينشدها من الشعر الصوفى، فأوجز ما لديه ببيت الشعر الذى يقول: «تزين ألفاظه معانيه وألفاظه زائنات المعانى».
يدرك هو جيدًا ما الذى يملكه بين يديه، يتطلع إلى وجوه شعرائه، الذين لا ينزلهم فى قلبه منزل الشعراء أبدًا، فهم عنده لسان حال الصدق الإنسانى النادر.
ووصل الشيخ ياسين التهامى أيضًا، لأنه يعرف جمهوره جيدًا.
الحقيقة أنه لا يسميهم جمهورًا أبدًا.
يروق له أن ينظر إليهم كمحبين، من عادته قبل أن يصعد إلى مسرحه فى الحفلات أو الموالد أو حتى وهو يسير فى الشارع أن يقبل يد المحبين والمجاذيب.
المجذوب الكبير يأخذ بيد المجاذيب، لأنه مثلهم.
عندما يبدأ فى الإنشاد يذوب فيهم، يلمحهم وهم يقفون على باب «التفقير»، فيأخذ بأيديهم، يصعد بهم إلى حدود الذوبان، لا يضيق بمن يفقد السيطرة على نفسه، فهل تعرفون محبًا يضيق بأحوال من يحب.
ووصل الشيخ ياسين التهامى أيضًا، لأنه بالفعل لا يفصل بين نفسه وبين محبيه.
هل تابعته بعد أن ينتهى من حفلاته، تجده ينتحى جانبًا ليبكى، يظل طوال إنشاده يختزن بكاءه، وبعد أن يختلى بنفسه، يفيض بكاؤه، فلا يتحمله قلبه، فيطلق الحرية للدموع لتغسل القلب.
تنتقل حالته إلى مستمعيه، لا يفعلون مثله، يتركون أنفسهم لبكاء متصل، تنظر فى وجوههم، فلا تقدر على أن تفرق بين حبات الدموع وحبات العرق.
يمكنك- كما يفعل كثيرون- أن تختصر الشيخ ياسين فى توصيف عابر، شيخ المداحين أو عميد المداحين، أو المداح الأعظم.
اسمح لى أن أقول لك إنك بذلك تظلم الشيخ ياسين.
يمكن أن ألتمس لك العذر، لأنك تنظر له على أنه مداح فقط، والمداح فى قاموسك وقاموسنا جميعًا هو من ينشد فى محبة النبى ومحبة آل البيت.
عندما تفتش فى دفاتر ياسين ستجد النبى، صلى الله عليه وسلم، عنده يختلف عن حضوره فى ساحات كل المنشدين، قبل أن يضع كلماته بين يديه يستحضره، يدعوه ليكون جليسًا للذاكرين، عندما يتحول المحبون أمام التهامى إلى كتلة واحدة، يظهر النبى، صلى الله عليه وسلم، أمامه.
ينظر إليه وحده.
يتحدث معه وحده.
يغنى له وحده.
ولا يهدأ إلا عندما يطمئن إلى أنه رضى عنه وعن كل ما قاله فى حقه.
وعندما تقلب أكثر فى أوراقه، ستجده مجذوبًا ومنجذبًا لكل آل البيت.
ما يربط بين ياسين التهامى وآل البيت فى مصر شىء خاص به وحده.
لا يزال حتى الآن يحرص على زيارة أضرحتهم، والبقاء فيها بقدر ما يستطيع.
يقرأ فى رحابهم القرآن الكريم.
يحدثهم ويسمعهم.
يطلب منهم المدد فى طريقه الطويل الذى لا يقدر على أن يسلكه وحده.
ما يميز ياسين التهامى عن غيره أنه يسعد بوجوده إلى جوار آل البيت.. إحياء لياليهم رسالة حياته، استمع إليه وهو يقول إن كل واحد من آل البيت له طعم وجو وروحانية خاصة به، يميل هو إلى السيدة نفيسة أكثر، يشعر بأنها الأقرب إليه، لكنه عندما يصادف سيدنا الحسين يجد نفسه فى حالة وجد، يعززها قربه من السيدة زينب.. وفى كل مكان يتوجه إليه تسبقه روحه إلى الولى الذى يأخذ بعضًا من نور النبى بين جنبيه، ويحتفظ به فى قبره.
يمكنك أن تراجعنى الآن.. فإذا كان هذا هو حال ياسين فكيف تستنكر النظر إليه على أنه مداح الرسول؟
هو مداح نعم.. لكن بالمعنى الأكبر للمديح الذى يتفق عليه أقطابه الكبار، فالمداح هو الذى يعيش حالة الخضوع الكاملة لله، وهو من يتضرع بين يديه، من يتذلل له ليقبل كل ما يفعله وما يقوله.
لا أنكر على مداحين آخرين ما يفعلونه أو يقولونه عن أنفسهم، لكننى عندما تتبعت خطوات ياسين التهامى وجدت أنه صوفى حقيقى، لا يأخذ من الصوفية وسيلة للتكسب، ولا يتعامل مع الأشعار الصوفية على أنها أداته ليحقق الشهرة والثروة والبقاء.
تصوف ياسين التهامى، فسمت روحه، ولذلك لا تلتفتوا كثيرًا لهذا الرجل الطيب الذى يرتدى جلبابًا وعمامة صعيدية، التفتوا أكثر للروح التى تحركه فيتحرك بها.
يحاول هو متواضعًا أن يقول إنه دخل عالم المديح بالصدفة البحتة.
لا تصدقه أبدًا.. فهو من بين من صنعهم الله على عينه.. كتبه عنده فى لوحه المحفوظ واحدًا من الرافعين ذكر الله والمادحين نبيه والمتغنين بمكارم آل بيته.
يقول أهلنا الطيبون عمن يحارون فى تفسير فضل الله عليه إن الله صرف له.
ويعتبر أهلنا من الصوفيين الكبار أن من ينعم الله عليه بما يعجز البشر عن فهمه أو إدراكه أنه ممنوح.. منحه الله بسر يتكشف أمام الناس دون أن يعرفوا له نهاية أو يدركوا له قرارًا.
هل تريدون أن تعودوا بالزمن لسنوات- لن تطول بيننا- علنا نعرف بعضًا من أسرار هذا المجذوب الأكبر؟
نحن الآن معًا فى الشهر الأخير من العام ١٩٤٩.. محافظة أسيوط.. مركز منفلوط.. على وجه التحديد قرية الحواتكة، يستقبل بيت الشيخ التهامى حسانين طفلًا يسميه ياسين، الذى يجد نفسه بعد سنوات يعيش فى بيئة صوفية خالصة.
ففى القرية أكثر من مسجد وأكثر من ضريح، من بينها أضرحة الأقطاب أبى الحسن المحمدى وعبد رب النبى والحلوى والريدى، ولذلك لن يكون غريبًا عندما تعرف أن أبناء القرية جميعهم من أبناء الطرق الصوفية، لا يشذ أحد عن الطريق أو يخرج على الطريقة.
لكل ولى من أولياء القرية مولد، وفى الموالد يتحول أهالى القرية جميعًا إلى مريدين يخدمون الرواد ويقومون على راحتهم.. فكلهم فى حب الأولياء محاسيب.
شرب ياسين التهامى الطفل حب النبى من نبع أبيه الذى يشهد له من عرفوه بأنه كان أحد أولياء الله الصالحين، الآن له ضريح فى قريته، وله مسجد يتميز بأنه وحده من بين مساجد القرية له أربع مآذن.
فى الليالى التى كان التهامى حسانين يقيمها سمع ياسين للمنشدين والمداحين.
امتزجت الأشعار التى يطلقها أصحابها فى محبة النبى بدم الطفل الصغير.
فعرفه الطريق قبل أن يعرفه هو الطريق.
كان طبيعيًا ألا يكمل الشيخ ياسين التهامى دراسته فى الأزهر، فى العام ١٩٧٠ كان قد وصل إلى السنة الثانية فى الثانوية الأزهرية.. قرر أن ينقطع عن الدراسة ليتفرغ لجمع تراث المديح كله فى قلبه.
أمسك ياسين بخيوط الشعر الصوفى التى سمعها فى حضرات والده، وجد أن حصيلته منها لا تكفى، فتفرغ عامين كاملين لقراءة أشعار أقطاب الصوفية الكبار، ليصبح صديقًا حميمًا ومقربًا من عمر بن الفارض والحلاج والسهرودى ومحيى الدين بن عربى.
قبل الشعر الصوفى كان ياسين التهامى قد تحصن بحفظ القرآن الكريم، ومن بين مكرمات القرآن عليه أنه دربه على الحفظ، فتسلل الشعر الصوفى إلى قلبه كما يتسلل الماء بين الأصابع.
بعد عامين من التفرغ كانت روح ياسين التهامى قد امتلأت تمامًا بفيوضات الشعر الصوفى، وجد نفسه مدفوعًا إلى الترنم بهذه الأشعار، حتى جاءت الليلة الموعودة، ليلة المولد النبوى وفى ساحة والده وقف التهامى لينشد فى حب رسول الله.
كانت الطلة الأولى للتهامى بكلمات لعمر بن الفارض سلطان العاشقين كما يطلقون عليه.
أنشد التهامى: هو الحب فاسلم بالحشا ما الهوى سهل فما اختاره مضنى به وله عقل.
بداية الطريق كانت منتصف السبعينيات، انطلق بعدها التهامى ليصبح النجم العابر للأجيال، فحتى الآن ورغم مرور ما يقرب من خمسين عامًا يظل هو المنشد الأعظم، لا يخضع للموضة ولا لتغير أذواق الرجال، والمفاجأة أن شبابًا من مختلف الطبقات والخلفيات التعليمية يسعون خلف ياسين التهامى.
يمكنك أن تعتبره حالة خاصة جدًا، لا يقدر على مجاراتها أحد.. ولذلك يدخل فى حياتنا الثقافية والفنية نفس المساحة التى يحتلها الكبار، أمثال محمد عبدالوهاب والسيدة أم كلثوم وعبدالحليم حافظ، فهؤلاء جميعًا كسروا أسوار الزمن وتسللوا إلى أجيال لم تعش زمنهم.. لكنها لا تزال أسيرة له.
لم يكن ياسين التهامى ابن الصدفة أبدًا، يحلو له هو أن يقول ذلك عن نفسه، رغم أنه فعليًا ولو كان منصفًا مع نفسه، لقال إنه ابن القدر.
أبناء القدر يظهرون فى الوقت المناسب، يختزنهم الله لمهمات خاصة.
هل يمكننا أن نبحث معًا عن المهمة التى ادخر الله ياسين التهامى لها؟
فى الوقت الذى ظهر فيه ياسين التهامى كان فن الإنشاد يعانى بشدة من الرتابة وربما الملل، فلا أحد يلتفت إلى الكلمات، ولا رغبة لدى أحد ليجعل من الموسيقى التى هى معراج الروح إضافة إلى فن الإنشاد.
ظهر التهامى وكان الشيخ أحمد التونى ابن قريته الحواتكة هو شيخ المنشدين.
لكن ما رأيك أن تستمع لبعض مما كان يردده التونى؟
كان يقول: «رنيت يا كاس قلى سبب رنك رنيت وحدك ولا الهوى رنك يا ساهر الليل قوم حرص على دنك لحسن يقوموا السهارى يشربوه منك».
وتخيل أيضًا أن مشايخ الإنشاد الكبار كانوا يرددون كلامًا عاميًا خاليًا من الصور والمعانى، هل تتصور أن أحدهم كان ينشد: عجبى على ناس لا صاموا ولا صلوا وعدوا البحر ع المنديل ولا اتبلوا وفى آخر الليل فى حرم النبى صلوا.
وجد ياسين التهامى نفسه غريبًا تمامًا عن هؤلاء الذين ينشدون هذه الكلمات، فأخذ طريقًا أبعده عنهم، وهو ما جعله يبقى، ورغم أن عددًا كبيرًا من المنشدين ظهر بعد التهامى، إلا أنه لا يزال يتصدر الصورة، وأعتقد أنه سيظل متصدرًا لها عقودًا طويلة مقبلة.
لو رأيت الشيخ ياسين التهامى جالسًا بين أصدقائه، أو يسير فى الشارع، أو حتى وهو يجلس على المسرح قبل أن يقف منتصبًا ليلتقى جمهوره، ستتخيله رجلًا عاديًا جدًا، لكن ما إن ينفرد بجمهوره فى ساحته الروحية التى يعدها بنفسه حتى يتحول إلى كائن أسطورى، لا تعرف على وجه التحديد من أين يأتى بكل هذه القوة والحيوية والجاذبية؟
وأنا أفتش فى أرشيف الشيخ ياسين التهامى، عثرت على قصاصة صحفية لحوار معه، توقفت عند العنوان الذى يلخص الحالة كلها بالنسبة لى.
قال التهامى: أنا أخاف من ياسين التهامى الذى يسكننى.
هل أمسك الرجل بما هو عليه؟
أعتقد أنه كان موفقًا تمامًا فيما قاله، فالذى جلس أمام الصحفى يتحدث معه، هو المواطن البسيط ابن أسيوط الذى يعمل فى الإنشاد، الذى كان مطلوبًا منه أن يتحدث عن الغول الجبار الذى يظهر على المسرح، وكانت مفاجأة أن يقول التهامى ذلك عن رفيقه الذى يسكنه، فهو يخاف منه ولا يعرف على وجه التحديد فى أى طريق سيأخذه.
لا يتحدث ياسين التهامى كثيرًا عن النبى، صلى الله عليه وسلم، لا يعبر عن حبه له أو تجلياته معه، لم يخبرنا أبدًا بأنه زاره فى المنام، وقال له وأعاد عليه، يكتفى بأن يعبر عن هذا الحب فى لياليه التى لا تنقطع، وربما لهذا نصدقه ونسعى وراءه، وننظر له على أنه المنشد الأعظم ليس فى تاريخ مصر فقط ولكن فى تاريخ الإنسانية كلها.
فى زحمة الحياة وفى طرقاتها الخشنة نبحث عمن يزيل عن أكتافنا القلق.
يمحو من عيوننا التوتر.
يطهر قلوبنا من الهموم.
لن أكون مبالغًا إذا قلت إن ياسين التهامى واحد من هؤلاء الذين منحتهم لنا الأقدار لنستريح من عبء الحياة على هامش عبقريتهم.. وربما لهذا كله أو لبعض منه تجد نفسك من مريديه، وإذا وجدت نفسك مثلى لست من مريديه.. ابحث عنه من جديد ستجده كما وجدته.. وعندما تجده لن تفارقه أبدًا.
ستسألنى: وهل بعد ذلك ما زلت تعتبر نفسك لست من مجاذيب الشيخ ياسين؟
لن أجيبك.. سأتركك أنت لتحكم على.. وتحكم على نفسك أيضًا.