رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عقوبة الكذب السجن خمس سنوات



أبدأ هذا المقال بعبارة منسوبة إلي أحد كبار المحامين أظنه مكرم عبيد في زمانه عندما أراد أن يعبر عن رأي لو نطق به قد يؤدي ذلك إلي تطبيق عقوبة، ولكنه كان يقصد رئيس الحكومة في ذلك الزمن، وكان شخصية شهيرة هو عزيز صدقي، فقال في جلسة قضائية ساخنة هذه العبارة: "قلت الصدق فكذبتموني وقلت الكذب فصدقتموني فليحيا كذبي ويسقط صدقي".

وفي الولايات المتحدة يحاكم هذه الأيام أحد أكبر وأهم أساتذة الجامعات، وهو عالم مشهور له أبحاثه بالمئات، ولكنه كذب في رده عن استجواب عما إذا كانت له صلة بأي المسئوين بالصين، فأنكر أنه زارها، وثبت أنه يقوم بالعمل بها شهرين كل سنة وأنه يقوم بالتدريس هناك ويتقاضى راتبًا شهريًا مبلغ خمسين ألف دولار شهريًا ويصرف له مائة وخمسين ألف دولار سنويًا، علاوة علي راتبه الشهري، وهو بذلك يكون مستحقًا لعقوبة السجن لمدة خمس سنوات، وهذه المدة هي عقوبة الكذب، هذا بخلاف ما إذا كان هو بالفعل من صنع هذه الجريمة الكبري وهي تخليق ميكروب دوخ العالم ولا يزال، وراح ضحيته ما يفوق المليون، والمصابون فهم أكثر من ثلاثة ملايين، ولا يزال يعمل هذا الفيروس في كل ركن من أركان العالم والمعروف بفيروس الكوفيد تسعة عشر، نسبة إلي تاريخ التعرف على هذا الميكروب الذي حير العالم والعلماء.

أما إذا ثبت بالفعل أن ذلك العالم هو من صنع هذا الوباء فيكون مستوجب الحكم بالموت لا مرة واحدة، بل عدة مرات بعدد الذين راحوا ضحايا علمه وعملته في تخليق هذا الوباء. وهذا يترك لنا درسًا سيبقي عالقًا ويدرس للأبناء والأحفاد عن كيف يساء استخدام العلم أسوأ استخدام، عكس الآباء والأجداد الذين اكتشفوا الدواء لشفاء المرضي قبل أن يوجد من أساء استخدام العلم الذي ساق موتى من كل الأعمار والأوساط، بل ترك الخوف والرعب ينهش في قلوب البشر من انتشار العدوي وويلات الإصابة بالفيروس وتعرض الصحة للدمار والعمر للفناء.

ومع المتهم توجه تهمة ضد أستاذة صينية تعمل بمختبر بجامعة بوسطن، متهمة بأنها تعمدت إخفاء معلومات عن ضابط الجوازات عند دخولها إلى الولايات المتحدة الأمريكية. فقد أخفت أنها ضابطة بالجيش الصيني، كما وأنها أخفت معلومات عن أبحاث قامت بها تتعلق بالجيش الأمريكى، وكذلك معلومات عن علماء متخصصين في علوم الاتصالات.

أما الاتهام الثالث فهو لرجل باحث صيني يبحث في الخلايا السرطانية فى المركز الطبي في بوسطن، وقد أنكر أنه يحمل أي شىء ممنوع ، في حين أنه عند تفتيش حقيبته ضبط بها أكثر من عشرين من الأبحاث البيولوجية، واتهم بالكذب وإخفاء معلومات بشكل متعمد، وبمواجهته بالاتهام اعترف أنها ملفات خاصة بأبحاث مطلوبة لجهات بحثية في الصين، وبهذا أصبحت ملفات ثلاثة تتعلق بذات القضية، وهي إخفاء معلومات علمية كيمائية وبيولوجية. ولا يزال البحث والتحقق جاريًا للوصول إلي تفاصيل الأمور الخاصة بهذه القضايا. ومع شديد الأسي أن من يستفيدون من هذا البلد الذي ينفع العالم كله بأبحاثه وعلومه التي تخدم البشرية كلها، ليصدروا ما هو خطر علي حياة البشر غير مدركين أن العلم والأبحاث يرجي منها خدمة الإنسان وشفاءه من الأمراض وتحقيق سلامة البشرية جميعها من الكوارث أيًا كان مبررها، فقد خلق الله الإنسان ووهبه عقلًا ومعرفة تفوق سائر المخلوقات الأخري ليخدم بها كل عالم، وليسعى لخير البشرية وشفاء الأمراض المستعصية وليس العكس، وليس ليصدروا لنا الوباء والموت والألم، وليتابع العالم كله ما هو حق وعدل.

وجزاء لمن خرج عن الضمير الذي ميز به الخالق الإنسان دون سائر الخلائق ليخدم البشر بعضهم بعضًا في كل مجال حتى يعمل على راحة الإنسان، وليس لاختراع ولتركيب ولتخليق ما يؤذي ويهلك بدلاً من أن يشفي ويحقق مقاصد الخالق، وهي أن نكثر ونخدم ونحقق الهدف الأسمي، وليس السم والعذاب كما في مثال هذا الميكروب اللعين الذي لا يرحم ولا يخجل. حمي الله كل مسئول علي هذا الكوكب الأرضي لخير الإنسانية وليس لتعذيب البشرية.