رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مسئولية الشعب في زمن "كورونا"


إن الإحساس بالمسئولية المجتمعية أري انه قد أصبح ضرورة قصوي وحامية في مواجهة أيام صعبة نعيشها في بلدنا ويعاني منها العالم بأسرة، وذلك لضمان القضاء علي وباء كورونًا القاتل.. وأنه أصبح واضحًا من كل شواهد تفشي "كورونا" في العالم من حولنا؛ أننا إن لم يكن لدينا هذا الإحساس بالمسئولية المجتمعية وإن لم نقم بدورنا كشعب، ونتكاتف مع الدولة للقضاء علي وباء كورونًا في الفتره المقبله فإننا سنشهد نتائج كارثية ستكون وبالًا علي الجميع بلا استثناء.
إن حصار وباء كورونا يتطلب من الشعب بمختلف فئاته؛ الالتزام الكامل بالاجراءات الضرورية والاحتياطات المطلوبة للحماية من هذا الوباء الملعون، ولكن من ناحية أخري فإن الأمر يتطلب أيضا أن نواجه أنفسنا بالحقيقة، وأن نصحح مساراتنا الخاطئة وممارساتنا الضارة لأنفسنا ولغيرنا لأن لدينا الآن مشكلة أساسية تتمثل في حالة من الاستهتار والفوضي، وتجاهل الوباء، مما سيؤدي إلي تفشيه وصعوبة حصاره، أو إيقاف انتشار العدوي كما حدث لغيرنا من الدول التي شهدت أعدادا هائلة من الوفيات، وبنظره إلي آخر الأرقام التي خرجت عن عدد وفيات وباء كورونا، ًسنجد أنها كارثية ومخيفة حيث تجاوز عدد ضحاياه أكثر من ٢٧٠ ألف قتيل، وما يقرب من ٤ ملايين إصابة، بينهم ٧٥ ألف قتيل في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها في أقل من شهرين، حيث تتصدر العالم في عدد الوفيات والإصابات.
لكل ذلك، نجد الدول الآن تتسابق مع الزمن من أجل التوصل إلي لقاح لمعالجه هذا الفيروس القاتل، ًوفي نفس الوقت، فإن الدول ستعاود فتح منافذ الحياة وتشغيل اقتصادها تدريجيًا في مواجهة توقف عجلة الإنتاج والأعمال والخسائر الاقتصادية والاجتماعية الفادحة والمدمرة وتفشي البطالة، ولكن أيضا مع اتخاذ الاجراءات الوقائيه التي تكفل عدم تفشي الوباء.
أما في في بلدنا، فإننا أمام سيناريو محتمل خطير، وينذر بعواقب وخيمة، فبينما قامت الدولة بدورها مبكرًا لحماية الشعب، فإن الشعب لمً يقم بدوره لحماية نفسه وغيره، وهكذا فإننا بعد شهرين من الآن، سنجد أنفسنا أمام الكثير من الممارسات الفوضوية، وأشكال الاستهتار واللامبالاة التي رأيناها من فئات عديدة من الشعب، ومن مختلف القطاعات، ًوفي مختلف المحافظات والمدن والقري، مما أدي إلي ارتفاع ملحوظ رأيناه مؤخرًا في منحني الإصابات بالفيروس القاتل، والغريب في الأمر حقا أن هناك حالة غريبة بين الناس، وكأنهم لم تأتيهم تحذيرات متتالية من الدولة ومن المسئولين، وكأنهم لم يروا أو يسمعوا التوعية الإعلامية المتواصله التي يقوم بها بعض الإعلاميين، وبعض الكتاب، والتي يقوم بها التليفزيون والقنوات، والتي تبث خاصة خلال مسلسلات رمضان التي تلتف حولها معظم الأسر المصرية طوال الشهر الكريم.
إن تجاهل التوعية والتحذيرات بخطورة الوباء الملعون، الذي أصاب العالم كله دون استثناء بأرقام مخيفة في الوفيات تثير الرعب في قلب أي إنسان، وهو أمر يجعلني أتوقف كثيرًا حول أسباب هذا التجاهل الناتج أحيانا، إما عن قلة وعي، أو ربما يكون نتيجة لنشر إشاعات مغرضة هدفها التشكيك في جهود الدولة من أعداء الحياة من الجماعات الظلامية، والتي تشكك في وجود كورونًا، وتحرض علي الضرب عرض الحائط بالاجراءات الاحترازية لإرباك الدولة، وهي جماعات تبث الكراهية ًحتي الآن في كل شيء.
كما أن هناك في بلدنا من يمارسون حياتهم، غير مدركين أو أنهم لا يصدقون أن هناك وباءًا قاتلًا قد اجتاح العالم بما فيه بلدنا التي اقترب فيها عدد الوفيات يوميا من الـ٥٠٠ متوفي، وهناك أيضا من لا يريدون أن يصدقوا أن الوباء سيصل إليهم!!
وعلى سبيل المثال لا الحصر، سألتني صديقة أعرفها في اتصال تليفوني عن حقيقة ما يقال عن وجود الوباء!!!.. فهي لا تصدق أن الفيروس بهذه الخطورة، ولا تصدق أيضا أن أمريكا فيها أعلي الإصابات، وتقول لي أن "هذه خدعة من الدولة العظمي لإرباك العالم: وأن "كورونًا" لن ينتشر في بلدنا"!!.. والغريب في الأمر أن هذه السيدة متعلمة، لكنها لا تتابع الأخبار العالمية، ولا تقرأ الصحف، وهي تشاهد التليفزيون، لكنها لا تصدق الأخبار والمعلومات بخصوص "كورونًا"، وتمارس حياتها بشكل عادي، وتذهب لشراء احتياجاتها دون كمامة، وتستعجب ممن يرتدون الكمامات!!!.. وكان علي إقناعها بالمنطق وبالأرقام أن الوباء قد يصل إليها أو لأبنائها إن لم تأخذ حذرها، وأنا شخصيا شاهدت عصر أمس علي كوبري عباس من نافذتي، بعض الأهالي، وهمً يجلسون بمقاعد أحضروها من بيوتهم وتجمعوا علي رصيف الكوبري للفسحة علي ضفاف النيل، ونسوا النداء الذي دعا إليه المسئولون، والذي يطالبهم بالبقاء في البيوت حرصا عليهم من العدوي، وكأنهم في كازينوعلي ضفاف النيل، وكان الزحام علي أشده في الشارع، سواء أكان من المارة أو السيارات أو وسائل المواصلات، بما ينذر بخطر نشر العدوي ويعني عدم التزام المواطنين بالتباعد والبقاء في البيوت.
وفي المناطق الشعبية أيضا، مازال الأهالي يتجمعون بلا أدني إحساس بالمسئولية رغم فرض غرامات علي الكثيرين ممن يتجمعون بعد أوقات الحظر، وأيضا فإن الأسواق الشعبية الإسبوعية في الأحياء الشعبية ما تزال تعج بالبشرالذين لا يتركون مسافات فيما بينهم، ولا يرتدون كمامات، ورغم البرامج التي تحذر من "كورونًا، والتوعية التي تبث من وقت لآخر، لكن يبدو أنها ليست كافية لإقناع الناس بالالتزام بإلبقاء في منازلهم، والإتزام بالتعليمات والاجراءات الاحترازية، أما المشكله التي لمستها لنفسي، فهي الزحام في كل وقت، وحتي موعد آخر لحظات موعد الحظر، حيث تقل الحركة والسيارات والمارة، لدرجة أنني أحسست، وكأنني أنا فقط، وعدد قليل من الناس، قد التزمنا بإلبقاء في البيوت، وعدم النزول إلا للضرورة القصوي.
إن سلوكيات الشعب المتجاهلة لخطر كورونًا، والاستهتار بتعليمات وقواعد الحماية والتعقيم والتطهير، هي التي ستُطيل مدة الخطر وانتنشار الفيروس، مما ينذر بعواقب خطيرة ووخيمة ذات أبعاد اقتصادية وصحية واجتماعية لن تحمد عقباها، لقد قامت الدولة مبكرًا بإجراءات احترازية لحماية الشعب كل