رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لاتنس .. أنت مجرد ضيف!


مما لاشك فيه أن شكل العالم بعد جائحة «كورونا» سيكون مختلفًا تمامًا عن شكل العالم قبلها، فحتمًا هناك تغييرات جذرية ستحدث سواء على المستوى السياسي أو الثقافي أو الاقتصادي أو الفكري أو الديني أو غيرها.
والحكيم هو الذي يتعلم دائمًا دروسًا من الأحداث والمواقف ولعل جائحة «كورونا» التي اجتاحت كوكب الأرض تكون سببًا لأن يراجع كل إنسان حساباته فيخرج منها بالعظات والعبر، ولعل من أهم الدروس أن يتعلم الإنسان أنه هنا على هذه الأرض ما هو إلا كائن ضعيف وغريب ونزيل، ومن ثم عليه أن يتواضع بدلًا من أن يتكبر ويكون في تعاملاته مع إخوته في الإنسانية بسيطًا لا متعاليًا غيريًا لا أنانيًا، يؤثر الإيثار على الإثرة، والعطاء على الأخذ، والحب على الكراهية، والصفح على الانتقام، والسلام على الخصام والانقسام، فالحياة قصيرة ولا تستحق كل هذه الصراعات والنزاعات. 
ففجأة وبلا مقدمات
نمنا في عالم...
واستيقظنا في عالم آخر مختلف
فجأة
لم تعد أوروبا حلم الهجرة..
و لم تعد أمريكا أقوى دولة..
باريس لم تعد رومانسية
إيطاليا لم تعد مبهرة..
نيويورك لم تعد مثيرة..
لم يعد سور الصين حصنًا..
ومكة والمدينة.. فقدوا المصلين
وأصبحت كل المساجد فارغة
وجميع الكنائس أغلقت أبوابها
الكل أصابه الهلع والفزع من الموت
الكل أدرك حجمه الحقيقي
فلا قيمة للإنسان على وجه البسيطة.
فجأة.. توقفت كل الحروب، وتوقف القتل، وأصبح القاتل والمقتول مطلوبين أمام عدالة السماء بسبب فيروس ضئيل لا تراه العين.
 وفجأة.. أصبح السلام بالأيدي والعناق والقبلات أسلحة نخاف منها.
وأصبح عدم زيارة الآباء والأهل والأصدقاء.. دليل محبة وخوف على حياتهم.
فجأة.. أدركنا أن لا قيمة فعلية للقوة والجمال والمال والسلاح.
وأصبح همنا الأكبر أن نحصل على الأكسجين وأن نضمن وجوده إذا افترسنا الفيروس.
توقفت كل مرافق الحياة، فلا مطارات، ولا مدارس، ولا جامعات، ولا مطاعم، ولا كافيهات، لا دور دعارة ولا خمارات ولا نوادي قمار.
لقد أصبح العالم أكثر طهارة وأجمل وأنقى من دوننا.
فالبيئة تحسنت، والأوزون توقف عن التهتك، وانطلقت الغزلان والماعز البري تركض في أفخم الشوارع، بينما البشر محجورون في البيوت التي تحولت فجأة إلى سجون إرادية.
انطلقت الطيور والعصافير مغردة خارج أقفاصها، بينما قبع الإنسان مرغمًا داخل قفص بيته خوفًا من العدوى أو نقلها.
وبصرف النظر عن هل فيروس «كورونا» هو فيروس طبيعي أم صنعه البشر إلا أنني
أعتقد أن هذا الفيروس يحمل رسالة للبشرية مفادها أن "الأرض والماء والسماء والهواء بدونكم بخير وعندما تعودون للحياة، لا تنسوا أبدا أنكم ضيوف وغرباء ونزلاء أنتم لستم سادة الأرض.
أنتم مجرد ضيوف ضعفاء..
فهل وعينا الدرس؟!!