رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحقيقة في لحظة الأزمة.. لماذا يكره البعض مصر؟


إن الأزمات التي تمر بالأمم والشعوب تظهر معادنها، وتخرج ما فيها من طالح أو صالح، وتكشف حقيقة ما نملك من قيم إنسانية وأخلاقيات لا تظهر إلا في تلك الأزمات.

واجهت مصر العديد من الأزمات منذ قرابة 10 سنوات، كانت كافية لتكشف ما بين خنداق وخنداق وبين صفوف وأخرى، وكشف المحب الحقيقي والمزيف، وبين المخادع والصادق.

عشت في هذا البلد الذي لو خيُرت بينها وبين بلدي، الذي ولدت فيه لقلت مصر وليس دونها بلاد حتى بلاد الحرميين، ولست هنا بمدعِ ولا مزايد ولا بباحث عن مكرمة ولا مغنمة، فهذا البلد له في عنقي الكثير والكثير ولا أملك أن أرد ما في رقبتي لمصر وشعبها وجيشها، كانت الملجأ والأمان، فيها تعلمت وفيها أحببت وعلى أرضها خطوت نحو طريق العلم والمعرفة، عرفت شوارعها ومدنها كما عرفت راحة يدي، غمرني أهلها بمحبة وعوضني عن غربتي وان الذي فقد الأهل والحبة والوطن.

مصر هذا البلد الذي دخلته كغيري خائف مطارد ذليل، أعزني وأكرمني أهله ومنهم تعلمت الكثير، حتى لكأن الكثير من أسرتي وأقاربي يروني في شخصيتي أنها مصرية أكثر من العراقية.

عشت أيام مصر بحلوها ومرها واجهت مع أهلها الصعاب والمخاطر حزنت معهم أيام العبارة وما قبها، وشاهد على متغيراتها السياسية والفكرية، جالست قامتها من نجيب محفوظ والأبنودي وعمر الشريف ونور الشريف وأستاذنا محمد حسنين هيكل، وعرفت رجالها من أطباء وعلماء وكتاب ووزراء ونواب، ومن ناس بسطاء في عموم محافظاتها التي زرتها ولي في كل مدينة محب وصديق وبيت، وكانت لي حضوتين أولها أني كاتب وصحفي وثانيها أني لست مصري من أبنائها فكان لذلك في نفوس أهلها مكانة قدمتني على زملائي، هؤلاء الزملاء كانوا أهل وأخوة وأحبة.

أقول هذا لأن عبقرية مصر وقوتها في شعبها، هذا الشعب الذي لم أجد مثيله بين كل شعوب العالم، وأنا الذي زرت نحو 50 بلد وعايشت العديد من الأجناس والأشكال، لكن هذا الشعب العظيم الذي يملك من مقومات توارثها أجيالا وأجيالا، جينات أصيلة نقية لم تشوه رغم ما تعرض من موجات استعمارية، فقد أثرت تلك الشخصية المصرية على المحتل، حتى أضحى هذا الغريب مصري الهوة.

ما دفعني لهذه المقدمة الطويلة والمعروفة للكثير، ما قرأته لعدد من الأخوة في الخليج وفي بعض المحسوبين على العرب، وهنا أقصد بكل وضوح جمال ريان وليليان داود، وعدد من الإعلاميين في مواقع ووسائل مثل الجزيرة والإندبندنت والديلي ميل والوشنطن بوست ورويترز، ومواقع إعلامية عملت فيها بشكل مباشر أو غير مباشر.

وللأسف أقول أن ما مرت به مصر من يناير 2011، وما تلاها من أحداث وصولا لثورة 30 يونيو، التي صححت المسار وعادة هيبة وزهو وعنفوان مصر وشعبها وجيشها العظيم، كشفت هذه الأحداث ما في نفوس البعض من الكره لمصر، والتي عبر عنها البعض بشكل فاجر دل على خسة ودنائة تلك النفوس، فالمدعو جمال ريان الذي عرفته كذاب آفاق كاره لمصر بعد أن رفض في بداية عمله أن يكن مذيعا بعد تجربته الفاشلة في الأردن ومن ثمة محاولاته في التفزيون العربي ( الجزيرة ) والذي رفضه من قبل صلاح نجم الإعلامي المصري وقال إنه لا يصلح أن يعمل في القناة، وكان كثير ما يشتم مصر وشعبها، لأنه يعتقد أن المصريين استولوا على كل شي وأنهم احتكروا كل شي.

ولأنهم بلا تاريخ وبلا حاضر، وبلا شرف، لا مهني، ولا أخلاقي، راحو يتطاولون على مصر القامة والتاريخ والحاضر، ولأنهم لا يملكون ما تملك مصر من روح المحبة والتسامح، مصر التي وعلى مر الزمان أبهرت العالم بما قدمته من بناء وعلوم، حفرت اسمها في سفر الإنسانية، وهم بلا تاريخ، مجرد جمل عابرة لا معان لها ولا دالة.

لم يكن ببعيد عنا مساوئ السوشيال ميديا، والتي أظهرت مجموعة يقودها البغلي وغيره من الكارهين لمصر، وغيره والذين يدعون لطرد المصريين من دول الخليج التي ما قامت إلا بسواعد المصريين، وهنا حتى لا يتقول عليا أحد أقول حتى العراق، بلدي قام بسواعد المصريين وحتى يومنا هذا مصر وشركاتها لها اليد الطولة في إعادة إعمار بلدي، وندين لها ولشعبها كل التحية والتقدير.

لقد تعرضت مصر لزمجرة الضباع، وفحيح الأفاعي وشحيج البغال وواجهت مصر العديد من الأصوات النشاز، لكن أبنائها تعاملوا بروح السماحة والمحبة والود، مؤكدين بذلك أن مصر الشقيقة الكبرى لكل العرب، فتحيا مصر أرضا وجيشا وشعبا.