رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إحذروا الصهيونية!


"إحذروا الصهيونية" عنوان لكتاب قديم معروف، للكاتب الروسى "يورى إيفانوف"، يفضح فيه الصهيونية ومؤامراتها، ويكشف خفايا اغتصابها وسرقتها لأراضى وتاريخ شعب فلسطين والمنطقة، وقد دفع هذا الكاتب الشُجاع ثمن موقفه المبدئى النزيه غالياً، إذ اغتيل غدراً بواسطة عملاء الصهيونية وعصاباتها، وقد أعاد تنبيهى لهذا التحذير الهام دائماً وأبداً، ما تسرّب مؤخراً عما يجرى علي ساحة القضية الفلسطينية الآن من تجهيزات، وما يتم الإعداد له خفية فى الكواليس من مكائد، فى غيبة تامة عن صاحب القضية: الشعب الفلسطينى، بكل أطرافه، لكي يفاجئنا ويصدمنا، فى المستقبل القريب!

ولعلنا نتذكر، أنه وقبيل هجمة وباء "كورونا" الأخيرة، بفترةٍ وجيزة، كانت قد جرت وقائع الانتخابات الصهيونية، وصبيحتها وعد "بنيامين نتنياهو" الجمهور الصهيوني، بمناسبة بدء العملية الانتخابية، بأنه، لو نجح فى الفوز مُجدداً بمنصب رئيس الوزراء، سيقوم فوراً بالاستيلاء علي أقسام كبيرة جديدة من أراضى الضفة الغربي المحتلة، وضمهّا، قسراً إلي دولة الاحتلال!.
وتماماً، مثلما فعلت جماعات الإرهاب الإجرامية مؤخراً، باستغلال ظروف المجتمع المصرى، ومعركته الصعبة فى مواجهة فيروس "كورونا" وتهديداته، فأقدمت علي جريمتها الشنعاء فى "بئر العبد"، فإن الدولة الصهيونية المغتصبة، استغلت انشغال العالم كله بالمواجهة الصعبة مع الفيروس القاتل، لتنفيذ خطوتها الإجرامية الجديدة التى تسعى من خلالها لالتهام ما تبقّى من أراضى فلسطين، فى صفعةٍ جديدة للرأى العام العالمى، وللعالم، ولدوله الكبرى والصغرى، ولمؤسساته "الأممية"، وقبلهم للعرب وكافة هيئاتهم، الواقفين جميعاً يتفرجون على مسخرة المساخر، وهذه الدويلة المصنوعة المارقة، تدوس علي كرامتهم جميعاً بالنعال، دون أن يحرك طرف منهم ساكناً!

وحدهم 127 سياسياً بريطانياً من أعضاء "مجلس تعزيز التفاهم العربى البريطاني"، من مختلف الاتجاهات والتوجهات السياسية والحزبية، ومن بينهم وزراء ومسئولون سابقون، ونواب حاليون بمجلسى العموم واللوردات، وقادة أحزاب وغيرهم، وجّهوا خطاباً واضحاً شديد اللهجة، إلي رئيس الوزراء "بوريس جونسون" ووزير الخارجية "دومينيك راب"، يتضمن رفضهم القاطع لهذه الخطوة الإسرائيلية الخطيرة المُزمعة، مُنبهين إلى أن اعتزام إسرائيل ضم أراضى الفلسطينية "سيكون لطمة مميتة لفرص تحقيق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين يتأسس على أى حل قابل للحياة يقوم على إنشاء دولتين"، ومُحذّرين من أنه "من الواضح بالفعل أن الحكومة الإسرائيلية سوف تستخدم غطاء وباء "كوفيد ـ 19" للسعى لتطبيق هذه الخطة الفاضحة"، ومُطالبين "بألا يقتصر الموقف البريطاني علي الكلام فى مواجهة إسرائيل"، وأن "تفعل المملكة المتحدة أى شيئ بمقدورها لمنع هذا الأمر"، (الأهرام 3 مايو 2020).

وبصرف النظر عن الدور البريطاني التاريخى المشهود فى تسليم فلسطين للعصابات الصهيونية، وقت أن كانت فلسطين واقعة تحت نير الانتداب البريطاني، وحصار المقاومة الفلسطينية ومنعها من امتلاك مقومات مواجهة المشروع الاستيطاني الاستعمارى الصهيوني، (فى النصف الأول من القرن الماضى)، وكذلك بصرف النظر عن الحديث الذى لم يعد له محلاً فى الواقع، حول "السلام" بين الطرفين الفلسطينى والصهيوني، فلابد من ان نُحيي هذا الموقف المسؤول، ونشد علي أيدى المُبادرين به، وأن نُجرى مقارنةً واجبةً بين هذا الموقف المحترم، وبين موقف الإدارة الأمريكية ورئيسها "ترامب"، وأركان حربه من عتاة الصهاينة والمتماهين مع المشروع العنصرى الصهيونى، من نفس القضية.

ففى رد فعل أمريكي هزلي علي الموقف الإسرائيلي المُرتقب، أعلن الطرف الأمريكي أن "واشنطن أبلغت رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو بأن "إعطاء الضوء الأخضر لضم أراضٍ فلسطينية سيكون مشروطاً بقبول إسرائيل بخطة السلام وفقاً لمقترحات "ترامب"، (والتى هى أفكار صهيونية بالأساس!)، وأن "البيت الأبيض"، سيوافق علي عملية "الضم" (أى الابتلاع) فى حال وافقت إسرائيل إقامة دولة فلسطينية"!، (المصرى اليوم، 3 مايو 2020).

فعن أى "دولة فلسطينية" يتحدث "ترامب" وزبانيته ؟، وأين يمكن لها أن تتأسس، هذه الدولة المولودة موؤدة، بعدما تم التهام أغلب أرضى فلسطين قطعةً قطعة، وستُنهى إسرائيل ابتلاع جزء بالغ الأهمية من آخر بقاياها فى خطوتها القريبة المنتظرة؟!

ولا يبقى لنا إلا أن نكرر تحذير الكاتب الشهيد "يورى إيفانوف": إحذروا الصهيونية .. إحذروا الصهيونية .. إحذروا الصهيونية!