رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عيد العمال بين شبح تفشى الوباء وهاجس التعثرالاقتصادى


يجىءالاحتفال بعيد العمال هذا العام على مستوى العالم والعمال وأسرهم يعانون مع كل البشرية من محنة فيروس كورونا الذى اجتاح العالم ليصيب وقت كتابة المقال أكثر من 3 ملايين شخص ويقتل أكثر من 200 ألف شخص، تلك المحنة التى أجبرتنا جميعا على التباعد الاجتماعى والجلوس فى بيوتنا لاتقاء شر تفشى الفيروس.
يجىء الاحتفال بعيد العمال هذا العام وسط اجراءات احترازية أخذت بها كل دول العالم لمواجهة الفيروس اللعين وهى (إغلاق جميع أماكن التجمعات مع حظر التجوال مما تسبب فى إغلاق المصانع والشركات والمحال التجارية والأسواق والكافيهات بجانب وقف الطيران والسياحة الذى تسبب فى إغلاق الفنادق والبازارات) وأدى ذلك بالطبع إلى جلوس العمال فى بيوتهم وقطع أرزاق الكثيرين ممن يعملون باليومية أو فى قطاع العمالة غير المنتظمة وهم بالملايين على مستوى العالم وفى مصر يمثلون 40% من قوة العمل ويعملون فى القطاع غير الرسمى ويصل عددهم ل12 مليون عامل وعاملة. ورغم محاولات الحكومات والمجتمع المدنى من أحزاب ونقابات وجمعيات أهلية وبعض رجال الأعمال فى دعم العمال المتضررين من أزمة الفيروس إلا أن الأزمة كبيرة ويتوقع الخبراء والمفكرون الاقتصاديون على مستوى العالم بحدوث ركود اقتصادى وأزمة اقتصادية عالمية مستفحلة خلال عامى 20 20 و2021 تشبه أزمة 1929 وتشير بعض التقارير العالمية إلى مزيد من الإفقار للدول و وانضمام 2 مليار لفقراء العالم الحاليين ومزيد من البطالة.
ويتوقع صندوق النقد الدولى خسارة للاقتصاد العربى تصل ل 323 مليار دولار نتيجة لهبوط أسعار النفط بشدة مع محنة الفيروس كما يتوقع حالة انهيار للاقتصاد العالمى، كما يتوقع أن العالم العربى وأفريقيا سيتجهان لأزمة ركود وفقدان ملايين الوظائف.
وتحاول الدول الكبرى التقليل من التداعيات الاقتصادية الحادة بإعادة فتح المصانع والشركات والعودة للعمل والحياة ولكن بضمانات للوقاية من الإصابة بالفيروس وتوفير المستلزمات الطبية الواقية للعمال مع التواجد على مسافات متباعدة تصل لمتر أو مترين. المحنة ياسادة تضعنا بين حماية الأرواح وحماية الاقتصاد وتُخيِّرالعمال الذين يكسبون رزقهم يوما بيوم بين الجلوس فى البيت فيموتون من الجوع أو النزول للعمل فيصابون بالفيروس هل يمكن أن يُخيَّر الإنسان بين الموت جوعا أو الموت بالفيروس؟. إن الكثيرين على مستوى العالم يفضلون النزول للعمل رغم الضمانات غير الكافية.
وبين مطرقة الفيروس وسندان الفقر تحاول الدول الرأسمالية الكبرى (التى انكشف عجز معظمها وعجز أنظمتها الصحية عن مواجهة الفيروس) تحاول سباق الزمن للحد من الأزمة فقررت الدول العشرين الكبرى ضخ 7 تريليون دولار للمساهمة فى حل تداعيات جائحة كورونا وقررت تجميد مؤقت لديون الدول الأفقر وهذا فى نفس الوقت الذى نادت فيه الأمم المتحدة والعديد من القوى الوطنية والمنظمات الحقوقية بإلغاء ديون الدول الأفقر.
يجىء عيد العمال هذا العام ومازال عمال مصر ينادون بسن قانون للعمل يحفظ للعمال حقوقهم فى عمل يوفر لهم الأمن والأمان وأجر عادل يكفى احتياجاتهم واحتياجات أسرهم الضرورية مع توفير ظروف عمل ملائمة وآمنة وينادون بحماية العمالة غير المنتظمة وحماية العاملات فى المنازل.

يجىء عيد العمال هذا العام ومازال عمال مصر يطالبون بتفعيل وتنفيذ قانون المنظمات النقابية من أجل تأسيس نقاباتهم المدافعة عن حقوقهم ومصالحهم لتحسين أحوالهم المعيشية والنهوض بالعمل والإنتاج والمساهمة فى البناء والتقدم.
وفى ظل محنة كورونا أريد التأكيد على أن القطاع العام هو الحامى لبلدنا من العوز وهو الحامى لبلدنا فى أوقات الأزمات، وأن الدول التى تنهض بالزراعة والصناعة هى التى تستطيع أن تقف فى وجه الأزمات وتتغلب عليها، وأن العدالة الاجتماعية تقتضى تنفيذ ماجاء فى الدستور الذى أجمع عليه الشعب المصرى عام 2014 فى المادة (27) من الفصل الثانى المقومات الاقتصادية من الباب الثانى (المقومات الأساسية للمجتمع) وتنص المادة على أن النظام الاقتصادى يهدف إلى تحقيق الرخاء فى البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، بما يكفل رفع معدل النمو الحقيقى للاقتصاد القومى، ورفع مستوى المعيشة، وزيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة، والقضاء على الفقر. كما تؤكد على التزام النظام الاقتصادى اجتماعيا بضمان تكافؤ الفرص والتوزيع العادل لعوائد التنمية وتقليل الفوارق بين الدخول والالتزام بحد أدنى للأجور والمعاشات يضمن الحياة الكريمة، وبحد أقصى فى أجهزة الدولة لكل من يعمل بأجر.
وتنص المادة 28 على أن تولى الدولة اهتماما خاصا بالمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر فى كافة المجالات وتعمل على تنظيم القطاع غير الرسمى وتأهيله.
أما فى المادة 38 فنجد النص على أن يهدف النظام الضريبى وغيره من التكاليف العامة إلى تنمية موارد الدولة، وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية. ويراعى فى فرض الضرائب أن تكون متعددة المصادروتكون الضرائب على دخول الأفراد تصاعدية متعددة الشرائح وفقا لقدراتهم التكليفية.
إن محنة كورونا تقتضى تعاون وتشارك أجهزة الدولة والقوى الوطنية ومنظمات المجتمع المدنى ورجال الأعمال معا لدعم الفئات الأكثر تضررا من الشعب المصرى وفى القلب منه العمال.