رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الرسول في مصر «5»

محمد الباز يكتب: سر ضريح النبى محمد فى شارع الخليفة بالقاهرة

الدكتور محمد الباز
الدكتور محمد الباز

«خلصنى من هذين الرجلين».
لا أدرى لماذا ظلت هذه العبارة عالقة فى ذهنى كل هذه السنوات؟
كان الشيخ محمد متولى الشعراوى يتحدث إلى جمهوره العريض مطلًا عليهم من برنامجه «خواطرى حول القرآن الكريم»، يحكى قصة محاولة سرقة جسد الرسول من قبره، تسمّرت عند ما قاله، فكيف لأحدهم أن يفكر فى سرقة الجسد الشريف؟
تبخرت القصة كلها من رأسى بمرور الأيام وتوالى السنين، ولم تتبق منها إلا صرخة النبى، صلى الله عليه وسلم: «خلصنى من هذين الرجلين» ترن فى أذنى، متخيلًا المشهد الدرامى الأسطورى الذى كنت أعتقد أنه مجرد خيال، لا ظل له من الواقع أبدًا.
بعد سنوات طالت وأنا أقلب فى سيرة النبى، صلى الله عليه وسلم، صادفتنى العبارة مرة أخرى، فلم أفلتها، لكنها لم تأتنى وحدها هذه المرة، فقد اكتشفت أن هناك ٦ محاولات لسرقة جسد الرسول وليست واحدة، تلك التى أشار إليها الشيخ الشعراوى فى حديثه العابر.
جرت وقائع هذه المحاولة فى عصر نورالدين زنكى الذى عاش بين عامى ٥١١ و٥٦٩ هجرية.
ورث نورالدين عن أبيه عمادالدين زنكى حكم حلب، ثم قام بتوسيع إمارته حتى ضمت معظم الشام، وتصدى للحملة الصليبية الثانية، وضم مصر إلى إمارته وأسقط الفاطميين وأعاد الدعاء للخليفة العباسى مرة أخرى من على منابر مصر بعد سنوات من إيقافه، وفتح القدس بعد أن توحّدت مصر والشام، وكانت أعماله الحربية- كما يقولون- تمهيدًا للحرب الطويلة التى خاضها صلاح الدين الأيوبى ضد الصليبيين.
فى واحدة من لياليه، رأى نورالدين زنكى بعد دخوله إلى فراشه الرسول، صلى الله عليه وسلم، يُمسك به رجلان وضحت ملامحهما بدقة، يحاول الرسول أن يتخلص منهما، لكنه لا يستطيع، نظر إليه نورالدين نظرة العاجز، فهو لا يستطيع أن يفعل شيئًا، ولما لم يتقدم نورالدين نظر إليه الرسول، قائلًا: «خلصنى من هذين الرجلين».
طاردت هذه الرؤيا نورالدين زنكى عدة ليالٍ لدرجة حرمته من النوم تمامًا، جلس إلى مستشاريه ووزرائه سألهم الرأى والمشورة فقالوا له: لا بد أن تسافر إلى المدينة المنورة وتزور قبر الرسول، فلا بد أنه فى ضيق، وبالفعل شد نورالدين زنكى الرحال إلى مدينة الرسول، وكان هدفه أن يجد الرجلين اللذين كانا يمسكان بالرسول فى المنام.
نادى وزيره فى أهل المدينة أن زنكى أحضر أموالًا كثيرة ويريد توزيعها عليهم، بدأت عملية التوزيع التى قام بها السلطان بنفسه، وكلما تقدم منه واحد من أهل المدينة تفحصه وتأمل وجهه.
انتهى نورالدين من توزيع الأموال ولم يجد فيمن أعطاهم أحدًا ممن رآهما فى المنام إلى جوار الرسول، فسأل أهل المدينة: هل بقى أحد منكم لم يأخذ حقه من هذه الأموال؟، فقالوا له إن هناك رجلين جاءا إلى الحج من بلاد المغرب وبعد أن زارا قبر الرسول استوطنا المدينة.
كانت سمعة الرجلين طيبة، فقد سارا بين أهل المدينة بالتقوى والصلاح، ولم يكن يراهما الناس إلا ملازمين الصلاة فى روضة الرسول الشريفة، بدأ الشك يتسرب إلى نفس نورالدين زنكى فطلب أن يراهما وبدلًا من أن يستدعيهما إليه، ذهب هو إلى بيتهما حيث يقيمان، دخل البيت وعندما رآهما، شعر بأنه أمام الرجلين اللذين رآهما بجوار الرسول فى منامه، طاف بالبيت فوجد فيه سردابًا ينتهى إلى الحجرة النبوية الشريفة.
كان السؤال: لماذا حفرا السرداب؟
أنكرا معرفتهما به، فأمر نورالدين بتعذيبهما حتى اعترفا بأنهما قدما من المغرب فى زى حجاج ليسرقا جسد الرسول بعد أن ينبشا قبره.
كان عقاب الرجلين هو القتل تحت الشباك الذى يلى الحجرة التى دُفن فيها الرسول، لكن هذا لم يكن كافيًا، فقد فكر نورالدين زنكى فى أن المحاولة يمكن أن تتكرر، وعليه فلا بد من حماية قبر النبى، وهو ما دفعه إلى أن يحفر خندقًا كبيرًا أحاط به القبر وملأه بالرصاص المصهور حتى يحول بين جسد النبى وكل من تسول له نفسه بمثل هذه الفكرة الخبيثة.
ما علاقة مصر بهذه الرواية التى لا دليل عليها إلا أنها وردت فى كتاب هنا أو كتاب هناك؟
ألسنا نتحرك معًا على خريطة التشابكات التاريخية والنفسية بين المصريين والنبى، صلى الله عليه وسلم؟
لا تتعجل، فمن بين ست محاولات لسرقة جسد النبى، هناك محاولتان بتوقيع الحاكم بأمرالله، وهو سادس حكام الدولة العبيدية الفاطمية.
باشر الحاكم بأمرالله حكم مصر بين العامين ٣٨٦ و٤١١ هجرية، وتأتى شهرته من تناقضاته الفكرية والسياسية لا من إنجازاته.
وقد تسأل: لماذا يفكر حاكم مصرى مثل الحاكم بأمرالله فى أن يسرق جسد الرسول، صلى الله عليه وسلم؟
وما الذى يمكن أن يفعل به بعد أن يسرقه؟
ما رأيك فى أن نقف قليلًا مع أبى عبيد البكرى الأندلسى الذى توفى فى العام ٤٨٧ هجرية، أى بعد زوال ملك الحاكم بأمرالله بما يقرب من ٧٦ عامًا، يقول صاحب كتاب «المسالك والممالك.. جغرافية مصر» إن الحاكم بأمرالله شيّد ثلاثة مشاهد فى المنطقة الواقعة بين الفسطاط والقاهرة لينقل إليها رفات النبى، صلى الله عليه وسلم، وصاحبيه أبى بكر وعمر من المدينة المنورة.
كان الحاكم بأمرالله يريد أن يضرب بفكرته هذه عصفورين بحجر واحد.
فمن ناحية ينقل رفات النبى وصاحبيه إلى مصر، بما يعنى ذلك تحويلًا لأنظار المسلمين إلى عاصمة العبيديين، وجعلها فى درجة قداسة مكة والمدينة، وهو هنا لا يلعب بالتاريخ فقط، بل يلعب بالجغرافيا أيضًا.
ومن ناحية أخرى فإن نبش قبرى أبى بكر وعمر فيه مغازلة للشيعة الذين يحملون حقدًا وكراهية للصحابيين الجليلين.
محاولة الحاكم بأمرالله سرقة جسد النبى جرت فى العام ٣٩٠ هجرية، ويقال إنه عهد إلى أمير مكة أبى الفتوح الحسن بن جعفر الحسنى بتنفيذ هذه المهمة، فمضى إلى المدينة المنورة، وأزال عنها إمرة بنى الحسين، بسبب قدحهم فى نسب الأئمة العبيديين، وجلس فى مسجد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وحضرت إليه جماعة من أهلها، بلغها ما جاء من أجله، ومعها قارئ يعرف بالركبانى، فقرأ من سورة التوبة الآيات التى تدعو إلى مقاتلة أئمة الكفر الناكثين بأيمانهم، فثار الحاضرون على أبى الفتوح، وكادوا أن يفتكوا به، ولم يمنعهم من ذلك إلا خوفهم من عواقب فعلتهم، خاصة أن البلاد كان يسيطر عليها العبيديون الذين يتخدون من القاهرة مقرًا لهم.
كيف انتهى الأمر إذن؟
ينحاز بعض المؤرخين إلى أنه لم تكد تمضى بقية النهار، حتى أرسل الله ريحًا شديدة، كادت الأرض تزلزل منها حتى دحرجت الإبل بأقتابها، والخيل بسروجها، وهلك خلق كثير من الناس.
فى كتابه «فضائل المدينة المنورة» يذهب الباحث طه عرفة إلى رواية أخرى لمحاولة الحاكم بأمرالله الأولى سرقة جسد النبى.
فطبقًا لما يقول، فإن الحاكم بأمرالله قرر أن يباشر تنفيذ هذه العملية بنفسه، فقد رأى فيها مهمة ضخمة تستلزم الإشراف عليها مباشرة، وعليه فقد وصل إلى المدينة المنورة على رأس عدد من رجاله الأشداء لنبش قبر الرسول وقرر أن يقتل كل من يعترض طريقه، وعندما بدأ رجاله العمل عرف بأمرهم أحد خدام المسجد فخرج فى طرقات المدينة، هاتفًا: أيها الناس إن نبيكم يُنبش، فهب أهل المدينة وقتلوا رجال الحاكم بأمرالله الذى فر هاربًا قبل أن يمسك به أحد.
المنطق يقول إن الرواية الأولى للمحاولة هى الصحيحة، فليس معقولًا أن يتحرك الحاكم بأمرالله بنفسه ليكون على رأس العصابة التى كلفها بسرقة جسد النبى، وإن كانت تناقضاته التى نعرفها عنه يمكن أن تقوده إلى ذلك.
كانت هناك محاولة ثانية قام بها الحاكم بأمرالله، ربما بعد شهور لسرقة الجسد الطاهر، وهذه المرة عهد بها إلى والى الرملة «ياروختكين العضدى» الذى أرسل رجالًا من شيعته إلى المدينة وزوّدهم بأموال كثيرة، ونجحوا بالفعل فى حفر سرداب أسفل الدور المجاورة لمنزل النبى، صلى الله عليه وسلم، مقابل القبر، لكن أهل المدينة علموا بما صنع هؤلاء، فقتلوهم ومثّلوا بهم، ثم رصفوا الحفرة بالحجارة وأفرغوا عليها الرصاص بحيث لا يطمع فى الوصول إليها طامع أبدًا.
لا أستطيع القول إن الروايات متضاربة، ذاك التضارب الذى يمكن أن ينسفها من الأساس، هى فقط متداخلة إلى درجة كبيرة، كل حكاية فيها من ريح الحكاية الأخرى، ويمكن أن تريح رأسك من المسألة كلها، وتقول إن شيئًا من هذا لم يحدث.
الواقع يقول إن المحاولات جرت بالفعل، فلا يمكن أن نتجاهل ما تمت الإشارة إليه من أن الحاكم بأمرالله بنى ثلاثة مشاهد بين القاهرة والفسطاط لينقل إليها جثامين النبى وصاحبيه.
جهز الحاكم بأمرالله ضريحًا للنبى إذن، ولم يكن ينقصه إلا نقل الجثمان فقط.
لكن أين نجد هذا الضريح؟
هل تعرفون مسجد محمد الأنور فى القاهرة؟
المشهور عن هذا المسجد أنه مقام السيد محمد الأصغر الشهير بـ«محمد الأنور» ابن شقيق السيدة نفيسة بنت الحسن الأكبر، ويوجد بشارع الخليفة على يمين المتوجه إلى قبر السيدة سكينة بنت على الرضا، فى مواجهة قبة شجرة الدر وجامع الخليفة بعد مسجد السيدة نفيسة بقليل.
المسجد على الأرض عبارة عن مبنى صغير قائم على عمود واحد به منبر من الخشب وله منارة قصيرة، وفى الطرقة باب الوضوء، وبداخله ضريح محمد الأنور.
وعندما نفتح سويًا كتاب «الخطط التوفيقية» الذى وضعه على باشا مبارك، يمكن أن نقرأ معًا أنه: «بقرب جامع السيدة سكينة جامع السيد محمد الأنور، وهو مسجد صغير منقوش على بابه تاريخ عمارة مستجدة سنة خمس وتسعين ومائة وألف، وشعائره مقامة ويعمل له مولد سنوى، وقد ذكره السخاوى فى «تحفة الأحباب وبغية الطلاب» أنه يعرف بمشهد محمد الأصغر، وبعضهم يقول إنه ابن زين العابدين، وطبقًا لأحد علماء الأنساب أن زين العابدين تخلف بعد ولد اسمه محمد الأصغر، وإنما خلف محمد الباقر وزيد الأزدى وعمر وعليًا الأصغر والحسين، وقال العبيدلى النسابة هذا المشهد من مشاهد الرؤيا».
أشار على مبارك إلى كتاب السخاوى «تحفة الأحباب وبغية الطلاب»، وهو الكتاب الذى وضعه على بن أحمد السخاوى فى العام ١٤٠١ ميلادية، وعندما نزوره زيارة سريعة سنجده يقول فيما يخصنا هنا: «لا يعرف من مشاهد الأشراف فى هذه المنطقة إلا مشهد محمد الأصغر ومعروف بالأنور بن زيد الجواد بن الحسن بن على بن أبى طالب، وهو ابن أخى السيدة نفيسة بنت الحسن لا عمها كما يزعم العامة».
هذا بالطبع ليس القول الفصل، فلدينا هنا تجربة صحفية جادة جدًا نشرتها جريدة «أخبار الأدب» قام بها عبدالمجيد عبدالعزيز، قرأ ما قيل عن ضريح محمد الأنور فى الكتب والمراجع وعلى مواقع الإنترنت، لكنه لم يستسلم لما وجده بين يديه، قرر أن يخوض التجربة على الأرض، وهى التجربة التى أطلق عليها «رحلة البحث عن ضريح الرسول فى مصر».
التقديم للتجربة الصحفية التى جرت فى نهايات العام ٢٠١٩ كان لافتًا، ففى شارع ضيق بحى الخليفة فى القاهرة ووسط زحام من أضرحة ومقامات آل البيت، ينساه الجميع ولا يكاد يلتفت إليه أحد، فعلى بُعد خطوات منه ضريح سكينة بنت الحسين بن على، وفى نهاية الشارع يقف شامخًا مقام السيدة نفيسة حفيدة الإمام الحسن بن على، وبين السيدتين الجليلتين تجتمع عشرات من مشاهد الأشراف والصالحين، فى منطقة يحلو لأهلها أن يطلقوا عليها لقب «بقيع مصر» وفى وسط كل ذلك يقف مشهد محمد الأنور، هادئًا منزويًا بواجهته الضيقة ومساحته المحدودة، وكأنه يخفى سرًا لا يريد لأحد فض أختامه.
البحث هنا عن السر إذن.
توقفت التجربة الصحفية عند إشارة مهمة وهى ما يطلق عليه «المساجد الحاكمية» التى قيل إن الحاكم بأمرالله بناها فوق قبور جماعة من الأشراف، وكان السؤال: هل المساجد الحاكمية المعلقة هى ذاتها المشاهد الثلاثة التى بناها الحكام بأمرالله على أمل أن ينقل إليها جثامين الرسول، صلى الله عليه وسلم، وصاحبيه أبى بكر الصديق وعمر بن الخطاب، رضى الله عنهما، من المدينة المنورة إلى القاهرة؟
يمكننا أن نعود مرة أخرى إلى كتاب أبى عبيد البكرى الأندلسى «الممالك والمسالك.. جغرافية مصر»، فمن بين ما جاء فيه: «بين الفسطاط ومدينة القاهرة نحو ميلين فى خراب كانت مساكن لكتامة وغيرها، وهناك اليوم ثلاثة مشاهد على الطريق من الفسطاط إلى القاهرة بناها الحاكم ولها السدنة والخدمة، وتوقد فيها السرج الكثيرة الليل كله، وزعموا أنه أراد نقل جثامين الرسول، صلى الله عليه وسلم، وصاحبيه أبى بكر وعمر، رضى الله عنهما».
الشاهد لدينا الآن أن الشواهد الثلاثة المعلقة بُنيت بالقرب من مسجد أحمد بن طولون، على الطريق الذى هو امتداد شارع المغربلين حاليًا، وقد خلصت التجربة الصحفية إلى عدة استخلاصات يمكن التعامل معها على أنها اجتهادات لها ثقلها.
من ذلك أن الحاكم بأمرالله بنى المشاهد الثلاثة لاستقبال جثامين النبى وصاحبيه فى مطلع القرن الخامس الهجرى، فى منتصف الفترة بين المحاولتين الأولى والثانية لنقل الجثامين.
ومنه أيضًا أن المشاهد الثلاثة ظلت قائمة ومضاءة ولها السدنة والخدمة ومهيئة لاستقبال الجثامين الثلاثة لعدة عقود متواصلة منذ بنائها، وحتى اختفاء الحاكم بأمرالله الذى كان يأمل فى نقلها يومًا، كما استمر الاهتمام بها عقب اختفائه وربما استمر الاهتمام بها حتى نهاية الدولة الفاطمية.
ومنه وهذا هو الأهم بالنسبة لى فى الحقيقة، أن ما يؤيد فرضية أن مشهد محمد الأصغر هو المشهد الذى خصصه الحاكم بأمرالله لاستقبال جثمان النبى، هو اختيار الاسم الذى أطلق من قِبل العامة على من زعموا أنه دفن فى المشهد، وهو اسم محمد الأصغر، فهو محمد آخر غير النبى الذى كانوا ينتظرون وصوله، وبما أن الرسول محمد الأكبر لا يزال مدفونًا فى المدينة، فمن المقبول أن تخترع العقلية الجمعية «محمد أصغر» تزعم أنه مدفون فى المشهد لتبرر تقديسه.
قد أكون أزعجتك كثيرًا بتشابكات التاريخ والروايات التى يملك كل منها ما يشير إلى أنها حقيقة، بنفس القدر الذى يملك ما يشير إلى أنها ليست كذلك على الإطلاق، وقد ترى أنت أن القضية من أولها لا تستدعى كل هذا الجهد، فما الذى يفيدنا اليوم أن نعرف أن هناك حاكمًا لمصر أصابه مس من الجنون فخطط لنقل جثمان النبى من المدينة إلى القاهرة، لكنه فشل فى ذلك.
سلوك المجنون يجب ألا يعول عليه، ولا يمكننا أن نأخذ منه حكمًا عامًا، نقول من خلاله مثلًا إن المصريين جميعًا يريدون جثمان النبى عندهم، خاصة أن الحاكم بأمر الله- وهو عندى ليس مجنونًا أبدًا- كان يتحرك لتنفيذ ما يريده لأسباب وأغراض سياسية كاملة.
لكن لا أخفيكم سرًا أن الجنون الذى أبداه الحاكم ورغم أنه جنون سياسى، إلا أن فى النفوس بعضًا من الميل إلى النبى، صلى الله عليه وسلم.. ولو سألت المصريين عما فعله الحاكم، فربما وافقوه على ما فعل على الأقل من باب التمنى.