رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زاهى حواس: أزور الحسين ولا أؤمن بـ«الكرامات» وأعشق صوت عبدالباسط

زاهى حواس
زاهى حواس

هناك فى قرية «العبيدية»، التابعة لمركز فارسكور بمحافظة دمياط، وهو لا يزال فى الرابعة من عمره، بدأ الدكتور زاهى حواس، وزير الآثار الأسبق عالم المصريات الشهير، معرفته بالذات العلية، وتحديدًا داخل كُتّاب «الشيخ يونس».
ففى داخل «الكُتّاب»، مثل غيره من أبناء جيله، حفظ وتعلم «حواس» القرآن الكريم، وتشكلت لديه معرفة دينية كبيرة، إلى جانب تعلم النطق الصحيح ومخارج الحروف والقراءة والكتابة، ومن لحظتها وهو يؤمن ويرى بمواقف عملية أن «ربنا موجود فى قلوبنا وحياتنا، وينقذنا من كل الشرور».
وكشف عالم الآثار الكبير عن أبرز المواقف التى تعرّض لها فى حياته وتجسدت فيها هذه الحقيقة الربانية، كما تحدث عن طقوسه فى شهر رمضان الكريم، وقت أن كان طفلًا وفى الفترة الحالية، إلى جانب تلاوة القرآن والتصوف فى حياته، وغيرها من التفاصيل فى الحوار التالى مع «الدستور».
■ بداية.. هل يختلف رمضان فى القرية التى ولدت فيها عن رمضان فى القاهرة؟
- ولدت فى قرية تتبع مركز فارسكور فى محافظة دمياط، ورمضان هناك له طعم مختلف عن رمضان فى القاهرة، حيث كنا نقضى رمضان وقتها فى لعب الكرة، وكنت مشهورًا بإجادة تلك اللعبة فى صغرى، ونقيم المباريات بيننا والقرى الأخرى.. وبعد صلاة العشاء نذهب إلى الشيخ الدسوقى، وكان بمثابة «التليفزيون بتاعنا»، لأنه كان يحكى لنا قصصًا وحكايات من «ألف ليلة وليلة»، وعن شخصية «أبوزيد الهلالى»، وغيرها من الحكايات الشعبية، وكنا نجتمع حوله لنسمع حكاياته، وكأنها عبارة عن حلقة فى مسلسل.
بعدها، كنت أذهب مع والدى ونحضر مجالس أهل القرية ونستمع لقصص وحكايات الناس، ولم يكن فى قريتنا سوى مكتبتين فقط لدى اثنين من الفلاحين، وكنت أستعير منهما الكتب لقراءتها، كما كنت أشارك فى تمثيل مسرحيات ونعرضها على الناس فى مدينة دمياط.
وعلى العموم، كل شىء فى الماضى كان له طعم ومذاق خاص، وأتذكر أن الكُتّاب كان يشهد توزيع فوانيس رمضان علينا، وكنا ننشد الأغانى الخاصة بالشهر الكريم والابتهالات، مثل «رمضان أقبل»، كما كان رمضان مرتبطًا بالحلويات، خاصة أننى من محافظة دمياط التى تشتهر بها.
كل ذلك ترك داخلى عشقًا للقرية التى ما زلت أزورها فى المناسبات، وعندما أعود إليها أتذكر نشأتى وأشعر براحة غير عادية، وأتذكر كل بيت وشارع ومكان لعبنا أو تعلمنا فيه، فالقرية وذكريات رمضان بالنسبة لى بمثابة الروح للجسد.
■ تعتبر أن «بداية معرفتك بالله» بدأت فى القرية.. كيف كان ذلك؟
- بدأت معرفتى بالله داخل قريتى فى رمضان، منذ كنت فى سن الرابعة، حيث أخذنى والدى إلى كُتّاب القرية، وكان شيخى يسمى «الشيخ يونس»، وذلك لحفظ القرآن الكريم والنطق الصحيح ومخارج الحروف والقراءة والكتابة، الأمر الذى كوّن لدىّ معرفة دينية كبيرة.
وكان الله معى منذ اللحظة التى نطقت فيها اسمى، وهو موجود فى كل لحظة فى حياتى، وأتذكره وأتذكر سيدنا محمد، عليه الصلاة والسلام، فى كل لحظة.
وأرى أن ربنا موجود فى قلوبنا وحياتنا، فهو الذى نعتمد عليه فى كل شىء، والإنسان إذا تواصل مع الله فإن الخالق ينقذه من كل الشرور، وأنا من الناس الذين تعرضوا لمشكلات كثيرة وأنقذنى الله منها، ولا أنسى عندما هاجمنى بعض «لصوص الثورة»، ودعوت الله أن ينصرنى عليهم، فنصرنى على هؤلاء الظلمة.
■ وماذا عن رمضان الحالى بعيدًا عن القرية؟
- عندما انتقلت للعيش فى القاهرة، كنت أقضى معظم وقتى خلال شهر رمضان فى مسجد سيدنا الحسين، رضى الله عنه، وكنت أفطر هناك، وأحضر الندوات والجلسات، وبعدها عشت فى الولايات المتحدة لمدة ٧ سنوات، وكنت أجتمع مع غيرى من المصريين فى الخارج للإفطار سويًا، ونقيم الندوات ونصلى معًا.
وكان شيئًا جميلًا أن نرى روح التعاون والمحبة الموجودة داخل كل مصرى فى الخارج، خاصة خلال النقاشات التى تدور حول مصر وتاريخها وعظمتها وحضارتها، فكل شىء بمصر يدعو للفخر والسعادة.
ويمكن القول إن رمضان بالنسبة لى كان له طعم مختلف فى كل مرحلة من حياتى، وهذا ما أحبه فى ذلك الشهر الكريم، الذى يجمع كل الأسر على مائدة واحدة، ويكون فعلًا شهرًا كله خير وبركة.
■ ما أكثر الأشياء التى ستفتقدها فى رمضان هذا العام؟
- لا أتصور أن يكون رمضان بالنسبة لى هذا العام مختلفًا عن غيره، لأنى أذهب لعملى فى نفس موعدى، ربما لا أستطيع الخروج من المنزل بعد الإفطار، وهو ما يمكن أن أفتقده، لكن ذلك سيجعلنى أنام مبكرًا على الأرجح.
■ مَنْ يطربك من القرّاء والمنشدين فى رمضان؟
- أحب الناس إلى قلبى فى قراءة القرآن الكريم هما الشيخان عبدالباسط عبدالصمد ومصطفى إسماعيل، لأن صوتيهما مثل الكروان، يدخلان إلى قلوب جميع المسلمين مباشرة، كما أحب الطبلاوى ومحمد رفعت والمنشاوى، فكل هؤلاء تربينا على سماع أصواتهم.
والحقيقة أنا لست من المهتمين بالإنشاد، وأحب فقط قراءة القرآن الكريم قبل الإفطار، وسماع المقرئين الكبار، لكنى أستمع أحيانًا للشيخ سيد النقشبندى.
■ تتحدث دائمًا عن ارتباطك بمسجد الحسين.. فهل تنتمى للتصوف؟
- لا لست من المتصوفين، لكنى أحب الدين البسيط الذى تعلمته فى صغرى، وهو يعنى بالنسبة لى الحب والتسامح والمعاملة الحسنة والأخلاق، فأنا أصلى وأصوم منذ سن الخامسة، وأعرف فروض الله وأتعامل معه بالطريقة التى أحبها، لأن ديننا هو العلاقة المباشرة بين الفرد وربه.
■ ألا تؤمن بالأولياء و«كراماتهم»؟
- أزور مسجد سيدنا الحسين، ولا أؤمن بموضوع «الكرامات» والمعجزات أو أى نوع من هذا القبيل، لكن أعتقد فى أن الأولياء كانوا مسلمين على مستوى عالٍ من الإيمان، ويستحقون أن نقدّرهم ونقرأ لهم الفاتحة، دون تبرك أو شىء آخر.
■ أخيرًا.. ما الرسالة التى توجهها للمصريين؟
- أقول لهم كل عام وأنتم بخير، وأرجو أن نلتزم بما تتخذه الحكومة من إجراءات لمكافحة فيروس «كورونا»، لأن ما يقوم به الرئيس عبدالفتاح السيسى والدولة من إجراءات تستحق التقدير وتصب فى صالح المواطن كى لا نُصاب بهذا الوباء.
وأرجو من الجميع أن يدعو الله على مدار شهر رمضان كى يرفع الوباء عن مصر والعالم أجمع، لأنه ابتلاء من الله، وهو يتقبل الدعاء ويرفع البلاء الذى حدث مثله فى أيام المصريين القدماء، ففى زمن تل العمارنة عانى الناس من انتشار مرض «الملاريا» الذى استمر فترة طويلة، كما عانوا من «الطاعون» الذى أنقذ الله مصر منه.