رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نقطة فى بحر


دلوقتى، إحنا فى القرن التالت الهجرى، عندنا قراءات كتير جدًا، محدش عارف عددها، ولما بـ نقول «قراءة»، نقصد قراءة لـ القرآن كله، بـ ما تحتويه من اختلافات، فـ عايزين نلم الدنيا شوية، فـ نحدد قراءات معينة، هى دى المعترف بيها رسميًا، أى إننا تقريبًا هـ نعمل تانى اللى عمله عثمان بن عفان فى القرن الأول.
تمام، هـ نعترف بـ القراءة دى، على أى أساس أو معيار؟ حطوا تلات شروط أساسية، لا غنى عنها فى أى قراءة: الأول، أن يكون مطابقًا للنحو العربى، دا أول شرط، يعنى، لو فيه قراءة مخالفة لـ النحو العربى يتم استبعادها فورًا. دى طبعًا هـ تحتاج مننا كلام كتير جدًا، بس لما نشوف مسيرة النحو العربى.
تانى شرط: تواتر القراءة، يعنى يكون صاحب هذه القراءة ناقلها عن شيخ، ناقلها عن شيخ، ناقلها عن شيخ، لـ حد ما نوصل لـ النبى شخصيًا. مش هـ نقبل قراءة حد، مش عارف طريق قراءته، لـ حد ما نوصل لـ النبى.
ثالثًا، لازم تكون القراءة موافقة لـ رسم مصحف عثمان، ولو على وجه من الأوجه، لكن مثلًا «فاسعوا» و«فامضوا»، لا ينطبق عليها هذا الشرط.
بناء على هذه الشروط التلاتة، اختاروا سبع قراءات، اللى هـ يبقوا معروفين بـ اسم «القراءات السبع»، ولـ إنهم سبعة والأحرف سبعة، ناس كتير اتلخبطوا، وافتكروا إن القراءات السبع هى الأحرف السبعة.
عمومًا، أضافوا لاحقًا تلات قراءات تانيين، لقوا إن الشروط تنطبق عليهم، فـ بقوا القراءات العشر، المعترف بيها حتى لحظتنا دى، واشتهرت القراءات بـ أسماء الشيوخ، اللى كانوا بـ يقروا بيها، يعنى ورش عن نافع، وحفص عن عاصم، ورش ونافع وحفص وعاصم دول شيوخ قراء.
خدنا طريقة ورش اللى نقلها عن نافع، تاريخ وفاة ورش ١٩٧ هجرية، تاريخ ميلاده ١١٠ هجرية، تاريخ وفاة نافع ١٦٩ هجرية، طيب، إحنا اعتمدنا طريقة ورش، فى القرن التالت الهجرى، يعنى بعد وفاته، فـ إحنا خدناها من تلاميذه، ومش ورش بس اللى نقل طريقة نافع، الشيخ قالون كمان خد قراءة نافع وبـ يقرا بيها.
كذلك، لما بـ نقول رواية حفص عن عاصم، حفص شيخ، تاريخ وفاته ١٨٠ هجرية، نقل قراءته عن عاصم، اللى هو برضه شيخ، تاريخ وفاته ١٢٠ هجرية، حفص نقل عن عاصم. فـ ورش عن نافع، وحفص عن عاصم، دول روايتين لـ قراءتين، فيه تمن قراءات غيرهم معترف بيهم: ابن كثير المكى وأبوعمرو البصرى، وابن عامر الشامى وحمزة الكوفى، والكسائى وأبوجعفر المدنى، ويعقوب الحضرمى وخلف العاشر.
حلو! دول المعترف بيهم، لـ إنه الشروط انطبقت عليهم، اللى ما انطبقتش عليهم الشروط، مصيرهم إيه؟ خلاص، خلصنا. ما عادش حد يقرا بيهم، بقى ممنوع حد يقرا غير بـ القراءات دى، بقى اسمها قراءة «شاذة»، و«العلماء» أقروا مبدأ وقتها، بـ يقول: «من حمل شاذ العلماء فقد حمل شرًا كبيرًا».
مع الوقت، القراءات «الشاذة» دى اندثرت، هل اندثرت تمامًا تمامًا؟ لأ طبعًا، ليه؟ لـ إن بعضها موجود فى سياقات تانية، زى مثلًا البخارى، ما إحنا قرينا فيه إنه عمر بن الخطاب كان بـ يقرا «فامضوا»، زى تفاسير القرآن المختلفة: الطبرى والقرطبى وغيرهم، كانوا أحيانًا بـ يذكروا القراءات دى فى تفاسيرهم.
إذن رواية حفص عن عاصم، هى رواية لـ قراءة، من ضمن عشر قراءات، اعترفوا بيها فى القرن التالت الهجرى، العشر قراءات دول، اعترفوا بيهم من وسط قراءات كتير، محدش عارف عددهم، بس تقديرات بـ تقول إنهم خمسين، الخمسين قراءة دول على بعض، هم «ما تبقى» من الأحرف السبعة، تعالى بقى نكمل قصة النحو، فى المقالات الجاية.