رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشعب المصرى وشم النسيم مع «كورونا»


تغيّرت حركتى اليومية وأسلوب حياتى وأصبحت من المقيمين فى البيت طوال اليوم، فقد اضطرتنا ظروف فيروس «كورونا» وخطورته إلى أن نُغيّر من أشياء كثيرة فى حياتنا.. أصبح لدىّ إحساس بضرورة حماية من أحبهم، وتوخيت الحذر وحرصت على التطهير المستمر بداخل البيت حماية لنفسى والمحيطين بى ولمن أتعامل معهم ولمن أحبهم أو أهتم لأمرهم، وأصبح الموبايل هو وسيلتى، كما هو وسيلتنا جميعًا، للتواصل مع الآخرين وللسؤال عن أصدقائنا ولأداء أعمالنا.
صحيح أننى أتابع بشكل مستمر ومتواصل الأخبار كما كنت فى السابق ولكن الآن أصبح الأمر مضاعفًا، كما أصبحت أيضًا أكثر تأملًا فى مجريات القدر وأكثر روحانية وأكثر متابعة وتدقيقًا فيما حولى، نظرًا للبقاء ساعات طويلة أثناء الليل والنهار فى البيت.
ولاحظت، فى تأملى أحوال الناس، أن هناك إحساسًا عامًا بالخوف يسود كل أنحاء العالم تجاه تفشى وباء «كورونا»، خوفًا من العدوى وخوفًا من الإصابة وخوفًا من الموت فى جميع أنحاء العالم، بينما تختلف أساليب ودرجات المواجهة من جانب قادة وحكومات الدول، لكنها جميعًا تطالب الشعوب بالبقاء فى البيوت إنقاذًا للنفس وللآخرين واتقاءً للعدوى، كما تختلف درجه التزام الشعوب فى اتباع الإجراءات من دولة إلى أخرى.
أما فى مصر، فبينما تكثف الدولة، وعلى رأسها الرئيس ومعه كل الوزارات والأجهزة والمسئولون، من جهودهم ويسخرون كل الإمكانيات والوسائل للحفاظ على صحة الشعب، وتوفير العلاج الضرورى لكل مواطن ومواطنة، وحرصًا منها على تجاوز الأزمة الراهنة إلا أنه من جانب الشعب يختلف الأمر، ورغم أننى لا أميل إلى تصنيف الناس فإننى أستطيع القول إن الشعب المصرى قد انقسم إلى ٣ فئات واضحة للعيان.
أولاها: فئة وطنية تتعاون مع الدولة وتساعد فى مختلف المجالات ولديها التزام بالإجراءات الاحترازية وتحترم حظر التجول المفروض فى هذه الأزمة الطاحنة، كما تحرص على اتباع تعليمات الحماية والوقاية منه، إدراكًا لخطورة العدوى وتداعيات الإصابة به. وهى تشكل ثلاثة أرباع المصريين، أى غالبية الشعب المصرى، كما أن بينهم بالطبع كل من يسهمون فى العلاج وفى القضاء على الوباء الملعون.
وثانيتها: فئة جاهلة ينقصها إدراك خطورة فيروس «كورونا»، وهى تتعامل مع الأزمة الراهنة بلا مبالاة ودون اكتراث باتباع الإجراءات الاحترازية، ولا تعى أهمية هذه الإجراءات وبالتالى لا تلتزم بها وكأنها تعيش فى كوكب آخر. وهى فئة من الضرورى أن تدرك أهمية اتباع الإجراءات الضرورية المطلوبة، منعًا لتفشى الوباء ولا تفهم أنها لا بد أن تسهم فى الإجراءات الضرورية من أجل العودة إلى نمط الحياة العادية.
ثالثتها: فئة ضالة مخربة تخطط للفوضى والتدمير وتستغل الوباء لتنفذ مخططاتها الإجرامية، وأقصد بهم الظلاميين من الإخوان وأتباعهم الذين يكرهون الشعب ويريدون بث الكراهية تجاه الدولة، ولا يكفون عن نشر الشائعات وبث الأكاذيب، وهم يستخدمون مختلف أنواع وسائل الاتصال الحديثة ومواقع الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى وغيرها لنشر الذعر والتمرد والتجمهر والعصيان ونشر الوباء.. وكان من بين أسوأ المشاهد التى رأيناها مؤخرًا استغلال الموت وعدم احترام حرمة الموتى، فقاموا بتحريض بعض البلطجية للتجمهر لمنع دفن جثمان الدكتورة سونيا، الطبيبة التى توفيت أثناء قيامها بعملها فى علاج مرضى «كورونا»، وذلك فى قريه شبرا البهو.. ولقد رأيت فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعى يكشف عن التجمهر المشين، حيث تجمهروا لمنع سيارة الإسعاف الحاملة جثمان الطبيبة وقاموا بسب وقذف سائق السيارة والمصاحبين للجثمان.. إنه مشهد يتنافى مع أخلاقياتنا وعقيدتنا وديننا الحنيف الذى يقضى بأن إكرام الميت دفنه، كما صدرت أيضًا فتوى دينية لمفتى الجمهورية د. شوقى علام الذى أفتى بأن من يتوفى بسبب «كورونا» فإنه شهيد.. والحمد لله أن الدولة قد قبضت على أهل الشر الذين ينشرون الذعر والفوضى، وتم دفن جثمان الشهيدة د. سونيا إلا أن هذه الفئة الضالة لن تكف وستظل تتحين الفرص لنشر التخريب والفوضى والكراهية والشائعات.. وهى فئة قليلة العدد لكننا نطالب الدولة أمام الانتهاكات والجرائم التى تقوم بها بأن تكون يدها أكثر حزمًا وردعًا لها، وأن تتم محاسبتها بسرعة حتى يتم القضاء على محاولاتها الدنيئة أولًا بأول.. فهى فئة تناصب الشعب العداء والكراهية وتستغل كل شىء وأى شىء لزعزعة أمنه وسلامته وصحته.. وهنا لا بد من أن أُعيد مطالبتى بتطهير كل مؤسسات الدولة منها، لأنها فئة هدفها التخريب فقط.
كما أننا بعد أيام تحل علينا أعياد أشقائنا المسيحيين وعيد شم النسيم الذى هو فى الأصل عيد مصرى فرعونى.. إلا أننا لا بد أن نُغيّر أسلوب احتفالاتنا هذا العام نظرًا للظروف المؤقتة التى نعيشها والتى علينا أن نواجهها بنفوس راضية، وذلك بالبقاء فى البيوت وعدم تبادل الزيارات وحفظ مسافات آمنة بين الأفراد لأنها السبيل الوحيد لتجاوز أزمة الفيروس الفتاك.. فدعونا نسهم فى القضاء على الفيروس وعدم نشره، فدور الشعب هنا هو الذى سيكون حاسمًا فى سرعة القضاء عليه والعودة للحياة الطبيعية قريبًا.
وأُعيد التذكير بكلمة د. مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء المحترم، التى كانت واضحة بالتزام الإجراءات ومنع التجمعات فى عيد شم النسيم.
إننى أعتقد أن الدولة تقوم بدورها على أفضل وجه، وبقى الآن دور الشعب، فهو المهم والفعال، الذى يتلخص فى كلمتين «حماية النفس والغير والحرص على البقاء فى المنازل، أما الاحتفالات فدعونا نؤجلها إلى حين تحسن الأحوال والقضاء على الفيروس فى مصر إن شاء الله».. لحظتها يمكن تعويض ما فاتنا من احتفالات ولقاءات ومعايدات.
وكل عام وأنتم بخير وبلدنا بخير إن شاء الله.