رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يوم الضمير


شعرت بأهمية «يوم الضمير»، الذى تحتفل به الأمم المتحدة والعالم فى الخامس من أبريل من كل عام، وأنا أتابع ما يحدث فى العالم، اليوم، فى ظل تسونامى كورونا الذى جعل مئات الملايين من البشر يكتمون أنفاسهم، خوفًا من انتقال الفيروس اللعين.
شعرت بأننا بحاجة إلى يوم نوقظ فيه ضمائرنا التى أماتها الطمع والجشع والحسد، والتى أباحت ظهور من يتاجرون ويتربحون بآلام البشر، حتى لو كان ذلك بالمتاجرة بأعضائهم أو بأرزاقهم.. وبمستقبل أمم وشعوب من أجل تحقيق مزيد من المكاسب والأرباح المادية.
السلطات التركية التى سرقت معدات طبية لعلاج مرضى الفيروس كانت متجهة من الصين إلى إسبانيا على متن طائرة هى سلطات بلا ضمير، وبلا إنسانية؛ لأنها باعت شعبها عندما تعمدت حبس كل من يبلغ عن إصابة بكورونا، لأن هذا- كما اعتقدت- سيوقف أرباحها من السياحة، وعندما انتشر الوباء وأصبحت تركيا فى المركز التاسع بين الدول المصابة، لم تأبه هذه السلطات بسرقة فرص الحياة من بعض المرضى الإسبان.. على أمل تحقيق مكاسب سياسية.
وقبل الأتراك فعلتها السلطات الأمريكية عندما سرقت شحنة ضخمة من الكمامات كانت متجهة إلى ألمانيا، فعلتها لأنها سلطة بلا ضمير تتاجر فى شعوب العالم ومقدراتهم... لا مانع لديها من أن تحتل دولة وتقتل شعبها أو تجوعه، ما دام ذلك سيحقق مزيدًا من الانتعاش لاقتصادها.
«الإخوان» التى تحاول استغلال حالة انتشار الفيروس لتحقيق مكاسب سياسية، فلا تتوقف عن إطلاق الأكاذيب عن مصر فى قنواتها التليفزيونية، التى تنطلق من تركيا وقطر ولندن، هى جماعة بلا ضمير ولا إنسانية، لأن كل شىء لديها مباح فى سبيل حلم العودة للساحة السياسية مرة أخرى، رغم أنها تعلم أنه حلم مستحيل.. أو كما يقول المثل «عشم إبليس فى الجنة»، لكن إبليس الإخوانى لا يتوقف عن محاولات الغواية.. ولن يتوقف إلا إذا توقف الدعم المالى القادم من تركيا ومن قطر.
الفنانة الخليجية التى طالبت برمى الوافدين فى الصحراء، خوفًا من أن يأخذوا أماكن المواطنين فى المستشفيات ويشاركوهم فى الدواء.. تحتاج هى والنائبة الشمطاء فى برلمان بلدها، إلى وقفة مع النفس فى يوم الضمير، لأنهما تناستا أن بقاء هؤلاء الوافدين فى بلادهم كان من أجل إدارة عجلة الحياة هناك، وحتى ينعموا بمزيد من الرفاهية، وأن أصحاب الضمائر الحية ينفقون الغالى والنفيس إذا أصاب المرض «حيواناتهم المدللة» ولا يفكرون فى إلقائها فى الصحراء، أما أصحاب الضمائر الميتة- ونحمد الله أنهم أقلية- يجاهرون بالمطالبة بذلك دون خجل.
الذين رفعوا أسعار المعقمات والكمامات والكحول الطبى، من أجل الاستفادة من المرض وتحقيق مزيد من الأرباح، هم صيادلة بلا ضمير، وكذلك التجار الذين ضاعفوا أسعار الخضروات والفواكه هم أيضًا تجار بلا ضمير.
الذين يطلقون أخبارًا زائفة على مواقع التواصل حول المرض، والذين يتعمدون خرق الحظر وتصوير أنفسهم على أنهم أقوى من القوانين والقرارات هم أيضًا مواطنون بلا ضمير، رأينا مثلهم فى بلدان كثيرة.. وربما أسهموا بسلوكياتهم هذه فى إصابة الناس بالخوف أو بالمرض.. دون أن يشعروا بأى ذنب لأنهم بلا ضمير.
الأمثلة كثيرة وكلها تؤكد أننا اليوم فى أمس الحاجة لأن نتأمل أحوالنا الشخصية وأحوال العالم فى يوم الضمير العالمى.. لأن غياب أو موت الضمير جعل العالم يبدو أكثر قسوة ووحشية.
وإعمالًا لمبدأ الضمير يجب أن نذكر أن الاحتفال بيوم الضمير جاء بناء على دعوة عربية كريمة، استجابت لها الأمم المتحدة، وهى دعوة أطلقها رئيس الوزراء البحرينى الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وهو سياسى مخضرم علمته سنوات الحكم الطويلة أن الضمير الحى هو سلاح الوطن والمواطن من أجل العيش الكريم.. وهو قارب النجاة للإنسان وللإنسانية جمعاء.
أوقظوا ضمائركم.. تنقذوا العالم.