رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بحسب أعراض وفاته.. هل كان الإسكندر أول ضحايا «كورونا»؟

جريدة الدستور

ذهب بعض الباحثين إلى محاولة الربط بين حوادث وقعت سابقًا لوفاة مشاهير في التاريخ وتشابه أعراض موتهم مع أعراض فيروس «كورونا» المستجد (كوفيد 19).

وقال بعضهم إن توت عنخ آمون نفسه مات بما يشبه فيروس «كورونا»، وأن السير هوارد كارتر، مكتشف مقبرة «الملك الذهبي» والعمال الذين شاركوه في فتح المقبرة ماتوا تباعًا بشكل أرجعه البعض إلى ما يسمى بـ«لعنة الفراعنة» المزعومة، فيما قال بعض البيولوجيين إن ما حدث هو أنها كانت فيروسات تطورت عبر الزمن وظلت تحوم في هواء المقبرة حتى اكتشفت فدخلت إلى صدور العمال.

وما لم ينتبه إليه البعض هو أن هناك حالة مطابقة تمامًا لأعراض «كورونا» وهي الحالة التي مات عليها الإسكندر الأكبر، فبعض المصادر التاريخية تقول إن الإسكندر مات متأثرًا بأعراض ضيق في التنفس لمدة أسبوعين، وارتفاع في درجة الحرارة وصعوبة في التنفس، مع شلل في حركة اللسان وغيرها من الأعراض التي تثير تساؤلًا، هل كان كوفيد 19 متواجدًا قبل 2300 عام؟، هل كان فيروس كورونا متواجدا في عصر توت عنخ آمون؟ وما الذي يمنع أن يكون سبب وفاة الإسكندر الذي عاش في القرن الرابع قبل الميلاد هو ذاته سبب وفاة توت عنخ آمون وشخصيات كثيرة من أسرة العمارنة؟.

توجهت «الدستور» إلى الباحث في التاريخ القديم صاحب كتاب «فرعون ذو الأوتاد» أحمد سعد الدين والذي قال ما يلي: «نعم.. يبدو من القراءات المتواترة في المصادر القديمة بأن الأعراض التي نعايشها اليوم لوباء كورونا تتشابه إلى حد كبير مع أعراض المرض الأخير للإسكندر المقدوني، مما يعيد إلى الأذهان لغز وفاته الغامض، وهو الذي دفع بعض الناس إلى الربط بين وفاته الغامضة وبين أعراض الإصابة بكورونا».

وأضاف سعد الدين، في تصريحات خاصة لـ«الدستور»: «الإسكندر المقدوني المتوفي في بابل عام 323 ق.م قد تعرض على مدار الأسبوعين الأخيرين في حياته لأعراض غامضة، انتهت بوفاة مجهولة الأسباب، والتي لا يزال الباحثون والأطباء والمتخصصون حتى اليوم في حيرة كبيرة حيالها، وقد حاول الكثيرون حل هذا اللغز؛ فافترض البعض أنه مات بحمى التيفويد، واقترح غيرهم أنه توفي بسبب الملاريا، وذهب آخرون بأنه قد تعرض للقتل بالسم من بعض رفقائه، وتعددت النظريات للدرجة التي شغلت العديد من مراكز الأبحاث والجامعات في جميع أنحاء العالم في محاولة لاكتشاف هذا السر المستغلق».

وتابع سعد الدين: «عندما نعرف من المصادر التاريخية القديمة مثل كتابات (آريان، وبلوتارخ، وجوستن، وروفوس، وديودور الصقلي، واسترابو)، بأن الإسكندر قد أصيب على مدار أيامه الأخيرة بحمى متواصلة وارتفاع لدرجة الحرارة، وصعوبة بالغة في التنفس تلاها عدم قدرة على النطق، وانهيار تام في القوى البدنية أدى إلى شلل تصاعدي، مصحوبا بآلام مبرحة، يقفز إلى أذهاننا تلقائيا الأعراض التي نسمعها كل يوم عن الإصابة بفيروس كورونا، وذلك للتشابه الشديد بين تلك الأعراض المسجلة بالكتب التاريخية وبين الأعراض التي نراها اليوم على مرضى كورونا».

واستدرك سعد الدين قائلا: «ورغم أنني لست عالما في البيولوجيا أو المناعة والفيروسات ولست طبيبا لأمراض الجهاز التنفسي، لكن هذا التصور يضعنا أمام افتراض بأن هذا الفيروس المستجد كان له وجود قبل 2300 عام، وهو الأمر الذي أراه مستبعدا وبعيدا عن الواقع، وذلك لعدم وجود وسائل طبية لتشخيص هذه الأمراض كتلك الشائعة في العصر الحالي، كما أن مصادر التاريخ لا تذكر على مدار كل العصور انتشار وباء يحمل نفس هذه الأعراض، اللهم إلا ظهور عدة أمراض شهيرة بأسمائها وأعراضها المسجلة في السجلات العلمية كالطاعون والكوليرا والجدري والأنفلونزا الإسبانية في العصر الحديث، والتي تختلف أعراضها جميعًا عن الأعراض المعروفة لمرض كورونا المستجد».

ونوه سعد الدين بأن «تشابه الأعراض لا يعني بالضرورة أن الحالتين ترجعان لمرض واحد، لاسيما وأن مرض الإسكندر لم يكن معديا، على الأقل فيما نعرف من قراءاتنا ـ سالفة الذكر ـ في تاريخه الباقي حتى اليوم، خاصة وأن أيا من رفقائه ومخالطيه وقتها لم يصب بنفس المرض الذي أدى إلى وفاته، بالإضافة إلى أن هذه الأعراض تتشابه مع أعراض العديد من الأمراض الأخرى المعروفة قديما وحديثا، وقد حاول البعض في الأيام الأخيرة ربط أعراض كورونا بالأعراض التي أصيب بها فريق اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون بنفس الكيفية التي ربطوا بها واقعة مرض ووفاة الإسكندر».

وأكد سعد الدين: «وما يثار مؤخرًا حول خرافة لعنة الفراعنة ومحاولة تفسيرها بطريقة بيولوجية، ينص على أن أعضاء فريق اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون بقيادة السير هوارد كارتر، قد تعرضوا لجرعة تنفسية عالية من هواء المقبرة المغلقة لآلاف السنين عند فتحها، وأن هواء المقبرة الراكد كان يحمل بعض الأنواع الفيروسية والبكتيرية التي تطورت مع الزمن، مما عرضت كل من استنشق هذا الهواء الحبيس لعدة قرون إلى عدوى تنفسية حادة أدت إلى إصابتهم بالحمى وصعوبة التنفس والآلام المتصاعدة حتى الوفاة وعلى رأسهم ممول الاكتشاف اللورد كارنرفون، وهي الأعراض التي تتشابه إلى حد كبير مع أعراض كورونا المستجد والذي ظهر هذه الأيام، غير أن كل هذه الافتراضات الخيالية تفتقر إلى الدليل العلمي والطبي».

واختتم سعد الدين حديثه قائلا: «من المثير حقا محاولة بعض الناس إطلاق العنان لخيالهم في محاولات الربط بين وقائع التاريخ القديم والظواهر الحديثة، لكن هذه المحاولات في الأغلب تفتقر إلى أصول البحث العلمي والتاريخي، لاسيما مع عدم وجود وسائل التشخيص الحديثة في تلك العصور القديمة، كما تفتقر إلى الأدلة العلمية الدامغة التي تدفعنا لتصديق العلاقة بين الوقائع التاريخية القديمة وبين مستجدات العصر الحديث».