رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مجانين.. أو يكرهون الكويت


مجانين، غالبًا، أو أغبياء زيادة عن اللازم، هؤلاء الكويتيون الذين طالبوا سلطات بلادهم بطرد المقيمين أو «الوافدين». لأنهم لو كانوا عقلاء أو أقل غباءً، لأدركوا أن حدوث ذلك سيؤدى إلى خراب الكويت، وسقوط دولابها الإدارى، وترك شعبها نهبًا للأمراض بكل أنواعها، وصيدًا سهلًا للجهل بمختلف أشكاله، ألوانه، ومستوياته.
يهين هؤلاء دولة الكويت، حكومةً وشعبًا، حين يعتقدون أن المقيمين أو «الوافدين» يتقاضون أموالًا بلا مقابل، أو أن وجودهم يتساوى مع عدمه. ولن نقول إن الاقتصاد الكويتى قائم عليهم. ولن نوضح حجم الخسائر الفادحة التى قد يسببها الاستغناء عنهم. كما لن نشير إلى أن المهارات التى اكتسبوها والخبرات التى تراكمت لديهم، تجعل إمكانية الاستعاضة عنهم بمواطنين، خلال سنة، سنتين أو حتى خمس سنوات، هو المستحيل بعينه. فقط، سنشير إلى أن دولة الكويت لديها وزارة للتخطيط وهيئة عامة للقوى العاملة، تقومان بدراسة وتقدير احتياجات سوق العمل.
النكتة، هى أن الممثلة «الكبيرة» حياة الفهد، التى تقيّأت غلًا وكراهية وعنصرية، تزوجت مرتين من «وافدين» كانا يعملان فى الكويت: الطبيب العراقى قصى جلبى، الذى حلت معه ضيفة على مصر، طوال سنوات دراسته فيها. أما الزوج الثانى، فكان المطرب اللبنانى محمود حمدى. ما يوحى بأن للاثنين، أو لأحدهما، علاقة ما، بدخولها حظيرة أو زريبة، كارهى الوافدين!.
الممثلة الكبيرة «٧١ سنة» بررت هجومها على المقيمين، أو «الوافدين»، ومطالبتها بطردهم بزعمها أن الكويت لم تعد قادرة على احتمال الضغط على المستشفيات. وفات هذه المجنونة أو الغبية، وهى قطعًا مجنونة أو غبية زيادة عن اللازم، أن تلك المستشفيات، لو تحقق لها ما أرادت، ستتحول إلى خرابات، لأن معظم العاملين فيها، من أطباء وممرضين وغيرهم، من «الوافدين»، الذين طالبت بطردهم، ورميهم فى الصحراء، وعدم علاجهم لو مرضوا.
إحصائية كويتية حكومية ذكرت أن إجمالى عدد المقيمين العاملين فى القطاع الحكومى والمسجلين، حتى يونيو الماضى، بلغ ١٢٣٧٦٩ يعمل ٤٩.٦٪ منهم، أى ٦١٤٧١، فى قطاعى التعليم والصحة: ٣٣٩٢٦ بالكادر الطبى والتمريضى والإدارى لوزارة الصحة، و٢٧٥٤٥ بوزارة التربية. وبما أن الكلام عن المستشفيات، فإن عدد الأطباء حوالى ٨٥٠٠، ثلاثة آلاف منهم فقط كويتيين، والباقون، أو أكثر من خمسة آلاف طبيب وطبيبة، من غير الكويتيين. أما عدد أفراد هيئة التمريض الكويتيين فيزيد قليلًا عن الألف، مقابل حوالى ٢٢ ألفًا من غير الكويتيين.
غالبًا، قد لا يجد المجانين أو الأغبياء زيادة عن اللازم مشكلة فى ترك أبنائهم بلا تعليم أو تربية. لكنهم لن يحتملوا ألا يجدوا من يعالجهم وأبنائهم وذويهم لو مرضوا، إلا إذا كانوا يراهنون بجهلهم، بحماقتهم، أو بجنونهم، على قدرة الدجالين أو العطارين على القيام بالمهمة. والأبسط من ذلك كله هو أن من دخلوا، قديمًا وحديثًا، حظيرة أو زريبة كارهى الوافدين، سيعيشون فى زرائب، فعلًا، لو تحقق لهم ما أرادوا.
الزريبة، هى حظيرة الماشية، وجمعها زرائب. وقطعًا، ستتحول منازل كارهى الوافدين فى الكويت إلى زرائب، وربما أسوأ، لو تم الاستغناء عن الفلبينيين والهنود: أكثر من ٢٦٠ ألف فلبينى، غالبيتهم عمالة منزلية، ومعهم حوالى ٣٥٢ هندى يمثلون ٤٢٪ من إجمالى الهنود العاملين فى الكويت البالغ عددهم أكثر من مليون هندى.
مجنون، على الأرجح، من لا يعرف تلك البديهيات، أو غبى زيادة عن اللازم. ولو لم يكن كذلك، فلن يكون أمامك غير احتمال وحيد، هو أنه يكره الكويت وشعبها. ومما يؤسف أن يكون بينهم نواب فى مجلس الأمة الكويتى، فنانون، أو صحفيون. أما ما يطمئن، فهو أنهم مجرد شواذ، أو استثناءات، فى تلك الفئات، التى يتمتع السواد الأعظم من المنتمين إليها، كما السواد الأعظم من الشعب الكويتى الشقيق، برجاحة العقل، وحسن الخلق. وعليه، لم يكن غريبًا أن نجد كثيرين منهم، كثيرين جدًا، يتصدون للسفهاء ويدافعون عن الذين ذهبوا «بناءً على حاجة الكويت لهم وطلبات مؤسساتها وشركاتها وأفرادها، وكانت وستظل لهم أعمالهم التى تشهد لهم فى كل مكان»، وما بين التنصيص ننقله عن أخينا الشاعر الكويتى حسن الطيار.
.. وأخيرًا، أناشد أخى وصديقى العزيز الدكتور محمد صالح الذويخ، السفير الكويتى لدى بلده الثانى مصر، بأن يطالب سلطات بلده الأول، وبلدنا الثانى، الكويت، بعمل دورات تثقيفية لكارهى «الوافدين» عن جهل أو غباء أو نتيجة سوء فهم، مع محاولة تأديبهم إن أمكن. أما المجانين منهم، فمكانهم مستشفيات الأمراض العقلية، لأن وجودهم خارجها يمثل خطرًا عليهم وعلى ذويهم وعلى الشعب الكويتى، وعلى دولة الكويت كلها، التى لا نبالغ لو قلنا إن كرامتها ستكون فى خطر، لو رد «مجانين» فى مصر أو الهند على الإساءات بمثلها.. أو بأسوأ منها.