رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حسن البنا.. نبى الجماعة



يظن البعض من السادة الأجلاء أصحاب المشاعر الطيبة أن جماعة الإخوان من الجماعات التى تريد رفعة الإسلام وتطبيق مفاهيمه وقواعده على مناحى حياتنا، ولكى تعرف كنه جماعة دينية ينبغى أن ترى قدر الرسول، صلى الله عليه وسلم، فيها، ومقدار اتباعها السنة، وفوق هذا يجب أن تنظر لإقامتها الدين فى أنفسها أولًا قبل أن تطلب إقامته فى دولتها، هل أقام أعضاؤها الدين حقًا فى سلوكياتهم ووعودهم وأخلاقهم.. أم أنهم خاصموه؟، هل كان الرسول، صلى الله عليه وسلم، هو قدوتهم كما يقولون فى شعاراتهم.. أم أن لهم قدوة أخرى؟.. إذ كان ما سلف لا خلاف عليه ولا اختلاف فيه إذن فتعالوا ننظر إلى دين الإخوان.
جماعة الإخوان ليست مذهبًا دينيًا، ولكنها «جماعة سياسية دينية» تضع هذا على ذاك وتمسك طرفًا من السياسة، وتضع عليه خليطًا من الدين، وهى إذ تمسك طرف السياسة تصبح حياتها كلها تتمحور حول الحكم، وحين تمسك طرف الدين نجد أن دينها كله يتمحور حول الحكم أيضًا بحيث لا ينفك عنه قيد أنملة، وكأن الدين عندهم أن يحكم الإخوان، ولذلك فإن دين الإخوان هو الحكم ولا شىء غيره، أما عن غير الحكم فلن تجد شيئًا عند الإخوان، لن تجدهم فى الفقه أو التفسير أو أى علم من علوم الدين، ولكنهم يأخذون من التراث كما تأخذ جماعات التسلف، ولن تجد فيهم مجتهدًا واحدًا يصلح أن يكون مجددًا بحق، بل إن آلة الاجتهاد عندهم توقفت ولم تتقدم خطوة للأمام أمام مستحدثات العصر الذى نعيشه، ولعل ذلك يرجع إلى الفقر الفقهى الذى تعيشه الجماعة حتى إنك لو بحثت ولو بمنظار مكبر عن فقيه إخوانى لأعيتك الحيل، وبات العالم النحرير منهم من كثرة الاستظراف والسماجة العلمية «فكيهًا لا فقيهًا».
وإذا أردت أن تعرف قدر الرسول، صلى الله عليه وسلم، عندهم فاستمع لهذا الهتاف: «سلسبيل عين فى الجنة وإحنا اشتقنا لحسن البنا».. كان هذا هو الهتاف الذى أطلقه خيرت الشاطر الإخوانى العتيد عقب خروجه وسط حرّاسه من مبنى نيابة أمن الدولة عام ١٩٩٢ عقب أن أصدرت النيابة قرارًا بحبسه، وحين أطلق الشاطر هتافه تجمع حوله عشرات من شباب الإخوان الذين كانوا يقفون أمام مبنى النيابة وانضموا إليه فى هتافه بحماس كبير.. وعن بُعد وقف عشرات من جمهور المصريين العاديين وهم يرقبون هذا المشهد الغريب.. مجموعة تنتمى إلى فصيل إسلامى تهتف بشعارات تعبر فيها عن شوقها لـ«حسن البنا»! لم تسمع هذه الجماهير- وأظنها لن تسمع- أى هتاف يُعبِّر فيه الشاطر وإخوانه عن شوقه للرسول، صلى الله عليه وسلم.
ويخرج الإخوانى الكبير عباس السيسى من محبسه فى بدايات السبعينيات من القرن الماضى فيؤسس دار نشر بالإسكندرية وينشر من خلالها عشرات الكتب عن حسن البنا، أهمها «حسن البنا.. مواقف فى الدعوة والتربية» و«فى قافلة الإخوان المسلمين» إلا أنه لم يكتب فى حياته- إلى أن توفاه الله- أى كتاب عن الرسول، صلى الله عليه وسلم، ولا عن سيرته.
يصفون فى الإخوان الحاج جمعة أمين، المتوفى منذ عدة أعوام، بأنه أحد أهم فقهاء الجماعة، ذلك أنه كتب العديد من الكتب التى يصنفها البعض على أنها إسلامية مثل كتاب «شرح الأصول العشرين» أو كتابه عن تاريخ جماعة الإخوان، إلا أن أحدهم لم تقع عيناه على كتاب لـ«جمعة أمين» يروى فيه سيرة الرسول، عليه الصلاة والسلام، فقد شغلته عشرون حسن البنا عن حبيبنا ونبينا، صلى الله عليه وسلم، ولكن «جمعة» وإخوانه هاموا حبًا بالبنا وتاريخه وانشغلوا به عما سواه.
وقد يلحظ أى مهتم بالإخوان أن رسائل حسن البنا أخذت جهدًا كبيرًا وواسعًا فى الشرح من كل مفكرى الجماعة حتى وصل عدد المؤلفات بشأنها إلى ما يزيد على مائتى مؤلف، وكأن هذه الرسائل هى دين جديد حلّ محل دين الإسلام.. اقرأ شرحها فى كتب سعيد حوى، والقرضاوى، ومحمد بديع، وعبدالكريم زيدان، وغيرهم، وبعد أن تقرأ شروح هذه الرسائل تمهل فإنك حتمًا ستجد أن الجماعة تتقدم خطوة خطوة نحو تقديس حسن البنا الذى تحوّل إلى داعية ربانى لا يتصور وقوعه فى الخطأ أو الزلل.
وعلى يد موقع «إخوان أون لاين» ستجد ركن «الربانية فى مذكرات حسن البنا» وستقرأ عشرات القصص «اللاهوتية» عن القديس البنا وكأنه نصف إله ونصف بشر.. ذلك الرجل المعجزة الذى تجرى المعجزات والخوارق على يديه، حتى إن ابنه أحمد سيف الإسلام خرج علينا قبل وفاته بعام بحوار صحفى بشأن «قصة حياة البنا»، وإخراجها فى عمل فنى، وقال فى حواره إن حسن البنا لم يقع فى خطأ واحد فى حياته وإنه كان ملهمًا من قبل الله سبحانه وتعالى.
حتى الشيخ يوسف القرضاوى لم يعن له أبدًا أن يكتب عن سيرة الرسول، صلى الله عليه وسلم، كما كتب عن شيخه حسن البنا، وقد يكون مستهجنًا من البعض أن نطرح سؤالًا بعد هذه اللمحات.
هل يحب الإخوان الرسول، صلى الله عليه وسلم؟.. الإجابة لن تكون صادمة بطبيعة الحال.. نعم أفراد الإخوان يحبون الرسول، صلى الله عليه وسلم.. كل مسلم يحب الرسول، صلى الله عليه وسلم، وإلا لماذا هو مسلم إذا لم يحب صاحب الرسالة؟ ولكن السؤال الثانى الذى يبدو أهم وأكثر خطورة من السؤال الأول هو: ما نوعية هذا الحب.. هل هو حب اتباع واقتداء وفهم وتفضيل.. أم أنه حب قام على أمور شكلية، وخطب بلاغية، ودنيًا، ومساواة مع حب الآخرين الذين يتوهمون قداستهم؟
الإجابة واضحة من خلال كلام الإخوان الذين يقولون فى كل مكان إن حسن البنا هو قدوتهم، ورغم أن مسألة تقديس الإخوان لحسن البنا ووضعه فى مرتبة الأنبياء ووصفه بالربانية تحتاج إلى بحث تفصيلى فإن هذا التقديس بات ظاهرًا للجميع ويدل على خلل فى إيمان أفراد «جماعة الإخوان»، ولك من كتبهم أكبر دليل على هذا الخلل، فلا أظننا سنجد كاتبًا إخوانيًا يستعرض فكرة إسلامية إلا وقال: قال البنا.. قبل أن يقول.. قال الرسول!.. ولن تسمع خاطرة إيمانية من إخوانى قديم إلا وجدته يذكر قصة للبنا يستدعى من خلالها دموع السامعين، وكأن حياة الرسول، صلى الله عليه وسلم، لا تصلح للاستدلال بها فجاء حسن البنا ليسد النقص فيها.. حاشا لله، وحينما وصل الإخوان للحكم كتب مفتى تلك الجماعة مقالًا كان عنوانه «حسن البنا رضى الله عنه»، وسنجد كل الإخوان إذا سألناهم عن حسن البنا يوجهون وجوههم للجهة الأخرى جهة تقديسهم لمرشدهم الأول وهم يحدثوننا عن ربانية «الإمام الشهيد» حسن البنا الذى لم يقع فى خطأ فى حياته.
وقد وصل خرف الإخوان وهطلهم أن كتبت تلك المرأة الإخوانية اليمنية «توكل كرمان» نعيًا لمحمد مرسى قالت فيه: محمد مرسى صلى الله عليه وسلم!! ولذلك لم يكن ينقصهم إلا أن يقولوا: «لا إله إلا الله حسن البنا شريك الله» والعياذ بالله.