رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أوهام الكيف.. كيف أثر كورونا على تجارة المشروبات الكحولية؟

المشروبات الكحولية
المشروبات الكحولية

اعتقدوا أنها تنسيهم همًا وتُذهب عنهم غمًا، فيرحلون معها إلى عالم خيالي مزيف خالٍ من المتاعب، ظنوا كذلك عبثًا أنها تُبعد الفيروس الذي حير العالم عن أجسادهم، قالوا إن تناول الخمور يقيهم شر الإصابة بكورونا.

نتيجة لهذا الاعتقاد الخاطئ انتشرت صناعة الخمور والمشروبات الكحولية المغشوشة، وضبطت قوات الأمن في حي المرج بالقاهرة، أحد المصنعين والذي يخلط الخمور بالسبرتو الأحمر والكحول الميثيلي القاتل بدلًا من الكحول الإيثيلي، استغلالا منه لأزمة انتشار فيروس "كورونا"، واعتقاد البعض أن المشروبات الكحولية تقي منه.

في هذه السطور نستعرض أثر فيروس "كورونا" على تجارة المشروبات الروحية من مسئولي هذه التجارة أنفسهم، وكذلك حقيقة العلاقة بين الإصابة بالفيروس وتناول تلك المشروبات.

الأستاذ سمعان أمبروجيو صاحب أحد محال بيع الخمور بحي الزمالك بالقاهرة، يوضح أنه بالفعل زاد الإقبال على تناول الخمور بأنواعها نتيجة اعتقاد الكثيرين من المواطنين أن الخمور لها تأثير على حماية الجسد من الإصابة بالفيروس موضحًا أن زبائنه متنوعين بين الشباب والكهول ومنتصفي الأعمار ويقبلون على بعض الأنواع مثل "الفودكا" والبيرة وال"WINE" و"Ib"، ويتابع أنه حاليًا يقوم بالبيع عن طريق توصيل المنتج إلى المنزل، ويضيف أنه لخبرته الطويلة في هذا المجال يعلم تمام العلم أن تناول الخمور بإفراط لا يتسبب إلا بضررًا خطيرًا على جسم الإنسان، وهو ما لا يستطيع الكثير إدراكه على حد قوله.

وأكد أن هناك الكثير من الذين يلجؤون إلى تناول المشروبات الكحولية بشراهة ظنًا خاطئًا منهم أنها ستوقيهم شر الإصابة بفيروس "كورونا" اللعين، ويؤكد سمعان أن الخمور مثلها مثل العديد من السلع الأخرى فهناك منها الأصلي وكذلك منها "المضروب".

ويتابع أنه في تلك الأزمة التي يمر بها العالم بسبب فيروس "كورونا" تلجأ العديد من مصانع "تحت بير السلم" إلى استغلال جهل بعض المواطنين وعدم قدرتهم على شراء الخمور الأصلية لارتفاع ثمن بعضها فينتجوا مشروبات مغشوشة ومخلوطة بكميات من السبرتو الأحمر على أنها مشروبات كحولية أصلية، مستخدمين في ذلك زجاجات الخمور الأصلية وأغطيتها، مضيفًا أن تلك الخمور المغشوشة تتسبب كثيرًا في فقدان البصر لشاربيها، وغيرها من الأخطار الأخرى.

على العكس يرى "م.ح "أحد تجار الخمور بالتجمع الخامس أن أزمة فيروس "كورونا" لم تزد الإقبال على تجارة الخمور بل قل الاتجاه إلى شرائها، وذلك كما يرى بسبب ساعات الحظر التي تبدأ من الفترة الليلية تلك الفترة التي كان يلجأ العديد من زبائنه فيها إلى الشراء، وذلك بعد أن يكونوا قد انتهوا من أعمالهم اليومية، موضحًا أنه حاليًا ومع الحظر الليلي ليس من المنطقي أن يترك أحدًا عمله صباحًا ويذهب لشراء زجاجة من الخمر.

كما أضاف "م.م" أن سوق الخمور بأزمة "كورونا" لم يعد رائجًا نتيجة تواجد العائلات مع بعضها البعض بتلك الأيام كثيرًا بسبب العزل المنزلي، وبالتالي لا يستطيع أيًا من أفراد هذه العائلات أن يتناول الخمور التي كان يتناولها في السابق بأغلب الأوقات خلسة دون علم أحد من أفراد أسرته، مشيرًا إلى أنه حاليًا وفي ظل أزمة "كورونا" زادت رقابة الأسرة على أفرادها فقل تناول مثل هذه المشروبات، وغيرها من الأمور الممنوعة.

أما عن غش الخمور، أوضح "م.م" أن الخمور المصرح بها يكون عليها ختم الضرائب ووزارة المالية ومسجل هذا على ورقة بغطاء الزجاجة تسمى "باندارول"، مشيرًا إلى أن الخمور بشكل عام لا تقي من فيروس "كورونا"، حيث أن الكحول المستخدم للتطهير من هذا الفيروس كما ذكره الأطباء هو كحول إيثيلي ذو تركيز 70%، بينما أكثر الخمور تركيزًا لا يتعدى تركيزها الـ40% فقط.

كذلك أكدت منظمة الصحة العالمية، أن تناول المشروبات الكحولية لا يقي من عدوي فيروس كورونا ولا يمثل علاجًا لها عند الإصابة بها، وأضافت في منشور لها أنه لتقليل الإصابة بعدوي كورونا يجب غسيل اليد جيدًا بالماء والصابون أو فركها بمطهر كحولي وتغطية الأنف والفم والعين واستعمال المناديل عند العطس مع تجنب المخالطة القريبة لأى شخص يعاني من الحمى والسعال.

وحذرت دكتورة شيرين على رزق، عضو مجلس النقابة العامة للأطباء البيطريين، من لجوء البعض إلى استبدال الكحول الميثيلي بدلًا من الكحول الإيثيلي أو الأيزوبربيل الذي يستخدم في التطهير والتعقيم، وذلك لعدم توفره بعد الإقبال الشديد عليه خلال الفترة الأخيرة، موضحة أن هناك الكثير من صانعي الخمور المغشوشة يلجأون إلى استخدام هذا الكحول بالغ الضرر بالصحة.

ويذكر أنه في يناير من هذا العام أصيب 5 أشخاص بالتسمم، إثر تناولهم خمورًا وكحوليات مغشوشة ومخلوطة بـ "الكحول الميثيلي والسبرتو الأحمر"، خلال احتفالات رأس السنة الجديدة 2020 بالإسكندرية.

و حذر على إثر ذلك مركز السموم بالإسكندرية من تناول الخمور المغشوشة، موضحًا أن لها أضرار خطيرة، حيث تسبب حمضية شديدة بالدم، ويتطلب علاجها، غسيل كلوي فوري إضافة إلى تأثيرها السلبي على الجهاز العصبي المركزي، كما أضاف بيان مركز السموم، أن الخمور المخلوطة بـ"السبرتو الأحمر" تسبب نزيف بالمخ وارتشاح شديد وغيبوبة، فضلًا عن تأثيرها الشديد على الرؤية، والتي قد تنتهي بفقدان البصر والعمى الدائم.

وعلى الصعيد العالمي، وعلى سبيل المثال لا الحصر، ارتفع بإيران عدد الوفيات جراء تناول خمور مغشوشة إلى 272 فردًا، إثر انتشار ادعاءات تقول بأنها مفيدة ضد فيروس كورونا.